الخليج والعالم
تونس: إقتصاد يتعافى ويتحدى الإرهاب
روعة قاسم
تشير أغلب المؤشرات الإقتصادية والأرقام الرسمية إلى أن الإقتصاد التونسي، الذي بقي معضلة التحول الديمقراطي، بدأ يتعافى ويخرج من حالة الإنكماش والركود التي تلت عملية الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي سنة 2011. و تتجلى هذه الإنتعاشة في ارتفاع احتياطي الدولة من العملة الصعبة وارتفاع سعر صرف الدينار التونسي بالمقارنة مع العملات الأجنبية وارتفاع نسبة النمو الإقتصادي حتى أن وكالات التصنيف الإئتماني عادت لأول مرة للحديث بإيجابية عن الإقتصاد التونسي.
موارد هامة
يرجع خبراء الإقتصاد ارتفاع الإحتياطي التونسي من العملة الصعبة، الذي بلغ 16,3 مليار دينار أي ما يعادل تغطية 91 يوما من التوريد، إلى ارتفاع مداخيل السياحة والفلاحة والصناعة. فالبلد يشهد إقبالا على مرافقه السياحية من قبل التونسيين والأجانب على حد سواء وهو ما ذكّر التونسيين بفترة ما قبل الثورة، وعرفت البلاد حالة انتاجية فلاحية غير معتادة، وقلت الإضرابات النقابية فعاد القطاع الصناعي للإنتاج.
كما تعززت خزينة الدولة بموارد متأتية من التونسيين المهاجرين خارج البلاد، والذين يأتون لقضاء العطلة الصيفية في تونس فيعززون رصيد البلاد من العملة الصعبة. ناهيك عن القروض التي تحصلت عليها تونس مؤخرًا من صندق النقد الدولي ومن الإتحاد الأوروبي ومن البنك الإفريقي للتنمية والتي زادت من تدعيم رصيد البلاد من العملة الأجنبية.
إصلاحات هامة
ويرجع البعض هذه الإنتعاشة الإقتصادية التونسية إلى الإصلاحات التي أنجزتها الحكومات المتعاقبة منذ سنة 2011 وهي إصلاحات شجعت الإستثمار الخارجي وخففت من القيود على المستثمرين الأجانب. لكن هذه الإصلاحات لا تحظى بقبول حسن من الجميع وهي عرضة لانتقادات باعتبارها تتم مع صندوق النقد الدولي الذي يدفع باتجاه القضاء تدريجيًا على القطاع العمومي الذي مثل على الدوام أحد أعمدة الإقتصاد التونسي.
ولعل أهم ما طمأن التونسيين بشأن الوضع الإقتصادي لبلادهم هي تصريحات محافظ البنك المركزي بشأن الوضعية المالية حيث أكد على "عدم الحاجة الى قروض جديدة عدا تلك التي تمت برمجتها ضمن قانون المالية على غرار قرض البنك الافريقي للتنمية والبنك الأوروبي للإنشاء والتعمير". و يبدو أنه مؤشر ّإيجابي على بداية القطع مع سياسة التداين التي تزعج التونسيين منذ سنوات.
كما يبدو أيضا أن الإرهاب الذي يستهدف الخضراء قد فشل هذه المرة فشلا ذريعا في ضرب الموسم السياحي وإيقاف تدفق الإستثمار الخارجي رغم الضربات الموجعة التي تلقتها تونس مؤخرًا. فالخارج كما الداخل بات يدرك أن عمليات محدودة في الزمان والمكان لا يمكن أن تؤثر على نسق الحياة واستمرارها.