الخليج والعالم
ظريف: حوار العنجهية انتهى وموازين القوى تغيرت في عالمنا
أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن الولايات المتحدة الأميريكية باتت معزولة في العالم بسبب ممارساتها، مشيرا إلى أن كل قوة لن تكون أبدية وكل الامبراطوريات ستزول. ولفت إلى أن بريطانيا شريكة في الارهاب الاقتصادي الاميركي، معلنا المضي باتخاذ المزيد من الخطوات بخصوص الاتفاق النووي، ومطالبا الاوروبيين بتطبيق التزاماتهم.. كما شدد على أن الحوار هو الحل السلمي الوحيد للمنطقة.
مواقف ظريف جاءت خلال مؤتمر صحفي بمناسبة يوم المراسل الإيراني (ذكرى استشهاد المراسل الايراني محمود صارمي وعدد من الدبلوماسيين في افغانستان)، اليوم الاثنين، في مقر وزارة الخارجية الايرانية بطهران، حيث أكد أن الارهاب الاقتصادي اصبح اليوم امرا واقعيا وأن امريكا قرنت اليوم سياستها بالارهاب الاقتصادي .
إيران لن تشتري أمنها من الخارج
ظريف رأى أن الولايات المتحدة اصبحت اليوم وحيدة في العالم وهي لا تستطيع ان تشكل اي تحالف بسبب تحديها للقوانين، لافتا إلى هزيمة واشنطن في العراق وسوريا وافغانستان، مضيفا "امريكا هزمت في كل الحروب التي خاضتها على مدى 70 عاما باستثناء غرينادا".
الوزير الايراني أشار إلى ان الولايات المتحدة تورطت بتقديس ثقافة العنف والعنجهية، وأن الاميركيين يفرضون الحظر والمقاطعة وهم اثبتوا فشلهم في الدبلوماسية والحوار.. لافتا إلى ان ايران لم ولن تكون الى جانب القوى الكبرى وانما الى جانب الشعوب دائما.
ظريف أكد أن ايران لن تشتري أمنها من الخارج، وأنها تتقدم بالاعتماد على شعبها، منوها الى انه تم حرمان البلاد منذ البداية من الوسائل التي تدافع بها عن شعبها، متسائلا أين صدام اليوم وأين من كانوا يراهنون على سقوط ايران الاسلامية.
ورأى ظريف أن الحوار الاحادي الجانب والمهين للقانون الدولي والمهدّد هو الحوار الذي تعتمده اميركا، مشيرا إلى أنه لا مجال للحوار مع إدارة تمارس هذه السياسية وعصر الهيمنة والعنجهية انتهى.
وأضاف "حوار العنجهية انتهى وموازين القوى تغيرت في عالمنا والحوار الذي نطرحه له قيمة كبيرة، فالولايات المتحدة لم تنتصر يوماً وهي تطرد أينما حلت لا سيما في العراق وسوريا وأفغانستان، وتابع قائلا "الإجراءات التي اتخذتها واشنطن ضدي تعني فشلها في الحوار والدبلوماسية"، وأضاف "لن نشتري الأمن من الخارج فأمننا ينبع من الشعب".
وأشار الى التقدم الذي حققته ايران على كافة الصعد ومنها النووية، قائلا "صنعنا الوقود النووي بايدينا عندما منعوه عنّا.. كل قوة لن تكون ابدية وكل الامبراطوريات ستزول".
رئيس الدبلوماسية الايرانية أكد أن البلاد سنواجه ضغوط الاعداء بالتقدم والتطور، مضيفا "يجب علينا ان نرد جميل شعبنا لأنه ولي نعمتنا".
وأضاف "كلما زادوا ضغوطهم علينا نحن صامدون ونعتمد على شعوبنا"، متابعا "تمكنا بصاروخ إيراني بحت من اسقاط طائرة اميركية مسيرة لنؤكد أن أميركا لم تمنعنا من التطور والتقدم".
أميركا هي المسؤول الأول عن التوتر في الخليج والمنطقة
وعن زياراته لامريكا قال وزير الخارجية الايراني "عندما اسافر الى نيويورك انما اتوجه الى الامم المتحدة وليس لزيارة الولايات المتحدة"، مشيرا إلى أنه لا يخلط بين الدبلوماسية الشعبية والدبلوماسية الرسمية، وبأنه التقى نخبا اميركية في نيويورك لدى زيارته للامم المتحدة، معتبرا "أن السياسة الخارجية في ايران هي مشروع جمعي".
وزير الخارجية الإيراني لفت إلى أن ما يزاوله من عمل يأتي في اطار شعوره بالمسؤولية، معلنا بوضوح "انا لن اترشح لانتخابات الرئاسة".
وإذ اعتبر أن أميركا هي المسؤول الاول عن التوتر في الخليج والمنطقة، علّق ظريف على احتجاز ناقلة النفط الايرانية من قبل بريطانيا، حيث اعتبرها قرصنة ومواكبة للارهاب الاقتصادي الاميركي، مضيفا "على بريطانيا ان تعلم ان لذلك عواقب وتبعات".
كما أشار إلى أن هذه الخطوة لم تحظى بدعم الاتحاد الأوروبي، وهو أقر بنفسه أن احتجاز بريطانيا لناقلتنا قرصنة.
