الخليج والعالم
سياسات ترامب تجاه المنطقة ستكون غير متناغمة على الأرجح
كتب Steven Simon الذي شغل منصب مدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي الأميركي خلال حقبة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وAdam Weinstein وهو نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في معهد Quincy، كتبا مقالة نشرت على موقع Responsible Statecraft جاء فيها الآتي:
بينما يقوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب بتعيين حكومته وأبرز مستشاريه، فإن خلفيات تعييناته وولايته الأولى تحمل معها أدلة لإستراتيجيته المحتملة للشرق الأوسط. ما هو الاتّجاه الذي ربما تشير إليه تعييناته؟
أولًا، إن خياراته للبنتاغون ووزارة الخارجية ومستشار الأمن القومي والموفد الخاص للشرق الأوسط والسفير لدى "إسرائيل" كلها تتشارك في ارتباط قوي وأحيانًا متجذر لاهوتيًا بـ"إسرائيل" وفي التزام بالعلاقة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل".
فقد صرح Pete Hegseth الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الدفاع والذي ينتمي إلى مجموعات تعرف نفسها على أنها قومية مسيحية، صرح خلال المهرجان الذي أقامه المجلس الوطني لـ"إسرائيل الشابة" عام 2019، بأن "الصهيونية والأميركية هما الخطان الأماميان للحضارة والحرية الغربية".
أما حاكم (ولاية) Arkansas السابق Mike Huckabee الذي اختاره ترامب ليكون سفيرًا لدى "إسرائيل"، فيتبنى العقيدة المسيحية الانجيلية عن أن عودة اليهود إلى "إسرائيل" تثبت صحة سردية الانجيل، حيث يقول "كل ما أعتنقه كمسيحيى تعود جذوره إلى الوعود التي أعطاها الله إلى الشعب اليهودي".
كما أن هناك شخصيات أخرى مثل ماركو روبيو الذي اختاره ترامب لمنصب وزير الخارجية وElise Stefanik السفيرة للأمم المتحدة التي لا تعتمد بهذا الشكل على المواضيع العقائدية، إلا أنها لا تدعم بقوة "إسرائيل" فحسب بل أيضًا سياسات الحكومة الحالية.
لا يعد Steven Witkoff الذي اختاره ترامب موفدًا خاصًا للشرق الأوسط والذي هو من الداعمين المتحمسين لـ"إسرائيل"، لا يعد مجرد عضو في حزب ترامب بل إنه صديق مقرب من الرئيس المنتخب، حيث يلعب معه الغولف. عادة ما تجد نفسها وزارة الخارجية مهمشة في الملف عندما يكون هناك موفد خاص، وخاصة عندما يكون مقربًا جدًا من البيت الأبيض. وبالتالي مهما كان موقف روبيو حيال "إسرائيل" والمسائل "الإسرائيلية" الفلسطينية، فإنها قد لا تحدث ذاك الفارق، وسيكون فعليًا متفرجًا في هذه الملفات.
السؤال الأساس بالنسبة للولايات المتحدة هو ما إذا كان ترامب سيجعل الحرب مع إيران مرجحة أكثر، سواء عبر إعطاء "إسرائيل" التفويض المطلق أو خلق انطباع بذلك. لا يبدو ترامب راغبًا بالحرب، وإذا ما اعتقد أنه يستطيع إبرام صفقة نووية مع إيران فعلى الأرجح سيسعى إلى ذلك، خاصة إذا ما عاد Eldridge Colby أو شخصية أخرى تحمل آراء مماثلة حيال الصين لتشكّل فريقًا مع مستشاره للأمن القومي، إذ كان (Colby) مسؤولًا في البنتاغون خلال ولاية ترامب الأولى ويرى أن على الولايات المتحدة أن تركز على الصين.
قد تستهدف القوات الأميركية في العراق وسورية بشكل متزايد من قبل "الميليشيات" المتحالفة مع إيران في حال تبنت إدارة ترامب موقفًا متشددًا حيال إيران. وقد يؤدي ذلك إلى الضغط لرد عسكري قوي ربما يشعل موجة تصعيدية من العنف.
حتّى أن "الإسرائيليين" يخشون من أن ترامب قد ينأى بنفسه عن التوقعات التي حددها إذا ما اعتقد أن ذلك يصب في صالحه.
تجدر الإشارة إلى أنه وفيما إذا كان الجمهوريون بالفعل أصبحوا حزبه (بمعنى التابع له)، فلا داعي لأن يخشى ترامب على قاعدته الشعبية أو من الجمهوريين في الكونغرس إذا ما قرر أن يفاجئهم باتفاق محتمل مع إيران، وذلك على غرار ما فعل نيكسون مع الصين حيث لم يكن تحت ضغوط جمهورية كبيرة عند اتّخاذ القرارات.
أخيرًا، يجب النظر إلى التداعيات الداخلية من جانبين: أولًا قمع المظاهرات ضدّ السياسة "الإسرائيلية" وخاصة في الحرم الجامعي، وثانيًا احتمال حدوث "هجوم إرهابي" على الولايات المتحدة ردًا على دعمها لـ"إسرائيل". وقد يؤدي ذلك إلى اشتعال الإسلاموفوبيا من جديد في الداخل وتدخل في الشرق الأوسط.
سيعتمد الاتّجاه الذي ستسلكه إدارة ترامب في الشرق الأوسط بشكل كبير على ما إذا كان سيتصرف بناء على غرائزه بدعم التدخل وخاصة على المستوى العسكري، والوعود التي قدمت خلال حملاته، أم أنه سيصغي إلى مستشاريه الأكثر تشددًا. وفي الواقع فإن سياساته في الشرق الأوسط على الأرجح ستدمج ما بين عناصر تدخلية وأخرى تستند إلى ضبط النفس، ما سينتج عدم القدرة على التنبؤ نفسه وأحيانًا المناورات غير المترابطة التي حصلت خلال ولايته الأولى.
الولايات المتحدة الأميركيةدونالد ترامب