الخليج والعالم
وزير الخارجية التركي في بغداد تمهيدًا لزيارة أردوغان
بغداد: عادل الجبوري
تمخضت المباحثات التيأجراها وزير الخارجية التركي هاكان فيدان والوفد المرافق له مؤخرا مع المسؤولين العراقيين عن الاتفاق على جملة قضايا امنية، تمهيدا للزيارة الرسمية التي من المزمع ان يقوم بها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للعراق نهاية شهرآذار - مارس الجاري، أو بداية نيسان - ابريل المقبل.
وأشار البيان الختامي الصادر عمّا اطلق عليه اجتماع الآلية الأمنية بين العراق وتركيا إلى انه تقرر تكثيف العمل لتبني مذكرة تفاهم، من أجل خلق الإطار الهيكلي في مختلف أوجه العلاقات بين البلدين، وبالتالي إنشاء آليات اتّصال منتظمة. والاتفاق على إنشاء إطار استراتيجي للعلاقات، من خلال عمل سلطات البلدين بطريقة منسقة، وعلى فترات منتظمة، وبنهج موجه نحو النتائج المتوخاة. وإنشاء لجان دائمة مشتركة تعمل حصرًا في مجالات مكافحة الإرهاب والتجارة والزراعة والطاقة والمياه والصحة والنقل.
وكذلك تضمن البيان الختامي التأكيد على الأهمية التي يتم ايلائها على وحدة العراق السياسية وسيادته وسلامة أراضيه، والتأكيد أيضًا على أن حزب العمال الكردستاني التركي المعارض(PKK يمثل تهديدًا أمنيا لكل من تركيا والعراق، وان تواجده على الأراضي العراقية يمثل خرقًا للدستور العراقي. علما ان مجلس الأمن الوطني العراقي كان قد اعتبر في وقت سابق تنظيم (PKK تنظيمًا محضورًا في العراق.
وبحسب البيان الختامي، "تباحث الطرفان بشأن الإجراءات الواجب اتّخاذها ضدّ هذا التنظيم وامتداداته المحظورة، الذي يستهدف تركيا من خلال استخدام الأراضي العراقية".
وتألّف الوفد التركي الزائر، إلى جانب الوزير هاكان فيدان، من وزير الدفاع يشار غولر، ورئيس جهاز الاستخبارات إبراهيم كالين، ونائب وزير الداخلية منير كارال أوغلو، في ما تألف الوفد العراقي الذي شارك بالاجتماعات المشتركة مع الوفد التركي، من وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء فؤاد حسين، ومستشار الأمن الوطني قاسم الاعرجي، ورئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفيّاض، ووكيل رئيس جهاز المخابرات الوطني.
وكان فيدان قد اجرى اول زيارة للعراق في اب - اغسطس الماضي، بعد توليه منصب وزير الخارجية في الحكومة التركية الجديدة المنبثقة عن الانتخابات الرئاسية التي اسفرت عن فوز اردوغان بولاية رئاسية ثالثة منتصف ايار - مايو من العام الماضي، ولم تفضي تلك الزيارة إلى أي نتائج إيجابية على ارض الواقع، رغم التأكيدات التركية بالرغبة في حسم ومعالجة كلّ القضايا والملفات العالقة مع بغداد. وهذا ما تسبب في ارجاء الزيارة التي كان مقررة لاردوغان للعراق خريف العام الماضي.
وتميّزت العلاقات العراقية التركية طيلة عقود من الزمن بالكثير من التجاذبات والاشكاليات المرتبطة بقضايا سياسية وامنية واقتصادية، وبرزت تلك التجذبات والاشكاليات بشكل أكبر بعد الاطاحة بنظام صدام في ربيع عام 2003، لا سيما بعد ان فرضت انقرة وجودها على الأرضي العراقي تحت ذريعة محاربة حزب العمال، من خلال انشاء العديد من القواعد العسكرية الدائمة والمؤقتة، والمقرات الاستخباراتية في إقليم كردستان وخارجه، ناهيك عن استحواذها على النسبة الاكبر من مياه نهري دجلة والفرات على حساب العراق، مما انعكس سلبا على الواقع الزراعي والحياتي للعراقيين جراء نقص المياه، إلى جانب تدخلاتها بالشأن السياسي الداخلي العراقي، بدعمها لأطراف سياسية معينة ضدّ أطراف سياسية أخرى، فضلا عمّا اشيع عن دعمها ومساندتها لبعض الجماعات والتنظيمات الإرهابية التكفيرية التي ارتكبت الكثير من المجازر الدموية وازهقت أرواح مئات أو آلاف المواطنين العراقيين على مدى اعوام عديدة.
وتستبعد أوساط سياسية وامنية عراقية ان ترى الاتفاقات والتفاهمات الأمنية الأخيرة بين بغداد وانقرة النور، لان الأخيرة ليس لديها الإرادة الجادة لتصحيح مسار العلاقات المضطربة مع بغداد، وأهدافها الحقيقية تكمن بالتوسع والتمدد بصرف النظر عن التهديدات والمخاطر التي يسببها حزب العمال لامنها القوميّ.