الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: المشاركة في الانتخابات توليدٌ للأمل
اهتمّت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الخميس 04 تموز 2024 بالانتخابات الرئاسية الإيرانية في جولتها الثانية التي تجري يوم غد، وسط دعوات مكثفة للمشاركة من قبل الناس، وتطرقت إلى الاختلافات الجوهرية بين المرشحين التي تمس أصل تقدم البلاد.
كما اهتمّت بالتطورات الإقليمية الحاصلة في المنطقة، مع صعود محور المقاومة منذ عملية طوفان الأقصى إلى اليوم.
خطر الرجوع إلى الوراء
وفي هذا السياق، كتبت صحيفة "وطن أمروز": "لقد شهدت السياسة الخارجية وطريقة التواصل مع دول العالم دائمًا تغييرات مع تشكيل الحكومات المختلفة في إيران، على الرغم من أن السياسة الخارجية في هيكل الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي أمر فوق حكومي وفي الواقع أمر سيادي، ويحدد إستراتيجياتها آية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي، إلا أن طريقة تنفيذ هذه السياسات والنهوض بأهدافها كانت مختلفة في كل حكومة".
وقالت: "خلال 8 سنوات من عمر الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة، كانت خطة العمل الشاملة المشتركة والتطلع نحو الغرب تعتبر من أهم نقاط التركيز لدى رجال الدولة - خصوصًا في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني - الذين رأوا أن الحل لإنقاذ الاقتصاد الإيراني هو في رفع العقوبات وفي المفاوضات مع الدول الغربية الكبرى بقيادة الولايات المتحدة كزعيم، وهذا الموضوع يعني وضع كل الآمال والتوقعات في سلة الاتفاق النووي، بغض النظر عن كل الجوانب السلبية التي كانت فيها، والتي تم الحديث عنها مرات عديدة، إلا أن حكومة روحاني أهملت جوانب مختلفة في السياسة الخارجية".
وتابعت: "مع تنصيب الحكومة الثالثة عشرة، ورغم أن هذه الحكومة ورئيس سياستها الخارجية الشهيد حسين أمير عبد اللهيان، بذلوا قصارى جهدهم لمواصلة المفاوضات في خطة العمل الشاملة المشتركة، إلا أن السياسة الأساسية كانت استعادة وزيادة علاقات إيران مع الدول القوية في الشرق، مثل روسيا والصين، والتي لديها تضارب مصالح أقل مع إيران مقارنة بالغرب، وكانت الإنجازات العظيمة المختلفة، مثل العضوية في اتفاقيات شنغهاي وبريكس، من بين الأمثلة على النظرة الصحيحة لهذه الحكومة على الساحة الدولية، كما أن التركيز على دول المنطقة، وخاصة الدول المجاورة، وفر العديد من الفرص الأخرى لإيران، واستعادة العلاقات مع المملكة العربية السعودية التي انقطعت في عهد إدارة روحاني، تم وفق هذا الرأي".
ورأت الصحيفة أن العلاقات الدافئة مع الرياض، باعتبارها الأكبر بين بعض الدول العربية الأخرى، يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي عليهم أيضًا، قائلةً: "كان ذوبان الجليد في العلاقات بين إيران ومصر مثالًا آخر على النظرة الصحيحة للسياسة الخارجية في الحكومة الثالثة عشرة".
وختمت: "في الواقع، يمكن اعتبار السياسة الخارجية نقطة قوة للحكومة، ويصادف أن هذه القضية هي واحدة من نقاط الخلاف الرئيسية بين المرشحين في المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية الرابعة عشرة، أحدهما يؤمن بمواصلة العملية الماضية في الحكومتين الحادية عشرة والثانية عشرة (مواصلة خطة العمل الشاملة المشتركة والتطلع إلى الغرب)، والآخر يعتقد أن الطريق هو التخلي عن التغريب وتعزيز النظرة إلى الشرق والتركيز على الجيران وبالطبع اتخاذ القرار والاستفادة من الفرص المتاحة في الغرب، وهذا الموضوع يدق ناقوس الخطر لكل جمهور مطلع أنه مع قيام حكومة ذات توجه غربي، فإن السياسة الخارجية ستتعرض لانتكاسة لعدة سنوات، وهذا الضرر يمكن أن يكون عدة سنوات مع الانتخابات المحتملة وفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية".
المشاركة في الانتخابات توليد للأمل
من جهتها، قالت صحيفة جام جم": "إن الدعوة للمشاركة ومحاولة حث الناس على التصويت هو أمر سياسي إيجابي، وأي شخص يستطيع دعوة الناس للمشاركة في الانتخابات بأي طريقة قانونية ومنطقية فهو أمر جيد".
وأردفت: "بهذا الوصف فإن القضية الأساسية ومشكلة المترددين الذين لا يأتون إلى صناديق الاقتراع هي عدم التعبير عن المشاكل والآراء السلبية والتوجه إلى الاستقطابات الكاذبة، لأن الكثير من الناس في مجتمعنا يدركون قضايا البلد ومشاكله، ويعرفون المشاكل، ويدركون جيدًا نقاط القوة والضعف لديهم، وإن اليأس من التغلب على هذه العقبات والتحديات هو الذي دفعهم إلى عدم المشاركة في فترات الانتخابات، فالمشاركة هي توليد الأمل والحيوية في المجتمع".
وتابعت: "إذا أرادت الحركات والجماعات السياسية والأفراد دعوة الناس للمشاركة وحضور صناديق الاقتراع، فيجب عليهم إعطاء الأمل للمجتمع، لذلك، فإن أولئك الذين ينظرون إلى الأسفل ويتحدثون باستمرار عن المشاكل التي لم يتم حلها ويعتبرون بطريقة أو بأخرى أنه من المستحيل تحقيق أي شيء إيجابي في البلاد مع تولي المرشح المنافس منصبه، يجب أن يعلموا أن هذا النهج لن يسبب الأمل، ومن الطبيعي أن يؤدي هذا الإجراء إلى شعور الناس بخيبة أمل أكبر، وهذا الموضوع سيضر بالتأكيد بالانتخابات ككل، وأعتقد أن ذلك جزء من إحباط المواطنين من المشاركة في الانتخابات والعنف بصناديق الاقتراع سببه ضخ الافتراء على نطاق واسع وتعزيز اليأس في المجتمع منذ سنوات عديدة، ويرجع ذلك إلى أداء المرشحين ومقارهم الانتخابية، وكذلك مجتمع المؤيدين، باعتبارهم ملتزمين ومسؤولين فالناس عندما يطرحون مشكلة ما ويقدمون لها حلًا وبرنامجًا، وإلا فهي قائمة طويلة من مشاكل البلاد، والتي يتم المبالغة فيها أحيانًا، بل إن معظمها ليست قضايا مهمة للبلد، يتم طرحها، دون تقديم أي حل للخروج منها، فمن الطبيعي أن يسبب خيبة أمل للناس ويمنع المجتمع من المشاركة".
تغيّر المعادلات الإقليمية لصالح المقاومة
في سياق آخر، أكدت صحيفة "إيران" أنه "بينما تستمر معركة فصائل المقاومة الفلسطينية في ذروة كفران الحكام الغربيين والصهاينة، تظهر الأحداث الجارية أن التطورات الإقليمية تمر بالدبلوماسية الاستعمارية للبيت الأبيض لتحقيق الاستقرار في الكيان الصهيوني بسبب الضغط الميداني المتزايد من المقاومة".
وتابعت: "على الرغم من كل الجهود التي يبذلها الغرب لإخضاع المقاومة لمطالب الولايات المتحدة وإزالة ظلال تصاعد التوتر في "إسرائيل"، فإن تعزيز عنصر قوتها، حتى على الرغم من هجمات الولايات المتحدة و"إسرائيل"، دفعت المعادلات الافتراضية للولايات المتحدة إلى الوراء، وبالطبع، هذا أمر لم يغب عن اهتمام رجال الدولة وصناع السياسات الإقليميين والعالميين، وبالإضافة إلى الوضع المعقد والمستعصي للحرب في أوكرانيا، فقد زاد من تشويه خطط وقرارات الأمم المتحدة في العالم".
وأردفت: "دفع هذا التخفيض العديد من الدول وحلفاء الولايات المتحدة في المنطقة إلى تحديث تفاعلاتهم مع البيت الأبيض للحصول على فوائد وتسجيل نقاط، على سبيل المثال، أصبح إحياء البيت الأبيض الطارئ للتطبيع وتسريع خطواته أقوى بينما أصبحت الدول المعنية أكثر تصميمًا على الحصول على تنازلاتها التي طرحتها سابقًا وأصرت على الحصول على شروطها".
وأضافت أن "نهج المنطقة في السنوات الأخيرة، بعد أن تحمل العديد من التوترات والتشنجات، مثل الحرب السورية، غير اتجاهه نحو الاستقرار والسلام، وبالتالي فإن الأجواء الحالية لا تقبل توترات جديدة، ولا تريد تطويرها في المنطقة، ولهذا السبب فشلت الجهود الأميركية في بناء إجماع إقليمي وعالمي ضد اليمن، لذلك، وبعد طوفان الأقصى وهيمنة القضية الفلسطينية، وكذلك بداية معركة محور المقاومة مع الجبهة الصهيونية الأميركية، اتخذت دول المنطقة، وخاصة العربية، خطوة نحو موازنة السياسة الخارجية مع التطورات الإقليمية، ولذلك، فبينما أدانوا جرائم "إسرائيل" وضرورة إقامة دولة فلسطينية، فقد احتفظوا بالعلاقات الهامشية السابقة مع "إسرائيل" علنًا وسرية، وهذه المواقف غير المؤكدة خلقت مخاوف لدى البيت الأبيض، لأنه في هذا الأمر تخفي احتمالات كثيرة لعدم مرافقتها لرغبات أميركا".
ولفتت إلى أن: "تغير المعادلات الإقليمية لصالح المقاومة والتغيرات السياسية المحيطة بها، خلق دورًا حاسمًا في التوجه الجديد لنهج دول المنطقة، واستطاعت عملية طوفان الأقصى التي تعتبر، بحسب العديد من خبراء التاريخ، نقطة تحول في تاريخ التطورات في المنطقة، أن تعيد إحياء قوة المقاومة في المنطقة من جديد، ومن ناحية أخرى فإن الإنجازات الراسخة التي حققتها المقاومة في نصرة قضية فلسطين واصطفاف مطالب شعوب المنطقة في إدانة "إسرائيل" ووقف الحرب ودعم فلسطين مع المقاومة أثارت استياء الحكام العرب وبعض الدول في المنطقة للتكيف مع هذا الاتجاه على الرغم من أوجه القصور فيه، وهو ما أدى إلى تعديل السلوك العدائي السابق لبعض الدول الإقليمية، وخاصة العربية، تجاه مكونات القوة الإقليمية".
ورأت أن إعادة نظر الجامعة العربية في حزب الله - والتي تذكرنا بإعادة النظر في سورية والمطالبة بإعادة عضويتها في هذا الاتحاد -، تمت بعلم المعارضة الأميركية، ولذلك تم تفسيرها في الأوساط السياسية على أنها تغلب على أحادية البيت الأبيض.
وقالت: "كما يمكن أن يشير هذا الإجراء إلى أن نهج دول المنطقة بشأن "القوى المزعزعة للاستقرار الإقليمي" قد تحول في الاتجاه المعاكس لوجهة النظر الأميركية، وبعد هذا الإجراء الذي اتخذته الجامعة العربية، أكد البيت الأبيض إصراره على تصنيف حزب الله كمنظمة إرهابية خطيرة وقوة مزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، فيما التغير في سلوك الحكومة التركية بعد طوفان الأقصى وقطع العلاقات الاقتصادية مع النظام يُفسر أيضًا في هذا الإطار السلوكي".