الخليج والعالم
إلى أين وصلت محاكمة العدو في لاهاي؟
أعلنت محكمة العدل الدولية أنها اختتمت جلسات الاستماع العلنية بشأن محاكمة "إسرائيل" بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، بناء على دعوى رفعتها دولة جنوب إفريقيا، وأيدتها عشرات الدول، بينما حاول وكيل الكيان الصهيوني و عبر سلسلة من الأكاذيب المفضوحة التغطية على الجرائم التي تقترفها قوات الاحتلال على الهواء مباشرة، في الوقت الذي قدمت جنوب أفريقيا حقائق مدعمة أمام المحكمة.
وأشارت المحكمة في بيان صدر عنها، مساء أمس الجمعة، أنها ستبدأ الآن مداولاتها، وسيصدر قرارها في جلسة علنية يعلن عن موعدها في الوقت المناسب.
وذكرت أنه في نهاية جلسات الاستماع، قدم وكيل جنوب إفريقيا، سفيرها لدى هولندا فوسيموزي مادونسيلا، طلبًا جاء فيه: "تطلب جنوب أفريقيا، كدولة طرف في اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية من المحكمة كمسألة ذات أهمية قصوى، وفي انتظار حكم المحكمة في هذه القضية من حيث الجوهر أن تشير إلى الإجراءات المؤقتة التالية فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني كمجموعة محمية بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، وهذه الإجراءات مرتبطة مباشرة بالحقوق التي تشكل موضوع نزاع جنوب أفريقيا مع "إسرائيل"".
نص الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا
والإجراءات التي طلبتها جنوب إفريقيا من المحكمة تتضمن وجوب تعليق "إسرائيل" عملياتها العسكرية في غزة وصدها على الفور.
كما أشارت إلى أنه يجب على "إسرائيل" وفقًا لالتزاماتها فيما يتعلق بالشعب الفلسطيني كمجموعة محمية بموجب اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية، الكف عن ارتكاب الأعمال التي تقع ضمن نطاق المادة الثانية من الاتفاقية، وبشكل خاص قتل أعضاء المجموعة، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير لهم، والتعمد بفرض ظروف حياة على المجموعة تهدف إلى إحداث دمارها الجسدي جزئيًا أو كليًا، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات ضمن المجموعة.
وأكدت الإجراءات التي طلبتها جنوب إفريقيا من المحكمة أنه يجب على "إسرائيل" الكف عن اتخاذ جميع التدابير ضمن سلطتها بما في ذلك إلغاء الأوامر ذات الصلة، للقيود والحظر لمنع الإخلاء والتهجير القسري للفلسطينيين من منازلهم، وحرمانهم من الوصول إلى الغذاء والماء الكافي، ومن الوصول إلى المساعدات الإنسانية، بما في ذلك الوصول إلى الوقود والمأوى والملابس والنظافة والصحة، المواد الطبية والمساعدات، ومنع تدمير حياة الفلسطينيين في غزة.
ولفتت الإجراءات إلى أنه يجب على "إسرائيل" ضمان عدم ارتكاب جيشها، وكذلك أي وحدات مسلحة غير نظامية أو أفراد قد يكونوا تحت إدارتها أو دعمها أو تأثيرها بأي شكل وأي منظمات وأشخاص قد يكونون خاضعين لسيطرتها، أي أعمال سابقة الذكر، أو الانخراط في التحريض المباشر والعلني على ارتكاب الإبادة الجماعية، التآمر لارتكاب الإبادة الجماعية، محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية، أو الشراكة في الإبادة الجماعية، وإلى الحد الذي يشاركون فيه، يجب اتخاذ خطوات نحو معاقبتهم وفقًا للمواد الأولى، الثانية، الثالثة والرابعة من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية.
وأكدت أنه يجب على "إسرائيل" اتخاذ تدابير فعالة لمنع تدمير وضمان الحفاظ على الأدلة المتعلقة بادعاءات الأعمال ضمن نطاق المادة الثانية من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية؛ ولهذا الغرض، يجب على "إسرائيل" عدم العمل على إنكار أو تقييد الوصول بأي شكل من بعثات تقصي الحقائق، والبعثات الدولية والهيئات الأخرى إلى غزة للمساعدة في ضمان الحفاظ على تلك الأدلة. كما يجب على "إسرائيل" تقديم تقرير إلى المحكمة عن جميع التدابير المتخذة لتنفيذ هذا الأمر خلال أسبوع واحد، اعتبارًا من تاريخ هذا الأمر، وبعد ذلك بفترات منتظمة كما تأمر المحكمة، حتى يتم إصدار قرار نهائي عن القضية من المحكمة، وأن يتم نشر هذه التقارير من المحكمة.
وأشارت إلى أنه يجب على "إسرائيل" الامتناع عن أي عمل وضمان عدم اتخاذ أي إجراء قد يفاقم أو يمد النزاع أمام المحكمة أو يجعل حله أكثر صعوبة.
مناورة إسرائيلية
وكيل الكيان الصهيوني حاول الاستعراض والمناورة للوصول إلى إعلان رفض مبدئي للقضية، بزعم عدم الاختصاص القضائي للمحكمة، عبر القول إن ما يحكم ما يجري من هجوم إسرائيلي على قطاع غزة يقع في سياق القانون الإنساني الدولي وآلياته، وليس اتفاقية الإبادة الجماعية.
وطلب من محكمة العدل الدولية في نهاية مرافعته رفض دعوى جنوب أفريقيا ورفض التدابير المؤقتة التي طلبتها.
مرافعة الاحتلال ضعيفة
من جهته، أكد الخبير في القانون الدولي الدكتور سعد جبار إن مرافعة وكيل الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية في الدعوى التي رفعتها ضده جنوب أفريقيا بتهمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، بدت ضعيفة للغاية وبها ثغرات كبرى، متوقعًا إصدار المحكمة تدابير احترازية خلال أسابيع.
ولفت إلى أن "إسرائيل" تحاول الادعاء أنه لا يوجد وجه لدعوى الإبادة الجماعية من الناحية الشكلية، كما أنه ليس من حق المحكمة أن تأمر "إسرائيل" بالمرحلة الحالية بإجراءات مؤقتة، مؤكدًا أن هذا أكبر تخوف لديها.
ورأى أن المحكمة لن ينطلي عليها حيل "إسرائيل" أو حلفائها بالمطالبة بوقف القتال، مبديًا قناعته بأنها ستصدر قرارها على طلب جنوب أفريقيا العاجل، خلال مدة تتراوح ما بين 4 و8 أسابيع.
بدوره، قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان رامي عبده إن وكيل الكيان الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية، اعتمد على سلسلة أكاذيب مفضوحة، في الوقت الذي قدمت جنوب أفريقيا حقائق مدعمة.
يذكر أن محكمة العدل الدولية رفعت جلستها الثانية بعد أن استمعت لمرافعة موثقة وشاملة من جنوب أفريقيا.