الخليج والعالم
"قوة الردع الإيرانية" موضوع اهتمام الصحف الإيرانية
تناولت الصحف الإيرانية، الصادرة اليوم(6/8/2024)، مسألة الرد المرتقب من طهران على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنيّة. كما ركّزت في تحليلاتها على قضية قوة الردع الإيرانية وعلى مراقبة التطورات الدولية المتعلّقة بحرب غزّة لا سيما الانتخابات المقبلة في الولايات المتحدة وتأثرها بالعدوان المستمر على غزّة، وأشارت إلى قضية الثأر لدماء الشهداء هنيّة والسيد فؤاد شكر وكيفيته.
هل تضرر الردع الإيراني؟
كتب مهدي خان علي زاده الخبير في القضايا الدولية في العدد الصادر اليوم عن صحيفة "همشهري": " كانت عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في طهران صادمة وغير متوقعة لدرجة أنها دفعت بعض المحللين الأمنيين الدوليين إلى تقييمها على أنها علامة على الأضرار الجسيمة التي لحقت ببنية الردع الإيرانية.. ومع أن هذه القضية لا تخلو من حقائق متعلّقة بالأمن القومي الإيراني، لكن يبدو أننا في قضيتها المركزية - أي ضرر الردع الإيراني - أمام نوع من الفهم الخاطئ لهذا المفهوم".
أضاف خان علي زاده أنه: "في نهاية الحرب العالمية الأولى، ألقى توماس ويلسون رئيس الولايات المتحدة الأميركية -آنذاك- خطابًا طويلًا أدى في النهاية إلى تشكيل عصبة الأمم المتحدة. وهي منظمة لديها فكرة مركزية وهي تحقيق السلام، ولأجل ذلك لا بد من إبعاد الحرب عن الساحة الدولية، إن تجربة السنوات التي تلت نهاية الحرب العالمية الأولى والسنوات التي سبقت الحرب العالمية الثانية حددت مدى عدم واقعية هذه الفكرة القائمة على الخيال ومن دون النظر إلى واقع النظام الدولي؛ لأن فكرة تحقيق السلام بالقضاء على الحرب أدت في النهاية إلى أكبر حرب دموية في تاريخ البشرية....وفي هذا الصدد، أُطلق مفهوم يسمّى "الردع" مكانه في الأدبيات العلمية للأمن الدولي. وهو مفهوم يسعى، خلافًا للفكرة السابقة، إلى الاعتراف بالحرب ولكن في عين الوقت ضمان الهدوء عن طريق الردع من أجل تأمين السلام العالمي. إذ يمكن وصف الفكرة المركزية لمفهوم الردع على نحو أن الوحدة السياسية يجب أن تعدّل أنشطتها الدفاعية والعسكرية بطريقة توصل صورة معبرة عن صعوبة الهجوم بين الأعداء والمتحاربين؛ حيث تمنع هذه الصورة المخيفة تشكيل أي نية لخلق حرب بين وحدتين معاديتين".
وتابع خان علي زاده: "من الأمثلة الواضحة على هذه المسألة العملية التي نفذتها القوات المسلحة لبلادنا تحت عنوان "الوعد الصادق" ضدّ الأراضي المحتلة؛ فهي عملية عسكرية مفتوحة لم تمهّد الطريق لمنع توسع التوترات الصهيونية في المنطقة فحسب، بل أدت حتّى إلى بضع ليال إلى وقف غير رسمي لإطلاق النار في حرب غزّة". وأضاف أن: "مسألة الردع في تعريفها الرئيسي والأساسي تتعلق بـ"الصورة"، ويعني ذلك أن الوحدة السياسية يجب أن تقدم صورة لنفسها من خلال بعض الإجراءات التي يمكن أن تمنع الأعداء والخصوم من الرد بشكل رسمي وعلني ضدّ تلك الوحدة. وفي الواقع، يرتبط الردع بالعمليات العسكرية الكلاسيكية والرسمية، وكذلك في الاتّجاه "ما قبل الهجوم"، وفي مثل هذا الوضع، الوضع الذي تعيشه إيران اليوم هو مثال موضوعي وحقيقي للردع الكامل". وبهذا التعريف؛ تحليل "الردع الإيراني" لن يتعارض مع إجراءات مثل اغتيال إسماعيل هنيّة في طهران؛ لأن مفهوم الردع، في الأساس، مخصص فقط للأعمال العسكرية الكلاسيكية والشاملة. وفي ظروف الحرب الهجينة والأعمال الإرهابية، لا يوجد حاليًّا إمكان للردع من أي وحدة سياسية. والمثال البارز على هذه القضية هو الولايات المتحدة التي تعرضت للهجوم من الجماعات والمنظمات غير الحكومية وحتّى من الحكومة في عدة حالات - مثل هجمات 11 سبتمبر؛ ويمكن أيضًا تطبيق مثل هذه المشكلة تاريخيًا ونظريًا على دول ووحدات سياسية أخرى".
ختم الكاتب في صحيفة "همشهري" قائلًا: "بناء على ذلك، تنفيذ عمليات إرهابية وتخريبية مثل اغتيال هنيّة لا يمكن التأكيد عليه أنه مشكلة في سياق فقدان أو تلف قوة الردع الإيراني. ومن ناحية أخرى، تجدر الإشارة إلى أن جميع ردود الفعل السياسية الرسمية وغير الرسمية على الأخبار المتعلّقة برد فعل طهران المحتمل لم يصاحبها أي تهديد بشن حرب شاملة ضدّ بلادنا. وهذا الموضوع بحد ذاته يدل على أن قوة الردع الإيرانية قد وصلت إلى حدها الأقصى في السنوات الأخيرة، وخيار "الحرب لاحتواء إيران" ليس مطروحًا على الطاولة في الأساس".
هاريس مجبرة على التظاهر
كتبت صحيفة "إيران": "مع انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من الحملة الانتخابية للعام 2024، أصبحت نائبته الأولى الآن كامالا هاريس، والتي يتعيّن عليها مواجهة دونالد ترامب الزعيم الشرس للحزب المقابل (الجمهوري)، في الانتخابات الرئاسية الأميركية النهائية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر. وفي غضون ذلك ينبغي أن نرى المواقف التي ستتبنّاها هاريس بشأن مآسي غزّة في الأشهر القليلة المتبقية على الانتخابات، لأن ما ألحقته "إسرائيل" المعتدية على شعب فلسطين الشريف والمظلوم، في الأشهر الـ 11 الماضية في قطاع غزّة، هو جزء مهم في رسم الانتخابات".
تابعت الصحيفة: "منذ بداية الغزو "الإسرائيلي" الغاشم لغزّة والمذبحة التي ترتكب ضدّ سكان هذه المنطقة، دعم بايدن بلا تردّد وبلا خجل المعتدين، وبقدر ما يستطيع، عزز سياسيًا وجهّز مرتكبي الإبادة الجماعية في تل أبيب. ولكن بعد رؤية المرارة وتداعيات هذا الحدث، تتصرف بحذر أكبر في هذا المجال، وبطبيعة الحال، لن تتخلى هاريس عن الخط العام والدائم للسياسة الأميركية، وهو الدعم الشامل لنظام "تل أبيب" سيء السمعةز ولكن إذا لم تقم بإجراء تغييرات في هذه العملية، حتّى لو لم تتظاهر بإجراء تغييرات، فترامب سيخلف بايدن، مع أنه مع "إسرائيل" ولا يعارض ويؤيد نظام قتل الأطفال هذا، لكنّه يعرف كيف يخلق توازنًا في هذا الأمر بشكل يكون له أقل تأثيرًا على الأصوات في الانتخابات الأميركية".
كيف سننتقم؟
بدورها، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "قد فهم الجميع الآن أن إيران الغاضبة من اغتيال ضيفها العزيز الشهيد إسماعيل هنيّة تحاول توجيه ضربة قوية لأساس النظام الصهيوني ووجوده. وأضافت "وطن أمروز" أنه بالأمس، كتبت صحيفة "هآرتس" "بخيبة أمل أن الجهود لم تكن مثمرة وإيران رفضت طلبات عدم معاقبة "إسرائيل" بقسوة"، ويأس هآرتس ليس أقل من الوضع المرتبك والمذعور في الأراضي المحتلة. ورأت الصحيفة الإيرانية أن: "كل الصهاينة في الأراضي المحتلة مرعوبون، ومن شاهد "الوعد الصادق" لإيران يعلم أن الأمر هذه المرة ليس عقابًا وإبهامًا، بل انتقامًا، وإيران وحلفاؤها في جبهة المقاومة عازمون على إظهار الثأر هذا لجميع المسلمين في المنطقة والعالم".
تابعت الصحيفة: "إن الثأر لجبهة المقاومة ردًا على اغتيال الشهيد هنية على يد النظام الصهيوني سيكون عملية واسعة النطاق بحضور أطراف جبهة المقاومة كافة، وخلافًا لـ "الوعد الصادق" الذي قامت فيه إيران وحدها بمعاقبة النظام الصهيوني بشكل أساسي، فجميع أطراف المقاومة تؤدي هذه المرة دورًا في عملية الثأر للشهيد هنية، وبطبيعة الحال، يبحث الجيش اليمني أيضًا عن رد على قصف ميناء الحُديدة، كما يبحث حزب الله أيضًا عن الثأر لدماء شهدائه، وخاصة الشهيد فؤاد شكر".
وأشارت "وطن أمروز" إلى أنه: "في عملية "الوعد الصادق" تفاجأت سلطات الكيان الصهيوني كافة، وكذلك الأميركيون، ولم يتخيلوا أن إيران سترد بهذا المستوى على هجوم النظام الصهيوني على مبنى قنصليتها في دمشق. لكن مع عملية "الوعد الصادق" لم توجه إيران ضربة قوية لنظام "تل أبيب" فحسب، بل أظهرت ضعف الكيان أيضًا...وعندما أضاءت سماء الأراضي المحتلة بالصواريخ والطائرات المسيرة الإيرانية، أدرك جميع المسلمين في المنطقة أن النظام الصهيوني نظام غير دائم.."..
ختمت الصحيفة قولها بـ: "إيران وجبهة المقاومة كانتا لا تسعيان إلى توسيع الحرب في المنطقة حتّى اغتيال الشهيد هنيّة، ولكن مع هذا الاغتيال وتجاوز الصهاينة لخطوط إيران الحمراء، وكذلك اغتيال القائد فؤاد شكر يبدو أن جميع أطراف جبهة المقاومة مجمعون على رغبتهم في عملية كبيرة، ومن أهم نتائجها سيكون فشل حسابات الجانبين "الإسرائيلي" والأميركي وتغيرها.
الولايات المتحدة الأميركيةالجمهورية الاسلامية في إيرانالكيان الصهيوني