معركة أولي البأس

نقاط على الحروف

السمّ في عسل المساعدات.. ما هو مشروع الحبتور؟
27/12/2019

السمّ في عسل المساعدات.. ما هو مشروع الحبتور؟

محمد باقر ياسين

لبنان يعاني بلا شك من ضائقة اقتصادية تستفحل بشكل أكبر لدى الطبقات الأكثر فقرًا، ما استوجب ظهور أوجه عديدة من التكافل والتضامن بين فئات المجتمع للمساعدة بما تيسر من الحاجات الأساسية للأسر محدودة الدخل. لكن جهة خارجية دخلت على خط هذه المساعدات الإنسانية وأنشأت صندوق دعمٍ للأسر التي تعاني من الفقر المدقع، فمن هي هذه الجهة؟ وما خلفية هذه المساعدات؟

من البديهي الترحيب بأي مساعدة تأتي لتحسين حال الأسر محدودة الدخل، ولكن يجب التدقيق بالجهات التي تعطي هذه المساعدات فهي يمكن - وعلى الأغلب - أن لا تكون لوجه الله. في الآونة الأخيرة برزت دعوة من قبل رجل الأعمال والملياردير الإماراتي خلف الحبتور لإنشاء صندوق "لمساعدة الأسر الأكثر فقراً في لبنان" أطلق عليه اسم "الصندوق اللبناني لغد أفضل"، وقد انبرت وسائل إعلام محلية للترويج لهذا الصندوق دون التدقيق بالشخصية التي اقترحته والأهداف التي تصبو إليها، فمن هو خلف الحبتور؟

خلف الحبتور هو رجل أعمال وملياردير إماراتي معروف في عالم الأعمال، لديه فروعٌ كثيرة لأعماله في أكثر من بلد ومنها لبنان، لكن للحبتور تدخلات عدة في الشأن الداخلي اللبناني يمكن أن نلخصها بهذه النقاط:

- التحريض بشكلٍ مستمر على مكونٍ لبناني سياسي أساسيٍ والدعوة إلى التخلص منه كون هذا المكون - برأي الحبتور - هو أساس كل مشاكل لبنان، ولن يكون هذا البلد بأمان لا اليوم ولا في المستقبل دون تحقيق ذلك، وهذا المكون هو الثنائي الشيعي، حسبما يروِّج له.

- له اقتراحات محددة قدمها الى الجيش اللبناني حول كيفية التعامل مع المتظاهرين، وذلك عبر مواقف متكررة  منذ بدء الحراك إلى يومنا هذا.

- له مرشّحه لرئاسة الحكومة اللبنانية وهو اللواء أشرف ريفي، لأن الأخير بحسب الحبتور الوحيد القادر على التخلص مما أسماه "هيمنة الثنائي الشيعي على لبنان لصالح إيران".

- له اسهاماته في ارشاد وسائل الاعلام حول آليات العمل وكيفية تغطية المظاهرات والتركيز بشكلٍ كثيف على "المناطق الشيعية".

- طالب بتدويل الأزمة اللبنانية الحالية لأنه لا يرى أي جدوى من محاولات الحل السياسي دون ذلك، وحرض المجتمع الدولي على عدم دعم حكومة الرئيس حسان دياب.

وللحبتور رأيه الخاص في القضية الفلسطينية، فهو من أشد الداعين للتطبيع مع العدو الإسرائيلي، وهذا ليس اتهاماً منا له جزافاً، بل هذا ما قد عبر عنه بعددٍ كبيرٍ من التغريدات على حسابه الشخصي في تويتر وكذلك في مقابلاته الصحفية. نكتفي بعرض شاهد واحد. ففي مقابلةٍ له مع مجلة "عامي" اليهودية الأمريكية، دعا خلف الحبتور الدول الخليجية إلى التطبيع الكامل مع دولة الاحتلال، وأكمل قائلاً: "يجب علينا بدول الخليج أن نقول علناً إننا نريد إقامة علاقات مع "إسرائيل"، وأريد أن تكون علاقات الإمارات مع "إسرائيل" مفتوحة، يمكننا الاستفادة منها سياسياً واقتصادياً في كلا الجانبين، فالعرب واليهود هم أبناء عمومة، ومن الغباء أن يقاتل أولاد العم بعضهم البعض".

بالتالي، لا يمكن الفصل بين مواقف الرجل وأفكاره، وبين ما يقوم به على صعيد استغلال الحالة المعيشية لبعض الأسر في لبنان. فقد قام مؤخراً بـ"دعم" 10 آلاف عائلة لبنانية أي ما يقارب 40 ألف فرد، وقد ذكر أن فريق عمله يقوم بتأدية واجبه على أكمل وجه. هل هذا الكم من التقديمات منفصلٌ عن المشروع السياسي للرجل؟ أليس من الواجب التدقيق في ما يقوم به من دس لسم التطبيع في عسل المساعدات التي يقدمها للبنانيين، بداعي "الإنسانية والمحبة"؟

ختام القول، لا يمكن أن يقف أي شخص ضد مساعدات إنسانية لفئات مجتمعية باتت بأمس الحاجة اليها نتيجة السياسات الاقتصادية الظالمة على مرّ السنوات، لكن اليقظة والتنبه مطلوبان حتى لا يستثمر أحد بأوجاع اللبنانيين سياسيا، فقد أصبحنا في زمنٍ لا يقدم أحد شيئاً بالمجان وخاصةً الدول الخارجية إلا من رحم ربي.

إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف