نقاط على الحروف
مشكلة لبنان في سلطته الحاكمة
محمد علي جعفر
يعيش لبنان واللبنانيون حالة من الترقب لما ستؤول اليه الأمور خلال الفترة المقبلة، في ظل فضائح باتت حديث الشارع اللبناني والتي كان آخرها الفضيحة القديمة الجديدة لقطاع الاتصالات في لبنان، وغياب المناقصات في تلزيم المشاريع، وعدم وجود خطط ورؤية لكمية الخدمات ونوعيتها، وسلب صلاحية هيئة الرقابة، والإنفاق غير المشروع، والتناقض في التقارير، بالإضافة الى مشاكل أخرى، حُكي الكثير عنها خلال الأيام الماضية، شكَّلت مادة كافية لفضح الخلل في قطاع الاتصالات في لبنان. لكن الأرقام التي فضحتها لجنة الإعلام والاتصالات النيابية لا تدل على العقلية السائدة في إدارة ملف يتعلق مباشرةً بيوميات المواطن اللبناني فحسب، بل تدل أيضاً على عقلية الحكم وإدارة الدولة وحجم اللامسؤولية في التعاطي مع مصالح الدولة والمواطن. فكيف يمكن تفسير غياب كلٍ من وزير الاتصالات وإدارة شركة الاتصالات عن جلسات اللجنة النيابية المعنية بالتحقيق؟ وكيف يمكن تفسير الإصرار حتى الساعة على التعامل بالدولار فيما يخص فواتير الخليوي في وقتٍ يجب فيه دعم العملة الوطنية في ظل أزمة نقد؟
اليوم، يراهن اللبنانيون على دولة لا تمتلك القدرة على إدارة مصالح المواطن، وتعيش حالة من الانفصام عن الواقع، ناهيك عن التناقضات الطاغية على سلوك الطبقة الحاكمة. لا أحد يُجيب المواطن على تساؤلاته المتعلقة بالمشكلات الحقيقية ومخاطرها. فيما يخص المعالجات، يُقدم الجميع معالجته للوضع الإقتصادي دون أن تكون هناك رؤية موحدة. ويُجيِّر الجميع أوراقهم في بازار السياسة اللبناينة دون أي منافع تصب في صالح المواطن حتى الساعة. والنقاش في موازنة 2020 بات نقاشًا في الأحجام والحسابات السياسية.
على المقلب الآخر، تأتي زيارات بعض المسؤولين للخارج. فعلى الرغم من اعتراف المسؤولين بصعوبة الأزمة والحاجة الضرورية لمعالجة الوضع المتفاقم الى حد الانهيار، لم يقتنع بعض أهل السلطة بضرورة التوقف عن الرهان على حلول خارجية قد تأتي من مؤسسات دولية، خصوصاً أن كافة الدول باتت تحت رحمة الأزمات الاقتصادية وبالتالي فهي ليست في وارد الاكتراث لمصالح الللبنانيين. ناهيك عن أن الجميع في الخارج بات على دراية بمشكلات لبنان الحقيقية، وهو مُقتنع أكثر من المسؤوليين اللبنانيين بأن أزمات لبنان بنيوية وتعود لأسباب تتعلق بعقلية إدارة الدولة، وبالطبقة الحاكمة غير الجديرة بالحكم. وبالتالي يدرك الجميع أن أي عملية تمويل لحلول لن تؤدي الى نتائج فعلية.
ولا يكتفي البعض بتسول الخارج، بل يستخدم زياراته للاستعراض السياسي والنشاط الإعلامي. فهل يخبرنا هؤلاء - على قاعدة مصالح الدول في العلاقات الدولية - عن المنافع التي يمكن أن يُقدمها لبنان ليُغري بها الدول المانحة؟ وهل يُدرك أهل السلطة في لبنان أن دولتهم لا تساوي شيئاً في حسابات واستراتيجيات الدول؟
إذاً تعيش السلطة في لبنان أزمة الانفصام عن الواقع اللبناني. إجراءتها في حل الأزمات، انجازات في قاموسها لكنها اجراءات بديهية في قاموس الدول. تتسول الخارج دون أن تملك أي ورقة قوة لنسج علاقاتها الدولية في عالم تتعامل فيه الدول وفقاً لقانون المصالح. طروحات أهل السلطة متناقضة حول نفس المشكلة وفي نفس الدولة. هي مشكلة لبنان في سلطته الحاكمة!
إقرأ المزيد في: نقاط على الحروف
22/11/2024
الإعلام المقاوم شريك الجهاد والتضحيات
20/11/2024
ما بين عامَي 1948 و2024 ما الذي تغيّر؟
20/11/2024
أن تصبح سردية العدو شغل LBCI الشاغل!
18/11/2024
عن قائد كتيبة الإعلام المحارب..
16/11/2024