معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

خبر عاجل: عملية الوعد الصادق‎‎
12/07/2022

خبر عاجل: عملية الوعد الصادق‎‎

ليلى عماشا

 

مَن لم يقرأ الخبر العاجل في ذلك اليوم، عرف به من صوتِ الجيران والمارّة وهم يتناقلون البشارة ويوزّعونها مع ما تيسّر من حبّات الحلوى وعبارات التهنئة والتبريك: المقاومة أسرت جنديين إسرائيليين في خلة وردة... صوت المفرقعات وصيحات البهجة في الأزقّة بالضاحية تولّى بثّ النبأ لمن تأخر عن سماعه حين دوّت الكلمات المعلنة عن غنيمة الصباح التمّوزي المجيد: المقاومة الإسلامية تفجر عبوة ناسفة لدى مرور قوة عسكرية إسرائيلية مؤلفة من ثمانية جنود في "خلة وردة" في خراج بلدة عيتا الشعب وبعد اشتباكات عنيفة تمكن مجاهدو المقاومة من قتل 3 وأسر جنديين تم نقلهما إلى جهة آمنة.

 

مشاهدُ الفرح العزيز استعادت ذاكرة التحرير الطازجة في ذلك الحين، بل أضيفت إليها بشكل جعل بهجة أيار ٢٠٠٠ تتكامل مع عزّ ١٢ تموّز ٢٠٠٦، ولتشكّل لوحة واحدة تظهر حقيقة أن خيار المقاومة هو خيار مولود في أرواح الناس، وأنّ الخطّ المقاوم بكل محطّاته هو مسار لم ينفصل يومًا عن الوجدان الشعبي، وأنّ قتال "إسرائيل" والعداء الوجودي نحوها هو نهجٌ أصيل في ثقافة أهل المقاومة. ولذلك، كان صدى الخبر العاجل المبشّر بعملية الوعد الصادق فرحة استقرّت في صدور المؤمنين بالحق بالمقاومة، وبالتأكيد ترك بالمقابل غصّات في قلوب الذين راهنوا مرارًا على "اسرائيل" وخابوا.

خبر عاجل: عملية الوعد الصادق‎‎
مشاهد من الاحتفالات الشعبية في الضاحية الجنوبية لبيروت بنجاح عملية الأسر في 12 تموز 2006

 

اليوم، بيننا وبين ذلك الخبر ستة عشر عامًا توالت فيها الأخبار والأحداث والمحطّات التي تفاعل معها أهل المقاومة، والتي أظهروا عبرها التفافهم حول مقاومتهم وارتباطهم الأصيل بكل تفاصيل منظومتها، ولعل أبرز المحطات التي تلت تموز ٢٠٠٦ وشابهته توهّجًا كانت أصداء المعارك ضد التكفيريين في سوريا ولا سيّما معركة القصير وكذلك المواجهة الاقتصادية والتي إحدى أبهى صورها هو استقدام بواخر المازوت من الجمهورية الاسلامية في إيران.

تختلف طريقة تعبير وتفاعل الناس عمومًا مع الحدث بحسب تأثيره المباشر عليهم، وبحسب وعيهم لأسبابه ولأهدافه ولنتائجه. بالمعيار الأوّل، كان ردّ فعل أهل المقاومة على خبر عملية الأسر مشهدًا يؤكد جهوزية هؤلاء الناس للفداء في طريق الحق. فهم الذين يعرفون جيّدًا مدى العدوانية والهمجية الصهيونية، لم يتخلّوا عن شعورهم بالاعتزاز الذي حلّ فيهم منذ أن أعلنت المقاومة عن أسر الجنديين، ولم يقعوا في أفخاخ الترهيب التي نصبها الصهاينة وأعوانهم المحليّون في سبيل عزل المقاومة عن نسيجها الاجتماعيّ الضام. وبالمعيار الثاني، وهو معيار الوعي لضرورة العملية ونتائجها، فقد شكّل الناس، "أشرف الناس"، حلقة وعي مقاتل نجح في التصدي لأهداف العدوان الذي استمر لثلاثة وثلاثين يومًا وانتهى بنصرٍ إلهيّ عظيم.

على المستوى الوجداني، ترك خبر نجاح عملية الأسر علامة تزداد سطوعًا كلّما مرّ عليها الزّمن. ترى أهل المقاومة اليوم مستبشرين في كل مرة يستعيدون فيها ١٢ تموز وذكرياته، وتراهم يتهيأون لإحياء ذكرى الوعد الصادق بكمّ هائل من الفخر النوعيّ، حتى تخالهم جميعًا سمعوا صوت خطوات المقاومين وهم يسيرون في خلّة وردة، وجميعًا عاشوا تلك اللحظات الحافلة باللهفة وبالدقّة التي نُفذت خلالها العملية، بل وجميعًا كانوا دروعًا من أدعية تحيط بالسيارة التي أقلّت الأسيرين إلى "جهة آمنة"، إلى الجهة التي يعجز الصهيوني عن استردادهما فيها بدون الرضوخ لشروط المقاومة.

عدوان تموز 2006

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل