معركة أولي البأس

الخليج والعالم

كيف تبدو معركة ادلب سياسياً وعسكرياً؟
24/05/2019

كيف تبدو معركة ادلب سياسياً وعسكرياً؟

ترسمُ التطورات الأخيرة في ميدان إدلب مشهداً بعيداً في الوقت المقبل عن التهدئة التي رسمها المسار السياسي طيلة الأشهر الماضية. المعارك الضارية واستماتة الإرهابيين جميعاً في صد هجمات الجيش السوري واستعادتهم لبلدة كفرنبودة تؤكد وحدتها عسكرياً وفكرياً وعقائدياً، جهاديةً كانت أم مصنفة كمعتدلة، وبالتالي فشل أنقرة بالوفاء بالتزاماتها وربما تكون وراء وحدة صف فصائل إدلب إرادةً منها لإظهار بعض أوراق الضغط الميداني للاستثمار بالتفاوض الذي لا يعرف إن كان سيعود بعد الاتصالات الروسية التركية المكثفة، ما يعني عودة الكلمة للميدان خصوصاً بعد تحالف كل الفصائل الذي يجعلها جميعاً هدفاً مشروعاً للقوات السورية و الروسية براً وجواً.

أخلى الجيش السوري نقاطه من بلدة كفرنبوذة الاستراتيجية الواقعة على الحدود الإدارية بين ادلب وحماه بعد سلسلة من الهجمات العنيفة للإرهابيين استخدمت فيها العربات المفخخة فضلاً عن الانتحاريين الأجانب، انسحاب الجيش منها بحسب حديث الخبير العسكري العميد علي مقصود لموقع "العهد" الإخباري لا يعني خسارة المعركة إذ لم ينسحب الجيش إلا لإعادة تنظيم صفوفه وتموضعه وقواته لا تزال تفرض الطوق على كفرنبوذة والهبيط والانسحاب كان يهدف لجر الإرهابيين إلى منطقة استهداف نموذجية في البلدة حيث تتعامل راجمات الصواريخ والطيران معهم بشكل كبير وأوقعت في صفوفهم مئات القتلى والجرحى"، مضيفاً أنّ " القوة الضاربة للإرهابيين في كفرنبوذة تحت مرمى نيران الجيش باعتبار أنهم قد زجوا بكل رصيدهم البشري لاستعادتها وبالتالي الطريق إلى ما بعد كفرنبوذة سيكون سهلاً بعد فقدان فصائل ادلب لمئات الإرهابيين في المعركة وقوات الجيش على استعداد للدخول إليها مجدداً".

أما على المستوى السياسي فيبقى السؤال عن كيفية صرف ما يجري في الأروقة السياسية على الوضع في ادلب، حيث أعلن نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف مؤخراً أن واشنطن تتجاهل المعلومات التي تقدمها موسكو حول أعداد الإرهابيين في سوريا لتنظيم استفزازات جديدة باستخدام المواد الكيميائية، وذلك عقب إعلان وزارة الحرب الأمريكية إن استخدام الأسلحة الكيميائية خط أحمر بالنسبة لواشنطن، إضافةً إلى إعلان أنقرة على لسان وزير دفاعها خلوصي أكار أن تركيا لن تسحب قواتها من ادلب في ظل التصعيد العسكري الحاصل، كما تتحدث الأوساط المعارضة في ادلب عن إبلاغ تركيا قادة الفصائل المسلحة أنّ اتفاقات التهدئة بموجب سوتشي وأستانة قد انتهت في ظل استمرار المعارك.

الكاتب الصحفي والمحلل السياسي كامل صقر قال لموقع "العهد" الإخباري إنّ "المعلومات التي تناقلتها تنسيقيات المعارضة ليست سوى استنتاج أكثر مما هو تبليغ رسمي تركي بذلك، لأن المشهد في ادلب لم يكتمل سياسياً ولم ينضج مقارنة بما كانت عليه في درعا أو أحياء حلب الشرقية"، مضيفاً أنّ "ما جرى في بلدة كفرنبوذة مؤخراً يؤكد أن المشهد السياسي في ادلب اقليمياً ودولياً غير مكتمل لجهة الإقرار بقيام الجيش السوري بعملية عسكرية في ادلب لتحرير النقاط العالقة في الاتفاقات السياسية و ما جرى هو التصرف بالأمر الواقع بمعنى أن التركي ليس جاهزاً للموافقة على القبول لعملية عسكرية شاملة في ادلب لأسباب عديدة أهمها الإشكالية الكبرى المتعلقة بالجماعات الإرهابية الراديكالية".

وتابع صقر: "لن يكتمل المشهد السياسي من تلقاء نفسه بمعنى أنّ يحتاج إلى تحريك كبير يمكن أن تأتي الأطراف الدولية على إثره لإنضاج المشهد وما قام به الجيش من استعادة للمناطق مؤخراً يأتي في إطار فرض الأمر الواقع بمعنى أنّ الدولة السورية قد أعطت الوقت المطلوب لإنهاء إشكالية الإرهابيين الأجانب والجماعات المتشددة الجهادية بعد أن فشل التركي و لم يقم بما هو مطلوب منه في هذا الإطار و بالتالي انطلقت العملية العسكرية لتشكيل مشهد ضاغط على تركيا و الغرب".

وأكد أنه "حتى يكون المشهد واضحاً فلن تكون هناك عملية عسكرية شاملة على كل ادلب كما أنه ليست هناك نية لتأجيل حل قضيتها وبالتالي القيام بعملية تفكيك عسكرية تستهدف ما يمكن استهدافه في كل مرحلة و كل وقت على ضوء التطورات و ما يمكن تحقيقه لأننا أمام إشكالية كبرى بوجود مئات الإرهابيين الأجانب و ليس لدى تركيا تصور لحلها إضافة إلى أنّ أوروبا لم تقدم خطوات لحلها"، مشيراً إلى أنّ " المشهد في ادلب نقيض لما جرى في شرق الفرات حين كانت قوات قسد تستهدف جيب داعش بدعم من قوات التحالف الدولي وألقت القبض على مئات الإرهابيين المنتمين للتنظيم الإرهابي ولم يكن لتركيا و الغرب أية مشكلة في وقوع هؤلاء بقبضة قسد بينما يبدو أن هناك مشكلة كبيرة في وقوعهم بقبضة الجيش السوري وسيناريو ادلب يبدو مشابهاً لسيناريو الغوطة الشرقية مع اختلاف الأمور المتعلقة بالجماعات الإرهابية الجهادية المتحالفة مع الفصائل التي صنفت كمعتدلة وتبدو متناغمة مع بعضها البعض و متوحدة عقائدياً و لكن كل هذه المعطيات الميدانية و السياسية عموماً قابلة للتغيير والتفكيك بين لحظة وأخرى".

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم