نقاط على الحروف
اعترافات بومبيو: "أمريكا أمّ الإرهاب"
بغداد - عادل الجبوري
ولعل الملاحظة المدخلية المهمة بشأن الحوار مع بومبيو، تتمثل في أن الوسيلة الاعلامية التي أجرته، هي قناة "العربية" السعودية، المعبرة بصورة واضحة وصريحة عن سياسات وتوجهات ومواقف النظام الحاكم في الرياض، بحيث إنها لا تمتلك أي هامش ولو كان صغيرًا للرأي الآخر، مما يعني أن مشروع الحوار مع بومبيو ومضامين ذلك الحوار وما كان يراد له من رسائل ومخرجات، لم يوضع من قبل شخص أو فريق تحريري من كادر القناة، واذا كان كذلك، فإن الخطوط العامة رسمت من قبل دوائر سياسية عليا.
والملاحظة الأخرى، أن توقيت اجراء الحوار وبثه جاء قريبًا من موعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن للسعودية، والجدل والسجال الدائر بشأنها في دوائر سياسية مختلفة في الرياض وواشنطن وعواصم أخرى، لا سيما مع تأكيدات بايدن أنه ذاهب الى السعودية للمشاركة في اجتماع دولي وليس للقاء ولي العهد محمد بن سلمان، في إشارة الى ثبات موقف واشنطن من قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في داخل قنصلية بلاده بمدينة اسطنبول التركية في الثاني من شهر تشرين الاول-اكتوبر من عام 2018.
بومبيو كرر ادعاءات ادارته أن العالم أصبح أكثر أمنًا بعد اغتيال اللواء سليماني، وأنه بفعل الجريمة الإرهابية هذه تمت حماية أرواح أعداد كبيرة من الأميركيين، بيد أن الواقع يشير إلى عكس ذلك تمامًا، فالولايات المتحدة الأميركية بارتكابها جريمة اغتيال اللواء سليماني والحاج المهندس، إنما قدمت الى تنظيم "داعش" الارهابي هدية ثمينة للغاية، بحيث إن ما عجز عن تنفيذه ذلك التنظيم نفذته الولايات المتحدة بطريقة غادرة.
واذا كانت واشنطن من وراء استهدافها للواء سليماني والحاج المهندس، كانت تسعى الى ضرب واضعاف وتحجيم جبهة المقاومة، فإنها في واقع الأمر حصدت نتائج عكسية، اذ ان جبهة المقاومة اكتسبت مزيدًا من القوة والارادة والتأييد في مختلف الساحات والميادين والمواقع. في ذات الوقت الذي تسببت فيه عملية الاغتيال بالكثير من الاضطراب والارتباك الامني والسياسي في دوائر القرار بواشنطن و"تل ابيب" ولندن وعواصم دولية واقليمية اخرى، الى جانب القلق والتململ الواضح في أوساط الرأي العام هناك في اطار ترقب الرد.
فعلى سبيل المثال، لا يجد المتابع والمراقب صعوبة في رصد طبيعة التوجهات والمواقف والاراء المجتمعية والنخبوية الناقدة في الولايات المتحدة لسياسات البيت الابيض سواء في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، أو خلال عهد الرئيس الحالي جو بايدن.
النقطة الجوهرية الأخرى في حديث بومبيو، هي أنه اعترف بشكل أو بآخر بمشاركة أطراف داخلية في التمهيد لعملية الاغتيال وتنفيذها، من دون أن يدرك أنه باعترافه هذا انما يكون قد فضح بعضًا من أتباع وأدوات واشنطن و"تل ابيب" في العراق، وأعطى دليلًا دامغًا على أن هناك اختراقات خطيرة للمنظومات الامنية والسياسية والمؤسساتية العراقية، فضلًا عن تعزيز الملف القضائي الجنائي لاغتيال الشهيدين بأدلة ومعطيات وارقام جديدة، يمكن أن تحرج واشنطن ومن ساعدها على ارتكاب الجريمة بدرجة أكبر.
وما هو أخطر، أن اعترافات وزير الخارجية الاميركي السابق، أكدت بما لا يقبل اللبس والغموض، أن السفارة الأميركية في بغداد، تمثل وكرًا ومقرًا لوضع ورسم وتنفيذ العمليات الارهابية أكثر من كونها مقرًا للتمثيل الدبلوماسي، وهو ما أثبتته الكثير من الأحداث والوقائع طيلة الأعوام الماضية، وإلا هل يتطلب العمل الدبلوماسي تواجد أكثر من خمسة آلاف شخص، ومختلف أنواع الأسلحة والمعدات وشتى نظم المراقبة والتجسس والترصد؟
ربما أراد بومبيو أن يؤكد ويثبت صحة سياسات ادارة ترامب الارهابية، وأهمية دوره المحوري في ترجمة تلك السياسات على أرض الواقع، واظهار ضعف بايدن وفريقه، لكنه ربما لم يلتفت الى انه اعترف بأنه ورئيسه ومجمل أركان ورموز وشخوص نظام بلاده ليسوا سوى مجموعة ارهابيين لا يعرفون إلا منطق الحرب والقتل والتآمر والتخريب والتدمير، ولم يلتفت الى أن هناك ثمنًا باهظًا ينبغي دفعه عاجلًا أم آجلًا.
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024
ضاحية السيد: مدينة تسكننا!
16/11/2024
الانهزاميون ينتشون بفائض الحرب والتدمير
15/11/2024