معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

مؤسسات التنمية الأسرية ضرورة حياتية وضمانة مجتمعية
24/11/2021

مؤسسات التنمية الأسرية ضرورة حياتية وضمانة مجتمعية

د. هاني حيدر

في ظل التدهور الاقتصادي الحاصل تبدو الحاجة يومًا بعد يوم إلى التعاون والتضامن بين أفراد الأسرة الواحدة من أجل زيادة إنتاجها. فلم يعد الراتب الشهري لرب الأسرة وحده كافيًا لتأمين احتياجاتها ومتطلباتها المعيشية والحياتية من مأكل وملبس وطبابة وتعليم وما إلى ذلك، الأمر الذي يستدعي استنفار أعضائها من أجل توظيف مهاراتهم في مشروع إنتاجي يزيد من مدخول الأسرة وإنتاجيتها.

إن تحول الأسرة التقليدية إلى أسرة منتجة يعتمد بشكل أساسي على إمكانيات ومهارات أعضائها من ناحية وعلى البيئة التي تتواجد فيها من ناحية ثانية. فالأعمال والمشاريع الخاصة بالأسرة التي تعيش في الريف تختلف عن تلك التي تعيش في المدينة، وهو ما يشكل تحولًا في حياة الأسر لا سيما بالنسبة لمشاركة الأبناء المراهقين، خصوصًا إذا كانوا يتابعون دراستهم من ناحية، ومشاركة الأم التي لم تعتد على القيام بعمل مهني بموازاة عملها المنزلي والعائلي من ناحية ثانية.

لذلك كان لا بد من جهة ترعى هذه المشاريع وتتابعها إما من خلال الدولة عبر مؤسساتها العامة لا سيما وزارات الشؤون الاجتماعية والعمل والبلديات وإما من خلال المؤسسات الأهلية من أحزاب وجمعيات خيرية ومراكز اجتماعية. وفي ظل تدهور الدولة وتراجع القطاع المصرفي يصبح العبء الأكبر على المؤسسات الأهلية للقيام بمثل هذا الدور من خلال إنشاء مؤسسات التنمية الأسرية التي تعمل على دعم المشاريع الأسرية المنتجة وتحديد الأعمال والمشاريع الملائمة لكل أسرة.

إن توجيه كل أسرة إلى المشروع الذي يناسبها هو أمر في غاية الأهمية لأن جهل هذه الأسر بطبيعة المشاريع المنتجة يمكن أن يكون عائقًا أمام مبادرتها إلى العمل والإنتاج، بالإضافة إلى دور هذه المؤسسات في تأمين التمويل والخبرات البشرية والمدخلات الضرورية بحسب كل مجال من المجالات.

إن وظيفة هذه المؤسسات التنموية هي العمل على إنشاء بنوك من المشاريع مع دليل كامل حول كيفية بناء مشروع زراعي أو حيواني أو حرفي أو صناعي أو دورات تدريبية، ولا بد لهذه المؤسسات من خبراء يعملون على الإشراف على هذه المشاريع ومتابعتها وتقديم ما يحتاجه أصحابها من إرشاد ودعم من أجل تحقيق الأهداف الإنتاجية المنشودة. ومما لا شك فيه أن المشاريع الزراعية وتربية المواشي والتصنيع الغذائي هي الأكثر قابلية لسكان القرى وقاطني الريف أما أهل المدينة فلهم أعمالهم ومشاريعهم المختلفة.

إن شراكة هذه المؤسسات التنموية مع الأسر المنتجة يضمن لهذه المؤسسات الحفاظ على أموالها من جهة ويحفظ لها حقها في الإشراف على هذه المشاريع ومتابعتها من جهة ثانية، وذلك من أجل ضمان نجاح هذه المشاريع وتطويرها، لكي تتمكن هذه الأسر بعد عدة سنوات من تأمين استقلالها المادي بالإضىافة إلى الخبرة الكافية التي تساعدها في الاعتماد على نفسها وتطوير مشروعها.

كما يمكن للمغتربين والمقتدرين ماديًا دعم هذه المؤسسات التنموية وتأمين ما تحتاجه من مستلزمات وتجهيزات بحسب طبيعة كل مشروع ومتطلباته، بالإضافة إلى دورهم في تقديم الأفكار والخطط التي تساعد في إنشاء مثل هذه المشاريع وتطويرها بما خبروه من تجارب في الدول التي عاشوا فيها.

وهنا لا بد من الاستفادة من خبرات وتجارب العديد من الدول كسويسرا وبريطانيا وغيرهما التي تعتمد على مؤسسات التنمية الأسرية للوقوف عند مشاريعها الإنتاجية وآليات عملها والشروط الواجب توفرها في الأسر المستهدفة وكيفية متابعة هذه المشاريع وضمان نجاحها. فالتضخم الحاصل لا يمكن مواجهته فقط من خلال المساعدات الدورية التي تقدم للأسر بل من خلال مساعدتها على إنشاء المشاريع المنتجة وهو ما يضمن زيادة مدخولها وتماسكها وبالتالي استقرار المجتمع وازدهاره.

العمل الاجتماعي

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف

خبر عاجل