معركة أولي البأس

الخليج والعالم

ما جدوى التقارير الحقوقية الأميركية في ظلّ لغة المال؟
30/04/2019

ما جدوى التقارير الحقوقية الأميركية في ظلّ لغة المال؟

ياسمين مصطفى

مع كل موقف جديد تنحاز فيه الإدارة الأميركية للظلم، وتضطهد عبره دولاً وشعوبًا من حول العالم، يتّضح للمتابع لسياسة واشنطن الخارجية خلوّ العالم الذي تقوده من العدالة، وتكريسها لشريعة الغاب، ما يدفع بالمجتمعات الإنسانية إلى مواجهة أوضاع صعبة على مختلف الصعد.

فالهوس بجني الأموال الطائلة على حساب التزام الحريات والديمقراطية وغيرها من القيم التي طالما تغنَّت بها واشنطن، يظهر جليا في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وأقرب مثال على ذلك كشفه في خطاب ألقاه قبل يومين عن كواليس حديث دار بينه وبين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، معلنًا صراحة طمعه بمزيد من المال من "الدولة الثرية" مقابل "خدمات" الحماية والدعم التي تقدمها له أميركا.

وعلى الوتر نفسه، قدّم وزير خارجية ترامب مايك بومبيو جرعة دعم جديدة للرياض، مؤكدًا مواصلة الإدارة الأميركية دعمها العسكري والسياسي للعدوان السعودي على اليمن، بهدف حماية "المصالح" الأميركية.

وللمفارقة، يصنف التقرير السنوي الصادر عن اللجنة الأميركية حول الحرية الدينية الدولية لعام 2019-والذي نشرته الخارجية الأميركية- السعودية ضمن أسوأ الدول على صعيد الحريات الدينية، لكن هذا التصنيف لا يتعدى كونه حبرًا على ورق، بحسب ما يؤكد الخبير في الشأن الأميركي كامل وزنة في حديث لموقع "العهد" الإخباري.

يلفت وزنة إلى أن هكذا تقارير تصدر عن جهات تتمتع إلى حد ما باستقلاليَّة في القراءة السياسية، لكنه يشير في المقابل إلى أن هذه الجهات نفسها التي تصدر التقارير المنحازة لحقوق الإنسان لا تمتثل لمضمونها حين يتعلَّق الأمر بما من شأنه ضخ المال للإدارة الأميركية.

يطرح وزنة سؤالاً جوهريًا في هذا المضمار حول افتقار سياسات واشنطن اليوم للقيم التي باعتها لشعوب العالم، والمتعلقة بالحقوق والحريات، مشددًا على أن الحاكم اليوم هو المال، الذي أصبح أهم من القيم التي كتبها الآباء المؤسّسون للولايات المتحدة.

يتحدَّث وزنة عن الهوية المعلنة التي تتأتى مما تدعيه الولايات المتحدة من دعم للحريات، لافتا إلى أنها تسقط في مكان إثر دعمها لدول الخليج، وحرب السعودية على اليمن.

وبحسب وزنة، كل ما يهم الرئيس الأميركي هو الحصول على الأموال، وقد أعلن هذا الأمر صراحة عندما قال إن "الحصول على المال من السعودية بمبالغ تطال مئات المليارات أسهل من الحصول على إيجار من مستأجر في ولاية نيويورك بقيمة 113$".

يؤكد وزنة أنه في الأساس هناك انقسام حاد بين الجهات التي تدير السياسة الخارجية الأميركية، من جهة المؤسسات الأميركية، ومن جهة أخرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حتى أن الأمر يصل في بعض الأحيان إلى دعاوى وقرارات قضائية ترفع بوجه ترامب، وفي هذا السياق يشير  إلى أن ولاية نيويورك قدمت دعوى على شركات ترامب وأعماله، وتنتظر أن تنتهي ولايته الرئاسية لتتمكّن من محاسبته. 

في الختام، يذهب الخبير وزنة في توضيح الانقسام بين المؤسسات الأميركية الى أبعد من ذلك، إذ يقول إنه لو صح لبعض أعضاء "الكونغرس" أن يصلبوا ترامب، لما ترددوا لحظة واحدة، لأنهم يعتقدون أن السياسات المعتمدة في عهده على المستوى الخارجي تصل إلى حد يتعارض بشكل فاضح مع القانون الدولي، فضلًا عن رعاية ترامب لعنصرية في الداخل الأميركي، تهدد الأقليات الدينية والعرقية.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم