الخليج والعالم
انعكاسات انتصار غزة وحركة ترامب محطّ اهتمام الصحف الإيرانية
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الخميس 23 كانون الثاني/يناير 2025 بالتطورات الدولية والتداعيات المستمرة لانتصار المقاومة في قطاع غزّة وآثاره على الداخل الصهيوني.
كما اهتمت برصد حركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقراراته تجاه المنطقة.
فك رموز القلق المشترك للغرب و"تل أبيب"
بداية مع صحيفة "رسالت" التي كتبت: "في الأيام الأخيرة، أثيرت أسئلة محدّدة بشأن وقف إطلاق النار في غزّة في مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام الغربية والصهيونية. وبغضّ النظر عن المخاوف التي سُجلت في "تل أبيب" بشأن التأثيرات الداخلية والإقليمية لاتفاق وقف إطلاق النار في غزّة وتبعاته على نظام الاحتلال الصهيوني، إلا أن سؤالًا أساسيًا وإستراتيجيًا شغل أذهان الإستراتيجيين ضدّ المقاومة: ماذا ستكون تكتيكات حماس والجهاد الإسلامي؟".
وأضافت: "من المؤكد أن معظم التحليلات المقدمة في الفضاء التحليلي للغرب والأراضي المحتلة تعترف بقدرة حماس على استعادة قوتها بسرعة في عملية وقف إطلاق النار. وقد استعيد جزء من هذه القوّة الميدانية خلال الحرب وظهر في تطوّرات الأيام التي سبقت إبرام اتفاق وقف إطلاق النار في غزّة: حيث شهدنا زيادة هائلة في عدد القتلى والجرحى الصهاينة في كمائن عمليات مقاومي حماس (بسبب تغير تكتيكات مقاتلي المقاومة والتقسيم فقد أصبحوا كتائب أصغر)".
وتابعت الصحيفة: "الآن، وجدت حماس القدرة على التركيز على مستوياتها البنيوية والسياسية، وفي هذه المجالات، اتّخاذ قرارات مهمة، على أساسها وسوف يتطلب الأمر استشراف التطورات في فلسطين والمنطقة".
وأردفت: "كان أحد الأهداف الأساسية لنظام الاحتلال منذ حرب غزّة هو تدمير القوّة القتالية بل وإزالة وجود حماس، أما الآن فقد تمكّنت حماس من إقامة علاقة هادفة بين وجودها وهويتها وميدانها والإستراتيجيات العسكرية، وقد تجلت هذه العلاقة الهادفة في مستوى صمود المقاومة الفلسطينية في حرب غزّة وحتّى في المفاوضات بين الدوحة والقاهرة: حيث لم تهتم حماس ببعض الخطوط الحمراء التي رسمها الصهاينة فحسب، بل في عملية إطلاق سراح الأسرى الصهاينة أملت حماس مطالبها على "تل أبيب"".
ترامب.. تكرار التجربة في المنطقة
بدورها، صحيفة "جام جم" كتبت: "كانت إدارة دونالد ترامب التي استمرت أربع سنوات في الولاية الرئاسية الأولى تجربة معقّدة ومتوترة لمنطقة الشرق الأوسط. والآن بعد أن عاد ترامب إلى السلطة، يبدو أن العصر الجديد هو استمرار للسياسات السابقة، ففي ولايته الأولى، ركز ترامب على دعم النظام "الإسرائيلي"، ومن تصرفاته يمكن أن نذكر الاعتراف بهضبة الجولان كجزء من "إسرائيل"، ونقل السفارة الأميركية من "تل أبيب" إلى القدس، ومتابعة خطة صفقة إبراهام، وتطبيع علاقات الدول العربية مع "إسرائيل". كان الهدف الرئيسي لترامب من هذه الإجراءات هو تعزيز مكانة النظام الصهيوني في المنطقة، بحيث يتم تحديد جميع التطورات الإقليمية من منظور المصالح "الإسرائيلية"".
وأشارت إلى أنَّه "على الرغم من هذا الدعم، واجه ترامب تحديات كبيرة في المنطقة. لقد وجهت عملية طوفان الأقصى التي ضربة قوية ل"إسرائيل". ورغم أن هذه العملية جرت خلال رئاسة جو بايدن، إلا أن الفارق الزمني بينها وبين نهاية ولاية ترامب لم يتجاوز عامين، وأظهرت هذه الحادثة أن الإجراءات الأحادية التي تقوم بها الولايات المتحدة لصالح النظام الصهيوني لا تؤدي بالضرورة إلى زيادة أمن هذا النظام، وأن المقاومة الفلسطينية قادرة على تغيير المعادلات الإقليمية".
ولفتت إلى أنَّه "في الجولة الأولى من رئاسته، اعتمد ترامب نهجا تجاريا تمامًا في العلاقات مع دول الشرق الأوسط. وحاول تحويل العلاقات السياسية والأمنية الأميركية مع السعودية ودول عربية أخرى إلى علاقات دولارية. وتضمنت هذه السياسة بيع الأسلحة وتلقي مبالغ كبيرة من الحكومات العربية مقابل الدعم الأمني. ورغم أن هذه السياسة كانت لها فوائد اقتصادية لأميركا، إلا أنها لم تكن مرضية للحكومات العربية وأثارت استياءها. والآن بعد عودة ترامب إلى السلطة، من المتوقع أن يتم إحياء هذا النهج مرة أخرى. من المحتمل أن تتحرك علاقات الولايات المتحدة مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة نحو الدولرة مرة أخرى".
