الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: تداعيات عملية "الوعد الصادق" ضد الكيان الصهيوني
اهتمت الصحف الإيرانية الصادرة اليوم الاثنين 15 نيسان 2024 بتحليل الرد الانتقامي الذي قامت به الجمهورية الإسلامية في إيران بعد منتصف ليل أمس، وتصدّرت هذه الصحف المقالات التحليلية لما وراء هذه الملحمة ولأثرها على الأوضاع الإقليمية وتوزيع القوى، وعلى الداخل الصهيوني، والذي اعتبرت الصحف أنه وصل إلى أسوأ أوضاعه بعد الضربة الإيرانية.
ما وراء ملحمة الوعد الصادق
في هذا الصدد كتبت صحيفة "همشهري": "العملية الحاسمة والواسعة والناجحة التي قام بها الحرس الثوري الإسلامي ضدّ مواقع الكيان الصهيوني المحتل وغير الشرعي، تعتبر نقطة تحول في تاريخ التطورات الإقليمية.. وفي هذا الصدد، هناك عدة نقاط أساسية لا بد من أخذها في الاعتبار:
أولًا، كانت العملية الأخيرة مثالًا كاملًا وملموسًا للوفاء بـ "الوعد الصادق" الذي قطعته الجمهورية الإسلامية الإيرانية حيث شدد القائد الأعلى للثورة الإسلامية على ضرورة معاقبة المعتدين الصهاينة في خطبه خلال صلاة عيد الفطر لهذا العام، والآن يراقب الأصدقاء والأعداء تحقيق هذا الوعد، الجمهورية الإسلامية الإيرانية نظام ولد من رحم خطاب الثورة الإسلامية، وأحد الأسس والمبادئ الفقهية لهذا الخطاب الأصيل هو "نفي السبيل" للعدو على الشعب المسلم، وعلى هذا فإن الله لا يسمح بتسلط الأعداء الكفار على المسلمين، ولا ينبغي للمسلمين أن يقبلوا مثل هذه السيطرة، ولهذا المبدأ الديني مكانة قوية في الفكر التنويري للإمام الخامنئي، وعلى هذا الأساس فإن انتهاك خصوصية بلادنا لا يمكن تبريره أو التسامح معه.
النقطة الثانية هي أن الإجراء الإيراني الحاسم هو "رد" وليس "هجوما أساسيا" وهو مبرر تمامًا على أساس مبدأ "الدفاع المشروع" وفقًا لميثاق الأمم المتحدة، وهذا الجواب مبنيّ على القواعد والمبادئ القانونية المتعارف عليها في العالم، إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، استنادًا إلى استراتيجيات كلية ناضجة في عقيدتها الكلية للسياسة الخارجية، لا تبدأ الحرب، ولكنها لا تظهر أقل قدر من القوّة أمام الأعداء وأفعالهم، ومن الجدير بالذكر أنه خلال الأشهر السبعة التي مرت منذ بداية حرب غزّة، قامت الحكومات الغربية الداعمة للإبادة الجماعية في غزّة بمحاولة يائسة لتبرير قتل النساء والأطفال الفلسطينيين الأبرياء بصيغة "شرعية" دفاعًا عن الصهاينة"! والآن تحولت نفس الحكومات إلى انتقاد رد إيران على الجرائم العلنية التي ارتكبها الصهاينة في قنصلية سفارتها في دمشق وأدانتها، وكما هو واضح، حتّى القواعد القانونية الأكثر معيارية في العالم يتم إنكارها عمدًا، بل ويتم تفسيرها بشكل عكسي في القاموس السياسي والسلوكي للغرب، هذه هي نظرة الغرب الذرائعية للمبادئ الإنسانية والطبيعية والقانونية في العالم، والتي تظهر في المواقف المختلفة.
النقطة الثالثة، من مظاهر الحرب الإعلامية والثقافية، حرب الروايات، من المهم جدًا تقديم الصورة الصحيحة لماذا وماذا وعواقب ملحمة الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأخيرة في المنطقة والنظام الدولي، والدور الإعلامي بارز في ذلك، وإهماله مضر.
النقطة الأخيرة هي إشارة إلى أن إنجاز هذا الإجراء الضروري يعتبر بمثابة صفعة لأنصار نظام الاحتلال الصهيوني حتّى يستيقظوا من سباتهم ويدركوا دور ومكانة إيران الإسلامية في خلق توازن القوى في المنطقة والسلام "المستقر"، مما يساهم في الضغط على "تل أبيب" وواشنطن للتوصل إلى "وقف دائم لإطلاق النار" ومنع استمرار الإبادة الجماعية غير المسبوقة في غزّة".
