الخليج والعالم
تحليل لـ"ناشيونال إنترست": ترامب قد لا يدعم "إسرائيل" في ولايته الثانية
رأى الكاتب الأمريكي في موقع "ناشيونال إنترست" ليون هدار أن ميزان القوة في الشرق الأوسط يتغيّر بشكل واضح، بينما يبدأ الرئيس دونالد ترامب ولايته الثانية في الحكم، وكذلك الأمر بالنسبة للأولويات الأميركية العالمية والإقليمية، مشيرًا إلى أن هذا يعني أن سياسة ترامب في ولايته الثانية يجب أن تتكيّف مع الحقائق الجديدة ولا يمكنها مجرد أن تكرر ما حدث في الولاية الأولى.
وقال: "على المستوى الجيواستراتيجي اندلعت حرب باردة جديدة مع هجوم روسيا على أوكرانيا خلال غياب ترامب عن الحكم. كما تشكل تحالف مصلحة بين موسكو وبيكن الذي ربطت كل من كوريا الشمالية وإيران مصالحهما فيه، وذلك في ما يعرف "بمحور الثورة" أو رباعية الفوضى" أو الـ"CRINKs".
وتابع قائلاً: "في ظل اندلاع حربين إقليميتين في أوكرانيا والشرق الأوسط والتنافس مع الصين والتحديات التي تواجهها الولايات المتحدة والمصالح الغربية بسبب الـ "CRINKS" وأتباعها، أصبحت أمريكا تواجه تحديات دبلوماسية واقتصادية تفوق قدرتها، حيث تعاني من ضائقة في الموارد على ثلاث جبهات، وهي شرق آسيا وأوروبا والشرق الأوسط"، وأردف: "تنامي العلاقات العسكرية بين روسيا وإيران وتعزيز الانخراط الصيني في الشرق الأوسط عبر العلاقات الاقتصادية مع الرياض وطهران والعمل الدبلوماسي، كل ذلك يفيد بأن الولايات المتحدة أصبحت تواجه منافسين حقيقيين في المنطقة، وذلك خلافًا لما كان الوضع عليه خلال إدارة ترامب الأولى".
وأكمل "الحرب في غزة و عزلة "إسرائيل" المتزايدة في المجتمع الدولي كشفت عن خلافات متزايدة بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين حيال السياسة في الشرق الأوسط.. عادة ما تكون المواقف الأوروبية تجاه "إسرائيل" أكثر انتقاداً، ما جعل بعض المراقبين يقول إن "إسرائيل" ستقسم الحلف الغربي، وبالتالي فإن قدرة واشنطن على حفظ السلم تحت الإشراف الأميركي (Pax Americana) في الشرق الاوسط تتآكل في الوقت الذي تختبر فيه قوتها الجيواستراتيجية في أوكرانيا من قبل روسيا، وأيضًا في بحر الصين الجنوبي.
بحسب الكاتب، كشفت عملية السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 وما أعقبها الحقيقة في ما يتعلق بما يواجه الجيش الأميركي من تحديات تفوق قدراته، فعلى سبيل المثال اضطرت البحرية الأميركية إلى نقل حاملات الطائرات لديها من شرق آسيا إلى الشرق الأوسط ومن ثم نقلها بالاتجاه المعاكس، بينما حطّم استعراض إيران وحلفائها للقوة عبر التهديد الذي يشكله الحوثيون اليمنيون (أنصار الله) لحركة الملاحة الدولية مشهد الهيمنة الأميركية في المنطقة.
واعتبر أن القادة الإيرانيين يدركون أن رفض الشارع والكونغرس لفكرة تدخل عسكري مباشر جديد في الشرق الأوسط سيجعل من الصعب أن تستخدم الولايات المتحدة القوة العسكرية ضد طهران ومن شبه المستحيل أن تنظم عملية تغيير النظام هناك.
وفق الكاتب، تعهّد ترامب بإيقاف الحروب في غزة وأوكرانيا، ما يفيد بأنه ربما يفقد صبره إزاء الأثمان المالية للحرب التي تدفعها الولايات المتحدة وخطر إمكانية وقوع ضحايا أميركيين، كما أن هناك تخوّفًا من أن الاستمرار سيحوّل الأنظار عن أولويات ترامب الأخرى على صعيد السياسة الداخلية والخارجية، بما في ذلك نقل الموارد العسكرية إلى شرق آسيا، وهذا سيطرح بالفعل معضلة لافتة لإدارة ترامب الجديدة، وهي كيفية تحقيق التوازن ما بين هيمنة أميركا في الشرق الأوسط ودعم "إسرائيل" من جهة، واحتواء التحدي العسكري والجيواقتصادي الآتي من الصين من جهة أخرى.
برأي الكاتب، قد تواجه الإدارة الأميركية صعوبة في تكرار نجاح حملة العقوبات الأولى على إيران والتي كانت تعتمد على استعداد دول كبرى مثل روسيا والصين للالتزام بها. سترفض على الأرجح هاتان القوتان فرض العقوبات على إيران هذه المرة، وقد تدعم طهران حتى في نزاعها مع الولايات المتحدة.
وأضاف "تتبع السعودية ودول عربية خليجية أخرى سياسة تحسين العلاقات مع إيران، وبالتالي فهي ترفض تشديد الموقف الأميركي حيال طهران الذي قد يؤدي إلى عدم الاستقرار في المنطقة وتهديد مصالحها. كذلك فإن الضغط على الأميركيين للقيام بعمل عسكري ضد إيران أو خلق الظروف بحيث سيكون هكذا عمل ضروري ربما ليس في مصلحة "إسرائيل"، ففيما لو حصل ذلك ستتهم "إسرائيل" بجر الولايات المتحدة إلى حرب مكلفة أخرى في الشرق الأوسط".
الكاتب لفت إلى أن "ترامب تعهد خلال الحملة بعدم السماح لإيران بأن تنتج قنبلة نووية، لكنه بدا غير متحمّس للحرب مع إيران، حيث قال في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي إنه "لا يريد إلحاق الضرر بإيران"، وبيّن نائب الرئيس المنتخب JD Vance في مقابلة في تشرين الأول/أكتوبر الماضي أنه أحياناً قد تكون هناك مصالح متباينة بين "إسرائيل" والولايات المتحدة، "ومصلحتنا تقتضي فعلًا عدم الذهاب إلى حرب مع إيران". وبينما يدعو Project 2025 وهو عبارة عن برنامج محافظ لولاية ترامب الثانية، إلى فرض العقوبات على إيران، فإنه لا يوصي بالعمل العسكري.
وخلص إلى أنه "خلافًا للتوقعات بتبنِّي إدارة ترامب الجديدة أجندة "إسرائيل" أولًا" في ما يخص ضمّ الضفة الغربية وإيران، قد يقرر ترامب الضغط على "الإسرائيليين" للموافقة على الالتزام بـ"حلّ الدولتين". كما قد يقرّر ترامب النظر في سياسة جديدة حيال إيران في ولايته الثانية ربما تؤدي إلى صفقة، وذلك كون سياسة "الضغوط القصوى" التي مارسها حيال إيران لم تنجح في ولايته الأولى".
الولايات المتحدة الأميركيةدونالد ترامب