معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

على مذبح شاتيلا وواشنطن.. وبعض العرب!
17/09/2020

على مذبح شاتيلا وواشنطن.. وبعض العرب!

هيثم أبو الغزلان

تظلُّ مجزرة (صبرا وشاتيلا)، التي نفّذها حزب "الكتائب - القوات" بأوامر ومعاونة من جيش الاحتلال الإسرائيلي (من 16إلى 18/ 9/ 1982)، "هوية عصرنا حتى الأبدْ"، كما كتب الشاعر "محمود درويش". وليس مصادفة أن يُوقّع نظاما الإمارات العربية المتحدة والبحرين على اتفاقيتي "سلام" مع "إسرائيل" عشيّة ذكرى المجزرة، وليس مصادفة أيضًا أن يجمع شهر أيلول نكبات وخيبات فلسطينية ما ظهر منها وما بطن!  

في المقارنة بين المذبحتين اللتين تعرضت لهما فلسطين وشعبها؛ في شاتيلا وواشنطن؛ العدو واحد، والمنفذ واحد، وإن تعدّد العملاء. كانوا في شاتيلا يحصون الأنفاس ليقطعوها، واليوم يحاولون قطع كل شرايين الحياة عن فلسطين وشعبها.. هناك في شاتيلا كانت المجزرة عبارة عن ذبح من تبقّى على فراش الموت، أو في الطرقات، وتقطيع الجثث، ونهب البيوت وقتل أصحابها كلّهم بأبشع الوسائل وأحطّها، أما اليوم فإنهم يحاولون قتل فلسطين؛ بتقديمها هدية على مذبح الشوق والمحبّة لعدوّهم المهزوم من المقاومة، والذي يعيش كيانه على "شفا جرف هار" سينهار به عاجلًا أم آجلًا.

وفي وقت كان المجرمون يستبيحون صبرا وشاتيلا؛ فيقتلون ويمثّلون ويغتصبون ويسرقون أناسًا من المفترض أنّهم مشمولون بحماية بموجب اتفاق دولي بضمانة أمريكية، لكنّهم تُركوا هناك يُواجهون مصيرهم المحتوم، بينما سهّلت القنابل المضيئة "الأمريكية - الإسرائيلية"، والحصار الشامل للمنطقة المُهمّة القذرة للقتلة.

وأمّا التوقيع على الاتفاقيتين الجديدتين في واشنطن، فهو تخلٍّ واضح عن فلسطين وشعبها، وعن كل "الالتزامات" السابقة في ما عُرِف سابقًا بـ"المبادرة العربية للسلام" التي أطلقها "الرؤساء العرب" في العام 2002، وحينها لم ينتظر "آرييل شارون" أن يجف حبر المبادرة حتى اجتاحت قواته الضفة المحتلة.

وبعد سنوات غير قليلة، وبعد التوقيع على الاتفاقيتين في واشنطن، تعتبر صحيفة "يديعوت أحرونوت" في مقال افتتاحي للصحفي "درور يميني"، أن الاتفاقيتين تُعتبران "نهاية خطة السلام العربية"، وتركّز الصحيفة على غياب مسألة اللاجئين الفلسطينيين عن أي من بنود الاتفاقيتين، فيما حضر بقوة التركيز على مكافحة "التطرف والإرهاب"، والتعاون الاستراتيجي لتحقيق شرق أوسط جديد!

وانطلاقًا من المثل القائل من "فمك أدينك" تعتبر صحيفة "نيويورك تايمز" كما نقلت عنها "القدس العربي" أن "السلام الحقيقي يقتضي تسوية مع 4.75 مليون فلسطيني في الضفة وقطاع غزة ـ لا تذكر اللاجئين خارج فلسطين المحتلة ـ، حرموا من وطنهم طوال سبعة عقود، وستظل مأساتهم تجذب تعاطفًا من كل أنحاء العالم. وسيظل شعورهم بالإحباط مصدرًا للعنف".. لكن الصحيفة تعتبر أن عدم التقدّم على جبهة اللاجئين ضمن اتفاقيات "أبراهام"، ستعوّضه علاقة "إسرائيل" مع بقية الدول العربية، التي ربّما ستكون دافعًا "لحل عادل مع الفلسطينيين"، ولكن سياسة نتنياهو تسير في الوقت الحالي ضمن مقولة "سلام مقابل سلام" وهو راضٍ في الوقت الحالي عن التطبيع فقط.

لم تذكر الصحيفة اللاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين؛ لا أعدادهم ولا دورهم ولا وجودهم! قفزت عن حقيقة واضحة يمكن أن نلخّصها بما كتبه "أكرم مسلم" في روايته "بنت من شاتيلا" عن والد تلك البنت في المخيم "الجنرال الذي عركته الحروب، الذي بدأ حياته مقاتلًا في معركة الكرامة بالأردن، وبعدها في جنوب لبنان، وجاء إلى غزة في مشروع سياسي يخسر، وصار صاحب مقولة "لن يهدأ لي بال حتى يصنع الفلسطينيون الصواريخ كما يصنعون كعك العيد"، ومقولة "السلاح بيت اللاجئ... وإذا خسرناه ذبحونا بلا هوادة"... هذا الجنرال الذي يستشهد في لحظة روائية تمامًا في غزة وهو يصرّ على إنزال الرتب عن كتفه رتبة رتبة، كأنّه يرفض زمنًا كاملًا فيرمي النياشين عن كتفه وبيده الأخرى يطلق الصواريخ، بحثًا عن موت يليق بمقاتل، لا ضابطًا برتبة ورواتب".

وهذا يتساوق مع ما كتبه الشاعر الفلسطيني "خالد أبو خالد":
"لم يكذب الأطفال إذ كبروا، ولا اعتذروا من الشهداء
أو قبلوا من الأحياء أعذاراً
ولا أكلوا رغيفاً من أكاذيب السلام".

وهو نفسه من كتب أنشودة "زغردي يا أم الشهيد"، قائلًا:
نادي بعالي الصوت أوف يا عرب!

مجزرة صبرا وشاتيلا

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف