نصر من الله

الخليج والعالم

باحث أميركي: مصلحة أميركا تقتضي تقليص الأولويات الخارجية
31/01/2025

باحث أميركي: مصلحة أميركا تقتضي تقليص الأولويات الخارجية

قال الباحث الأميركي المعروف توماس غراهام  إن "النظام الدولي الليبرالي القائم على القواعد الذي أنشأتها الولايات المتحدة وحافظت عليه خلال الأعوام التي تلت الحرب العالمية الثانية يتفكّك بسرعة متزايدة".

وفي مقالة نشرت على موقع "ناشيونال إنترست"، أضاف الكاتب: "ينتقل العالم نحو تعددية قطبية لا ليبرالية، والسؤال المطروح أمام الولايات المتحدة هو كيفية التعاطي مع التعددية القطبية الناشئة. يهيمن على هذا النقاش مدرستان، أصحاب تقليص الدور الأميركي في العالم (retrenchers)، وأصحاب تكريس الحضور الأميركي في كافة انحاء العالم (restorers). يسعى معسكر retrenchers إلى الحد من الانخراط الأميركي على شاكلة السياسة الخارجية التي اعتمدت خلال حقبة ما قبل الحرب العالمية الثانية، بينما يسعى معسكر restorers إلى تشكيل إطار من قطبين كأساس للانخراط، وذلك على غرار النهج الذي اعتمد منذ الحرب العالمية الثانية".

ويوضح: "لا يهدف أي من المشروعين إلى تموضع الولايات المتحدة من أجل الانخراط الفعلي مع عالم متعدد الأقطاب، وبالتالي فإن كلا المدرستين لا تخدمان الأهداف الأميركية، معسكر retrenchers هو محق في اعتقاده ان الولايات المتحدة دولة تحظى بالأمن بسبب موقعها الجيوسياسي، إلا أنها لا يمكن أن تكون معزولة عن التطورات العالمية. ليس مطلوبًا أن تكون الولايات المتحدة حاضرة في كلّ مكان في الخارج، ويتوجب عليها تحديد أولويات. غير أنه يتوجب عليها أن تكون حاضرة بفاعلية في العديد من الأماكن في الخارج، وخاصة في محيط يوراسيا مثل أوروبا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وشمال شرق آسيا والقطب الشمالي".

يتابع الكاتب: "أما معسكر restorers فيؤمن بقوة بأن على الولايات المتحدة أن يكون لها حضور فاعل في الخارج، إلا أنّه يريد أن تكون الولايات المتحدة منخرطة حول العالم وليس فقط في المناطق التي تعتبر حيوية لأمن أميركا، وذلك من أجل الترويج للقيم الليبرالية الديمقراطية والدفاع عنها. وبناءً عليه يسعى إلى الحد من التعددية القطبية الناشئة لجعلها عالم ذو قطبين، وصراع بين الديمقراطية والاستبداد".

ويرى الكاتب أن "المساعي الحالية التي يبذلها العديد في معسكر restorers في وصف الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية بمحور الانقلاب، تجسد بشكل واضح هذه النزعة. غير أن بقية العالم يرفض وضع الأمور في إطار الثنائية القطبية، بدء بحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا وشرق آسيا. باختصار ورغم رغبات معسكر restorers، إلا أن بقية العالم مصمم بقوة على إنشاء التعددية القطبية".

ويقول: "ينبغي على الولايات المتحدة أن تدعم نظام التعددية القطبية الناشئة والسعي إلى رسمه بحيث يخدم المصالح الأميركية، وذلك بدلًا من محاولة التهرب من تحديات التعددية القطبية أو إيجاد عالم ثنائي القطب".

يضيف: "هناك اليوم أربع قوى عظمى محتملون إلى جانب الولايات المتحدة، وهم الصين والهند وروسيا وأوروبا، حيث يشكّل كلّ منها تحديات مختلفة للولايات المتحدة، والتي تتمثل مهمتها في رسم مقاربات لخصوصية كلّ قوة على حدة، لتصبح نهج عام حيال الشؤون العالمية. باختصار يجب تقييد الصين كقوة عظمى، بينما يجب رعاية الهند كقوة عظمى، كما يجب الحفاظ على روسيا كقوة عظمى وجعل أوروبا قوة عظمى".

ويتابع: "سيتطلب النجاح في عالم متعدد الأقطاب أن تعيد واشنطن النظر في سلوكها، ويتوجب عليها في البداية أن تتكيف مع واقع ان القوى العظمى تتمتع باستقلال إستراتيجي. كما ينبغي على واشنطن ان تعترف بحدود قوتها، حيث ستضطر إلى التركيز بشكل أقوى على عدد أقل من الأولويات مقارنة مع ما جرى في الماضي، وذلك إذا ما أرادت أن تدافع عن مصالحها الحيوية وتخدمها".

ويخلص الكاتب إلى أن "الولايات المتحدة لن تحظى في العالم المتعدد الأقطاب الناشئ، بهامش التفوق على قوى عظمى أخرى من أجل إخضاعها لتنصاع إلى إرادتها. بل إن القيادة ستأتي على شاكلة الجمع ما بين مصالح مختلفة تكون في الكثير من الأحيان متنافسة، لتتحول إلى إطار يخدم المصالح الأميركية، أي الاستفادة من التعددية القطبية بثقة أكبر من قوى عظمى أخرى".

الولايات المتحدة الأميركية

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم