الخليج والعالم
ماذا يحمل الوزير العماني في جعبته خلال زيارته إلى سوريا؟
علي حسن
أثارت زيارة الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان يوسف بن علوي إلى سوريا ولقاؤه الرئيس السوري بشار الأسد العديد من الأسئلة.
المحللون والمراقبون السياسيون بدأوا بالتكهن حول ما في جعبة الوزير العماني، فهل بدأ الزخم الدبلوماسي العربي بالعودة نحو دمشق مجددًا بعد العودة الخجولة أواخر كانون الأول الماضي حين افتتحت الإمارات سفارتها في دمشق وطرحت مسألة عودة مقعد الحكومة السورية في الجامعة العربية، أم لها صلة بموضوع الصراع السوري - الصهيوني؟
المحلل الاستراتيجي السوري وعضو الوفد الحكومي السوري المفاوض في جنيف سابقًا الدكتور أسامة دنورة قال لموقع "العهد" الإخباري إنه "لا يمكن الربط تلقائيًا بين الموقف العماني تجاه سوريا وموقف باقي دول الخليج، لسببين؛ أولهما أن الموقف العماني تجاه سوريا حافظ على خصوصيته خلافًا لموقف باقي دول مجلس التعاون بما في ذلك الإبقاء على التمثيل الدبلوماسي وعمل السفارات، وثانيهما أن الموقف العماني تجاه القضايا الاقليمية والدولية يتمتع بخصوصية تمنحه هامش استقلالية واسعاً عن التبعية الاوتوماتيكية لتوجهات دول مجلس التعاون الخليجي، وهذه الخصوصية حافظت عليها عمان منذ عقود وشملت العديد من القضايا الكبرى والمعقدة في المنطقة".
وتابع: "من جانبٍ آخر لا يزال هناك عوز في توفر المؤشرات المحسوسة لاستئناف المسعى الخليجي تجاه سوريا بما لا يوحي بأن هناك تحركًا قريبًا في هذا الملف المجمد منذ بضعة أشهر".
مسقط معروفة بوقوفها على الحياد تجاه المشاكل الدولية وبمعنى أوضح وقوفها على مسافة واحدة تجاه جميع اللاعبين الدوليين، فلديها علاقة جيدة مع دمشق وأخرى ممتازة مع إيران ومثلها مع دول مجلس التعاون الخليجي. وهنا يشير دنورة إلى أن "الدور العماني كوسيط في بعض الملفات الشائكة في المنطقة ليس جديدًا، وهذا ما يدفع المراقبين لاعتبار الزيارة العمانية تتضمن رسالة أو مبادرة يعتبر البعض أنها قد تكون من أطراف خليجية أو غربية، علمًا أن قنوات التواصل غير المباشر الخليجية تجاه سوريا سبق لها أن لامست تجاوز دور الوسيط، وأن هناك وسطاء آخرين تم الحديث عن دورهم في هذا الملف، اذ سبق الحديث عن دور عراقي وسوداني ومصري في هذا السياق. وهذه التحليلات لا تؤكد وجود وساطة مفترضة، فالوزير المعلم زار عمان العام الفائت، حيث تم افتتاح المقر الجديد للسفارة السورية في مسقط، لذلك فهذه الزيارة قد لا تتعدى التداول والتنسيق بين البلدين حول مواقفهما تجاه القضايا المستجدة في مرحلة تمتاز بتحرك الملفات السياسية بصورة جدية في اتجاهات عدة".
هناك تكهنات من بعض المحللين أنّ عمان قد تسعى لفتح قناة تواصل بين السلطات السورية والدول العربية المُطبّعة مع الكيان الصهيوني وبالتالي مسؤوليه من خلفهم لفتح ملف الجولان السوري وربما الضغط على سوريا للعدول عن موقفها تجاه صفقة القرن، ولكن الدكتور دنورة يؤكد لـ" العهد" أن "السياسة السورية حافظت على مبدئيتها تجاه أي تحريك لمفاوضات السلام مع العدو "الاسرائيلي"، وهذه الثوابت عادةً تتلخص في الشكل برفض وجود قنوات سرية للتفاوض مع العدو الاسرائيلي، فالعلنية ضمان لشفافية وقوة الموقف السوري، وهي سياسة ثابتة تدرك القيادة السورية مقدار ما تحققه لها من حصانة وقوة، ولذلك لا يبدو أنها في وارد التراجع عنها لا الآن ولا مستقبلًا، أما في المضمون فثوابت السلام العادل والشامل وتحرير الارض تبقى ثابتة لا تراجع عنها، لا سيما أن سوريا دفعت ما دفعته ثمنًا لمواقفها المبدئية وحققت النصر أو أنها قاب قوسين أو ادنى.
و ختم دنورة حديثه قائلًا إن "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بالضم الباطل للجولان المحتل، والاعتداءات المتكررة للعدو "الاسرائيلي" على الجغرافيا السورية، والدعم "الاسرائيلي" للارهابيين، وصفقة القرن جميعها ظروف غير مؤاتية البتة لاستئناف أي نوع من محادثات السلام المتوقفة منذ المفاوضات غير المباشرة عبر الوسيط التركي عام ٢٠٠٨ ، والتي توقفت من الجانب السوري نتيجة العدوان "الاسرائيلي" آنذاك على غزة".