النصر الاستراتيجي
كتبت صحيفة "وطن أمروز": "أخيرًا تم فتح قفل السماء للأرض المحتلة في وجه الصواريخ الإيرانية.. تعتبر عملية "الوعد الصادق" عملية مهمّة لتاريخ إيران الدفاعي من نواحٍ عديدة، ويعود سبب هذه الأهمية إلى معادلة الأمن في الشرق الأوسط والوضع الذي تعيشه الجمهورية الإسلامية الإيرانية والكيان الصهيوني، ولذلك فإن أي نظرة إلى هذه العملية دون فهم دورها الأولي يمكن أن تكون لها معرفة ناقصة أو خاطئة بالنسبة لنا، إن عملية "الوعد الصادق" هي في المقام الأول رد على الهجوم الإرهابي على القنصلية الإيرانية في دمشق واستشهاد عدد من القادة الإيرانيين، فإن عملية دمشق وضعت إيران في موقف مزدوج، فقد واجهت إيران نظامًا كان يبحث يائسًا، بعد ستة أشهر من الجرائم والإبادة الجماعية وعدم تحقيق إنجازات عسكرية في غزّة، عن خطة جديدة لتغيير علاقات الصراع، ولذلك، فإن هذا الإجراء، الذي يمكن اعتباره نقطة انطلاق للحرب، اعتبرته "تل أبيب" مقامرة خطيرة لدخول إيران المباشر في الحرب.. ومن ناحية أخرى، فإن فرضية أن إيران لا تسعى إلى رد فعال على الاعتداءات الصهيونية حتّى لا تدخل الحرب من شأنه أن يواجه إيران أيضًا بخطر طويل الأمد؛ وهو خطر استمرار استهداف إيران بهذا النهج خطوة بخطوة".
وأضافت: "إن عملية "الوعد الصادق" كما أظهرت، والتي لم يكن لها هدف مدني، خلقت رعبًا في داخل الأراضي المحتلة، وكان هذا الأمر من أجل تثبيت قوة الردع، حيث تمكّنت إيران من تشكيل أكبر تهديد للنظام الصهيوني بشكل موضوعي بأقل صراع مباشر، ومن التبسيط أن نعتبر هذه العملية نهاية لرغبة "اسرائيل" في مواصلة الصراع مع إيران، لكن من المؤكد أن الأجواء التي ستنشأ حول هذه العملية سيكون لها تأثير واضح على حسابات الطرف الآخر في مواجهة بلدنا، وأخيرًا في كلّ السنوات التي تلت الحرب المفروضة (الإيرانية العراقية)، ركزت الجمهورية الإسلامية الإيرانية اهتمامها على ترسيخ أن أرض إيران لا تحتمل وجود أي قوة أجنبية (حيث إن إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي لا توجد فيها أي قواعد أجنبية)، وهي ترد بحزم مضاعف ضدّ أي عدوان، ولن تكون البادئ في أي صراع خارجي، بل لديها عقيدة دفاعية قوية، وإن ما يشار إليه بـ "الصبر الاستراتيجي" الإيراني في الخطاب السياسي هو جزئيًا نتيجة لهذا السلوك الأمني العسكري للجمهورية الإسلامية في مواجهة التحديات والتهديدات".
ضعف نتنياهو أكثر من أي وقت مضى
كتبت صحيفة "إيران": "الهجوم العاصف الذي وقع صباح الأحد فجّر كلّ الاحتياطيات الدبلوماسية والسياسية لتل أبيب، ووجد هذا النظام نفسه فجأة في مواجهة إيران التي استهدفت الشريان الأمني لـ"إسرائيل" ببضع هجمات محدودة.. وتجنب الرد العسكري وأي ادعاء محتمل يدور في ذهن نتنياهو ردًا على طهران، أصبح واقعًا مع انسحاب الولايات المتحدة من هذا المشهد، وإن "خروج بايدن"، "التحذير شديد اللهجة لنتنياهو" أظهر التأثير الأميركي الفوري على عملية صنع القرار في حكومة الحرب في تل أبيب، كما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير نقلا عن مسؤولين إسرائيليين أن خيار الرد المحتمل والهجوم الانتقامي الذي اقترحه بعض أعضاء الحكومة، تم التخلي عنه بعد المكالمة الهاتفية التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي مع الرئيس الأميركي.. ويشير هذا إلى الارتباك السائد في معسكر الحرب الإسرائيلي، الذي تراجع، بغرقه في ذهول الهجوم الإيراني، عن خطوطه وإشاراته الأولية بعد الهجوم الإرهابي في دمشق، لكن لا شك أن بعض وسائل الإعلام والتقارير الإخبارية لم تغفل قلق بايدن من رد الفعل غير المتوقع من نتنياهو، والذي لا يزال من الممكن متابعته، بهدف نشر الحرب في المنطقة بأكملها؛ تم الكشف عن ذلك في وقت سابق بعد الهجوم على مبنى السفارة الإيرانية في دمشق".