نقاط على الحروف
السّيد
يستذكر "العهد" في أجواء عيد المقاومة والتحرير مقالًا نشره الكاتب نصري الصايغ في صحيفة "السفير" في أيار/ مايو 2000 بعنوان "السيد":
سيد المقاومة والتحرير ليس لقباً للسيد حسن نصر الله هذا هو اسمه الحقيقي، الى جانب اسمه الحقيقي الآخر، واسمائه الكثيرة التي تبنته، وكان جديراً بالانتماء إليه.
السيد حسن نصر الله .. لا لقب له، هو هكذا، لا يشبه أحداً قبله.. وسيتشبهون به بعده ليس مضافاً، وسيضافون إليه. كان الجنوب مشتاقاً لهوائه.. فجاءه معطراً بأنفاس النبوة مغمساً بقرابين الدم، كالغناء المتواضع دخل واستقر حداءً، وقبضات، وصلاة وحنيناً، ومجازفة.. وعشقاً.
كانت البلاد تنتظر فارسها.. ها هو المعراج الأرضي. مرّ من الأمكنة، وبلغ سفوح الجباه العالية، ورصد فيها جبروت أمة وعزة وطن. كانت الجموع تنتظر أن يصل.. لم يدركوا انه كان هناك من زمان، بعيد وأنه سبقهم الى الجنوب قبل التحرير وأنه قال:
قم سنرجع: فرجع ومعه كوكبة من الحالمين الذين فتحوا للجنوب نوافذ الضوء على الوطن والحرية والتاريخ.
سيد المقاومة والتحرير، ليس لقباً للسيد حسن نصر الله، فهذا اسمه الحقيقي.. الى جانب اسمائه الأخرى. أمس حضر الى بنت جبيل، التي كانت على اتساع الوطن، فامتدت يده الى كل الوطن، لتصافح وتصالح وتهدي النصر الى من يستحقه من شهداء، والى من يستحق أن يحافظ عليه عبر ميثاق للحبة والتضحية بلا تمييز بين طوائف. امس قال السيد كلاماً ناصعاً متوجاً برفعة التواضع بشموخ التراحم، وعزة الوفاء.
جاء في الإنجيل المقدس من ارتفع اتضع ومن اتضع ارتفع، وكان السيد مثال الذين رفعوا المقاومة بتواضعهم، فهذا النصر الذي أنجزت المقاومة الإسلامية ما يقارب المئة بالمئة منه، إلا قليلاً، لم يأسره السيد في حزب الله، منحه حق الانتماء الى الجميع، منحه نعمة الاحتضان من قبل الجميع، ودعا اللبنانيين إلى وليمة النصر، ليحافظوا على سلامة الجسد اللبناني المعطوب بالطائفية. قال السيد كلاماً كذب فيه المشعوذين والتتار والذين يبشرون بالخوف ويتربصون للانتهاز.. قال السيد، ممنوع أن نقتل أحلامنا بايدينا.. ومن الآن فصاعداً، كل شيء يبدأ.
لبنان يبدأ من جديد.. منتصرا بقوته لا بفلسفة ضعفه. فلسطين ستبدأ من جديد.. طلاقاً مع أوسلو، وانتفاضاً على محتل. والعرب قد يبدأون من جديد.. فراقاً مع تطبيع وقطعاً لعلاقات يسرت الكثير من الهوان والذل والمهانة والضياع. والعالم قد يفهم من جديد.. أن لبنان يُعرف بعد اليوم، بالمقاومة والنصر والتحرير و"اسرائيل" ستعي ان روزنامة "اسرائيل" الكبرى، و"إسرائيل" الصغرى قد بدات تتنازل أوراقها، كآخر الفصول للازمنة لدى السيد كلام آخر.
أزمنة الماضي "محوناها".. أزمنة المستقبل صنع أيدينا ومن اكتشف أن الموت قوته، هانت عليه الحياة. وما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة، أمس بايع السيد المقاومة ولبنان ورفعهما الى مرتبة القدوة، الى بلاغة النهج الى مقام الحرية.
ولم ينس أن هذه المقاومة نتاج شهداء سبقوا وشهداء أحياء، وشهداء شهدوا بالقلم والحب والعشق والابتسامة فكان النصر. لكن النصر الأصعب الذي بشر السيد به هو ان يقتنع اللبنانيون للمرة الأخيرة، بأنهم شركاء في هذا النصر، كما هم شركاء في الوطن، كما هم شركاء في المصير. وكل كلام دون هذا المقام، يستحق الدينونة، لأنه يجني على المقاومة وعلى نفسه. لم يكن السيد أمس الأمين العام لحزب الله لم يكن شيعياً بالمعنى اللبناني المتداول، ولا كان من طينة الذين يشبون على شيء ويشيبون على سواه. كان إنساناً.. لبنانياً في الصميم.. عربياً بالاصالة.. مسلماً بالدعاء والإيمان.. وحضارياً بالمعنى الجديد المبتدع، حيث أنجز تحريراً، لم تلوّثه نزعة الكبرياء، ونزوة الثأر.. لقد أنجز فتحاً نظيفاً وتحريراً ناصعاً. ..غداً تنتظم الفصول الأربعة.. غداً.. مسؤولية أخرى. وعلى اللبنانيين أن يخرجوا من زنازين الطوائف ويحطموا معتقلاتها النتنة، ويرتاحوا الى كف الانتصار الممدودة للجميع.. بلا استثناء.
للسيد نقول شكراً.. وعهداً.. وإنا للوطن لراجعون.
"السفير" - لبنان
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024