وتابعت: "لكن هذه السياسة ليس لها تأثير مباشر على إيران، لأن إيران لا تربطها علاقة بالولايات المتحدة، كما أنها ليست جزءًا من هذا النوع من السياسات، ويدعي ترامب أنه أنهى الحروب، لكن الفحص الدقيق يظهر ذلك الادّعاء غير صحيح. على سبيل المثال، انتهت حرب غزّة في عهد بايدن ولم يكن لترامب أي دور فيها. وفي ما يتعلق بحرب أوكرانيا أيضًا، فرغم ادعاءات ترامب بالتعامل مع روسيا والصين، فقد أثبتت التجربة أن هذه التفاعلات تنتهي فعليًا بسياسات عدائية".
وأوضحت أنَّه "تظهر تجربة الجولة الأولى من رئاسة ترامب أنه يتبع سياسة مزدوجة تجاه روسيا والصين. فمن ناحية يتحدث بلهجة ودية، ومن ناحية أخرى يتخّذ إجراءات عدائية ضدّ هذه الدول. على سبيل المثال، كان فرض رسوم جمركية باهظة على البضائع الروسية ومحاولة توسيع نفوذ حلف شمال الأطلسي على حدود روسيا جزءًا من هذه السياسات. ظاهريًا، يسعى ترامب إلى التفاعل مع الصين وروسيا، لكن عمليًا لا تزال هاتان الدولتان تعتبران أعداء إستراتيجيين لأميركا. وعادة ما تنفذ الحكومات الجمهورية هذه السياسات بشكل أقل وضوحًا من الحكومات الديمقراطية، ولكن النتيجة النهائية لا تختلف كثيرا".
توابع الخسارة
بدورها، صحيفة "وطن أمروز" قالت: "بعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار وتراجع النظام الصهيوني عن الأهداف المعلنة في بداية حرب غزّة وقبوله الهزيمة أمام حركة حماس في قطاع غزّة، ظهرت عواقب سياسية كثيرة على السلطات في الكيان الصهيوني".
وأضافت: "المجموعة الأولى في النظام الصهيوني التي اضطرّت إلى قبول ثمن هزيمتها في 7 تشرين الأول/أكتوبر كانت أيضًا القادة العسكريين والأمنيين في النظام الصهيوني الذين فشلوا في التنبؤ والتصدي للعملية التاريخية طوفان الأقصى؛ عملية لم تتمكّن أجهزة الاستخبارات والتجسس التابعة للكيان الصهيوني وجيشه من تحديد هويتها، ووجهت ضربة تاريخية للصهاينة؛ ضربة أشد فتكًا من العمل العسكري الذي قامت به عدة حكومات إقليمية".
وأردفت: "تسببت هذه العملية في أزمة وجودية للكيان الصهيوني، سواء من الناحية العسكرية أو من الناحية الشرعية، وأخيرًا اضطرّ الجيش الصهيوني إلى قبول اتفاق وقف إطلاق النار بنفس الطريقة التي حددتها حماس".
كما قالت: "من مجلس الوزراء الأمني لهذا النظام بعد وقف إطلاق النار، كان أول من تحمل التكلفة السياسية لهذا الاتفاق هو إتمار بن غفير، الوزير المتطرّف في حكومة النظام الصهيوني، الذي كان ضدّ وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع الأسرى الفلسطينيين، لكن العمل لم يتوقف عند هذا الحد. وبعد بن غفير، جاء دور رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتزي هاليفي، الذي قبل هزيمته في 7 تشرين الأول/أكتوبر واستقال من منصبه، مما أدى إلى تعميق الأزمة السياسية في مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار في النظام الصهيوني".
وأردفت: "ويُذكر هاليفي كواحد من أفشل قادة الجيش الصهيوني، ولن تمحى التطورات في عصره من أذهان الصهاينة في أي وقت قريب. ومن بين هذه التطورات، كان الحدث الأهم، والذي يُطلق عليه أيضًا السبب الرئيسي لاستقالته، هو عملية طوفان الأقصى في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023؛ اليوم الذي لن يتمكّن فيه النظام الصهيوني من العودة إلى ما قبله. ويعتقد كثيرون أن استقالته كان يجب أن تتم قبل ذلك بكثير، يواجه النظام الصهيوني أيضًا العديد من التحديات على الساحة الدولية، كما تعد علاقات الحكومة الأميركية الجديدة مع النظام الصهيوني وتدمير الوجه الديمقراطي لهذا النظام على الساحة الدولية من بين الأمور الأخرى أيضًا. كما تؤثر التطورات التي تواجهها حكومة الاحتلال والضغوط المتزايدة هذه الأيام في الضفّة الغربية على علاقاتها مع أوروبا. أخيرًا، تُظهر مجمل هذه التطورات تزايد التحديات السياسية التي لا نهاية لها للنظام الصهيوني بعد وقف إطلاق النار؛ الذي أكمل هزيمة النظام الصهيوني في 7 تشرين الأول/أكتوبر".
الجمهورية الاسلامية في إيرانالصحف