وتابع ظريف قائلا "نحن لا نحتاج الى الصادرات النفطية لكن هدفهم هو الضغط على الشعب ومنع وصول الغذاء والدواء اليه"، وقال "لن نغض الطرف بعد الآن عن اي اعتداء علينا وعلى حقنا وعلى بريطانيا ان تعلم ذلك"، مؤكدا أن الإجراء الايراني ضد ناقلة النفط البريطانية ليس انتقاماً وانما لخرقها القوانين الدولية".
على الأوروبيين تطبيق التزاماتهم بشأن الاتفاق النووي وبضمنها آلية اينستكس
وفيما يخص الاتفاق النووي قال الوزير ظريف، اذا كانت الأطراف الاخرى لا تريد الالتزام بتعهداتها النووية فلن نتردد في اتخاذ القرار، مضيفا "بإمكاننا التراجع عن كافة ما قمنا به من تقليص لالتزاماتنا اذا التزم الاخرون بتعهداتهم"، ولافتا إلى ان الخطوة الثالثة لن تكون الاخيرة ولن نخرج من الاتفاق النووي.. وقال "اميركا اليوم محرومة من عوائد الاتفاق بخروجها منه، بينما الاوروبيون يتمتعون بهذه العوائد".
وشدد وزير الخارجية الايراني على ان الدبلوماسية لن تنتهي وهي تستمر حتى في ظل الحروب، معتبرا أن الدبلوماسية ستبقى على خلاف ما يتصوره الاميركيون.
وأشار ظريف إلى أنه ليس هناك أي شخص يدعم ما يقوله الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لافتا في نفس الوقت الى أن الاوروبيين لديهم التزامات في الاتفاق النووي وليهم تهيئة ظروف مساهمة شركاتهم، وقال "الاوروبيون اقروا 11 التزاما تجاه ايران بعد خروج اميركا من الاتفاق النووي، وعليهم تطبيق التزاماتهم وبضمنها آلية اينستكس".
وقال الوزير ظريف إن الاتفاق النووي لم يكن مع اميركا وحدها وانما كانت احد الاعضاء فيه، وعليه لا يمكن لاميركا أن تعيد الحظر على ايران من الناحية القانونية، لافتا إلى أن الاتفاق النووي سند للمقاومة وهناك من لم يتحمله ليوم واحد.
وزير الخارجية الإيراني أشار الى أن ايران لم تكن معارضة للتفاوض، وأن تغيير الحكومة في اميركا يملي عليها الالتزام واحترام ما ورثته من سابقتها، وقال "اميركا لا تحترم التزاماتها ولا الالتزامات الدولية"، متسائلا "كيف تريد التفاوض مع بلد تفرض حظرا على قائده"، ورأى أن اميركا تحاول فرض رأيها وتريد التفرد وهي تتخفى خلف قضية التفاوض.
وردا على سؤال بأن ترامب يدعي أن الحرب فيها خسائر وعلى اميركا الا تورط نفسها فيها، أجاب ظريف "لو كانت الحرب بيد ترامب لشنها على مئة بلد في العالم، ما يجب ان يقلق ترامب بشأنه هو محاولة الفريق "باء" فرض سياساتهم على سياساته، وطريق التفاوض مع ايران لازال مفتوحا".
الحوار هو الحل السلمي الوحيد للمنطقة
الوزير ظريف لفت إلى أنه لا يمكن لأحد ان يشتري الأمن وأن الأمن يتحقق بالتعاون، مضيفا "ضعوا حدا لابادة الشعب اليمني والافغاني والسوري واللبناني ومائدة ايران ممدودة للجميع".
ولفت الى ان وقت ازالة التوتر كان قبل هذا بكثير، وكنا قد طرحنا الحوار مع المسؤولين السعوديين وهو لصالح كل دول المنطقة، واستطرد قائلا منذ عام 1985 طرحنا الحوار وقدمناه للأمم المتحدة لكن الآخرين رفضوه.
ظريف نفى علمه بوجود اتصال من السعودية، مؤكدا استعداد الجمهورية الاسلامية لتغيير الاوضاع في المنطقة، وأنه يجب وقف قصف الشعب اليمني، وأن الحوار هو الحل السلمي الوحيد للمنطقة.
وجدد ظريف دعوته لدول الجوار الى الانسحاب من فريق "باء"، وذكّرها بفشل القبة الحديدية الاسرائيلية بصدّ صواريخ غزة، كما وجّه دعوة لبعض دول الجوار الى عدم شراء أمنها لأنه لا يُشترى بل يستتب من خلال التعاون والأمن مشترك.
وأضاف "لقد دعوت الى الحوار مع السعودية وما زالت دعوتي سارية وهذا الحوار هو لمصلحة كل دول المنطقة".
وعلّق ظريف على مفاوضات السلام الجارية في افغانستان، معتبرا أنه ينبغي على كل الدول غير افغانستان ان تضطلع بدور هامشي في محادثات السلام، ايران لن تشارك بأي حوار لا يحظى بموافقة الشعب الافغاني.
وأشار الوزير الايراني إلى ان الاقتصاد الاميركي ليس هو كل اقتصاد العالم، وان خوف الدول من اميركا أخذ يتآكل شيئا فشيئا، طالبا من الأوروبيين ألا يجعلوا أنفسهم مرتهنين لأميركا.