معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

الاحتلال السعودي يحتفل في لبنان
25/05/2022

الاحتلال السعودي يحتفل في لبنان

لطيفة الحسيني

على نحو مباغت، يحضر المفتي الشهيد حسن خالد في دارة السفير السعودي في لبنان وليد البخاري. المُلبّون لـ"فرمان" "طويل العمر" كُثر. تغصّ الباحة الخارجية بجمْعِ المُهرولين. النواب "التغييريون" هنا. "يُغيّرون" كراسيّهم ومقاعدهم في الحفل، يتنقلّون بين الموائد حتى يصلوا الى الداعي إليها.

في الصورة أسماءٌ عديدة. بعضها اعتاد ركوب موجات كلّ ما هو آتٍ من الجزيرة العربية. بحُلوِها أو مُرّها يتجرّعه. المهمّ أنه ليس من بلاد "فارس". لـ32 عامًا، لم يخطر على بال السعوديين إحياء أيّة مناسبة لبنانية. اليوم يتبدّل كلّ شيء. فجأة، "تُنبش" رزنامة لبنان والاغتيالات فيه، فيفوز السفير بذكرى تنسجم والنوايا المُبيّتة. تاريخٌ يعقب استحقاقًا مفصليًا: الانتخابات النيابية.

الاستغلال على حاله. قبل الانتخابات وبعدها. العملية مستمرة. لا يكتفي البخاري بتغريداته النشيطة، يريد المزيد. أمام العشرات يتحدّث مُحتفلًا بالنتائج المُحقّقة. إثر إطلاقه توصيفه الخاص للاستحقاق "نتائجَ الإنتخاباتِ النيابيّةِ اللُّبنانية تؤكّدُ حتميّةَ تَغليبِ مَنْطِقِ #الدولةِ على عبثيَّةِ فوائضِ الدُّوَيلَةِ المُعَطِّلَةِ للحياةِ السياسيّةِ والاستقرارِ في لبنان"، يحرص السفير على استكمال عراضته وتصديق حديث النصر. يقول "نحن في السعودية نزيل كل عتمة بضوء الحقيقة لكي يتعلم الجميع منها"، ويضيف "اغتيال المفتي حسن خالد كان مقدمة لاغتيال كل لبنان الذي يعيش أيامًا صعبة على كل المستويات وفي مقدمتها هويته العربية وعلاقته بمحيطه العربي".

الكلّ يُصفّق ومندهش بـ"جمالية" الكلام. انبطاحٌ مفضوح وكأنّ كلّ ما اقترفته مملكة الإجرام والإرهاب منذ تأسيسها الى اليوم من القمع والقتل والإعدام والاغتيالات لا يعدو كونه إشاعات و"خبريات" صالونات.

في الكلمة احتفال بنجاح، لكن أين الغلبة في كلّ الحكاية؟ السفير سعودي والاستحقاق لبناني. يتقصّد البخاري استضافة أكبر عدد من النواب السنّة للتركيز على من دُعموا انتخابيًا. غير أن تفاصيل المعركة التي خيضت في 15 أيار الفائت، تُبيّن أنه من أصل 24 مرشّحًا مدعومًا من المملكة فاز اثنان فقط في كلّ لبنان، فيما هناك 25 نائبًا سنيًا آخر في المجلس الجديد.

بثقةٍ وقحة، يزّف البخاري لـ"المفتي حسن خالد نتائج الانتخابات المشرّفة وسقوط كل رموز الغدر والخيانة وصناعة الموت والكراهية". بكلّ بساطة، يظنّ أن من يسمعه مغفّل أو ربّما أصمّ. من يتحدث عن صناعة الموت؟ موفد أكثر البلاد دعمًا للتكفيريين والانتحاريين في معظم دول العالم. رسول الجزّارين وقاطعي الرؤوس وناشري العظام. يتفوّه والكلّ يُطأطئ برأسه وكأنّ وَحْيًا أُنزل عليهم، أو آية تُتلى!

أولئك هم أنفسهم من لا يجدون سوى نغمة الاحتلال الإيراني ليُطلقوا المواقف ويُصعّدوا مقابل نيل رضى "طويل العمر". ماذا لو أراد سفير الجمهورية الإيرانية أو سوريا أو الصين أو روسيا حتى تكريم الفائزين بالانتخابات؟ حُكمًا سيتحوّل "السياديون" ومُلازمو السفارات الى أبواق لا تهدأ، "تكذّب وتسلّي" الجميع. تسترخص الكلام لأنه مجاني، تُكرّر وتُكرّر الى أن تكلّ من أجل الغرق في وحْل الانبطاح والتذلّل.

الأمر محسوم. المشهد مقسوم. الجوّ مشحون. البخاري شكّل جماعته. يستدعيها متى يريد. يُقاطعها كيفما يشاء. الأدوات والشخصيات مُتاحة في أيّ وقت، والتفرّغ لأوامره حاصل. تدخّل علني لا يُعرقله إجراء رسمي واحد من الدولة اللبنانية. أمّا الاحتلال الإيراني فيبكي تظلّمه وغيْبته: هل من ناصر؟

 

وليد البخاري

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

التغطية الإخبارية
مقالات مرتبطة

خبر عاجل