نقاط على الحروف
هل انتهت أشهر العسل بين السعودية والقوات؟
محمد باقر ياسين
أشهرٌ طوال مضت كشفت لنا العلاقة الوطيدة بين المملكة العربية السعودية ووكيلها في لبنان حزب "القوات اللبنانية". وقد تطورت هذه العلاقات مؤخراً حتى فضلت السعودية سمير جعجع على العلاقة التاريخية مع آل الحريري، وسخرت له كل الأسلحة الممكنة لكي يخوض معركة الانتخابات النيابية. لكن نتائج الانتخابات وما تلاها من انتخاب رئيس المجلس ونائبه وهيئة المكتب، وجهت ضربة تكاد ان تكون قاضية للمساعي السعودية المنشودة. فهل ستنتهي أشهر العسل بين السعودية والقوات؟
بدايةً، لابد من الوقوف عند خبر مغادرة السفير السعودي وليد البخاري بيروت، نهاية الأسبوع الماضي، إلى الرياض في زيارة لأخذ قسطٍ من الراحة بعد انتهاء الانتخابات النيابية، بحسب ما نقلت عنه مصادر مطلعة نقلتها جريدة "الأخبار" اللبنانية.
من حق السفير السعودي الراحة بعد عمله الدؤوب في الاشراف على الماكينة الانتخابية لخصوم محور المقاومة، وترتيبه اللوائح وقيامه بالزيارات المكوكية، واستعانته بشخصيات متعددة المذاهب من أجل كسر المقاطعة الحريرية وتأمين أصوات للقوات اللبنانية. ولكن من المفيد الوقوف أيضاً عند ما اعترف به فؤاد السنيورة بقوله " النتيجة التي رأيناها في الانتخابات خاصة في الساحة السنية هي نتيجة الدعوات الصريحة التي اطلقت من عديدين (قاصداً السفير بينهم) وانا منهم ودار الفتوى وآخرين بالمشاركة الكثيفة، وهذا ما غيّر الميزان وأسقط رموزاً وانتقلت الأكثرية من مكان الى مكان". ولكن رغم كل هذا العمل، حدث الذي لم يكن بالحسبان وأظهرت نتائج الانتخابات عكس ما تشتهي سفن البخاري وبالطبع سفن أمرائه في السعودية وأزلامه في لبنان.
وبالعودة إلى "زيارة النقاهة" للبخاري، توافرت معلومات وبحسب "الأخبار" تفيد بأن "الزيارة تأتي بناء على استدعاء من الرياض لـ"التشاور"، وأن السلطات السعودية تدرس احتمال تعيين سفير جديد في العاصمة اللبنانية ربطاً بنتائج الانتخابات النيابية الأخيرة التي لم تأت على قدر آمال المملكة.
اللافت بعد عودة البخاري إلى المملكة أن موقع "قناة العربية" نشر مقالاً للكاتب المحسوب على السعودية "علي شندب" تحت عنوان "التغييريون بين جعجع وأكثرية الـ65"، استهدف من خلاله حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع بشكل مباشر غامزاً من مصداقيته، حيث استخدم حديثه عن نتائج الانتخابات النيابية وعن الأكثرية في المجلس ليكيل التوبيخ لرئيس القوات، وبعبارات عدة نقتبس منها:
1ـ " في أول اختبار جدي سقط وهم الأكثرية النيابية المدّعاة من طرف جعجع، وكشفت انتخابات رئاسة المجلس وهيئة مكتبه عن إمساك حزب الله بالأكثرية التي أمّنت فوز نبيه بري ونائبه إلياس بوصعب، وأمين سر المجلس الآن عون.
2ـ " رقم الـ 65 هذا الذي حصده الفائزون يمثّل الشيفرة غير السرية لاستمرار إمساك حزب الله وتحالفه بمقاليد الأمور. إنّه الرقم الذي يعني بلغة النصاب التصويتي البرلماني "النصف زائد واحد" من أعضاء المجلس. وهو الرقم الذي يكشف الأكثرية الحقيقية المختلفة تماماً عن أكثرية جعجع الوهمية ".
3ـ " توازياً مع الهزيمة والخيبة التي أصابت القوات اللبنانية وحلفاءها، يبدو أن جعجع والمناهضين لحزب الله وتحالفه، قد وقعوا في فخّ حسن نصرالله، عندما اعتبروا إقراره بعدم امتلاكه وغيره من القوى السياسية للأكثرية النيابية مكابرة تغلّف هزيمته غير المنكرة".
ويجدرالتأكيدعلى المقال المذكور لا يمكن أن يتم نشره وعلى موقع الرسمي لـ"قناة العربية" السعودية، إلا إذا كان يعبر عن الرأي السعودي الرسمي من نتائج الانتخابات النيابية.
ملاحظة ثانية كانت لافتة أيضاَ وهي اختفاء الأخبار المتعلقة بسمير جعجع وتصريحاته والنواب الذين ينتمون لكتلة القوات اللبنانية وأخبارهم عن مواقع الصحف الخليجية، وبشكل دقيق بعد إعلان فوز الرئيس بري برئاسة المجلس، بعدما كانت تتصدر وبشكل يومي القنوات والمنابر الإعلامية والمواقع السعودية.
من الواضح أن نتائج الانتخابات النيابية شكلت صفعة على خد المشروع السعودية ـ الأمريكي في لبنان. وأتت الصفعة الثانية، عندما فاز رئيس مجلس النواب ونائبه وأمين سره بأكثرية واضحة وصريحة لمحور المقاومة. فانكشفت الهزيمة التي مني بها الحلف السعودي، وبان كذب ادعاء رئيس القوات اللبنانية بفوز محوره بالأكثرية النيابية.
بعد هذه الهزيمة والتوبيخ السعودي لجعجع عليها علناً، هل انتهت أشهر العسل بين السعودية والقوات؟
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
09/11/2024
أمستردام وتتويج سقوط "الهسبرة" الصهيونية
08/11/2024
عقدة "بيت العنكبوت" تطارد نتنياهو
07/11/2024