الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: "طوفان الأقصى" عملية مفاجئة ومخططة بدقة
ما تزال عملية "طوفان الأقصى" تتصدّر المقالات والأخبار في الصحف الإيرانية، والصادرة اليوم الاثنين 9 تشرين الأول/أكتوبر 2023 ، فقد خصّص أغلبها أعداده للحديث عن مجريات أحداث الأراضي المحتلّة وقطاع غزة.
امتدت دائرة الانقسام والتأثر بهذه الأحداث لتشمل مواقف المعارضين الإيرانيين ومثيري الشغب العام الماضي، إذ كتبت صحيفة "وطن أمروز": "خلال أعمال الشغب التي بدأت، في البلاد العام الماضي، بحجة مقتل مهسا أميني دعمت بعض الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا إلى جانب الولايات المتحدة، الفوضى والإرهاب في إيران بشكل كامل. وإلى جانب هذه الدول، ركّز النظام الصهيوني، والذي يسعى دائمًا لضرب إيران، على دعم جماعات المعارضة الإيرانية. وبصرف النظر عن هذه القضية، فإنّ عددًا كبيرًا من الفرق الإرهابية والتخريبية التي ضربهتها الأجهزة العسكرية والأمنية في إيران خلال أعمال الشغب وفي الأشهر القليلة الماضية كانت تابعة للموساد. ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح في البيانات التوضيحية الصادرة عن وكالات الاستخبارات والأمن الإيرانية، والتي نُشرت، في ما يتعلق باكتشاف الجماعات الإرهابية التخريبية وتدميرها".
وتابعت "وطن أمروز": "لكن في الأسابيع التي سبقت ذكرى وفاة مهسا أميني، أصبح النظام الصهيوني أكثر نشاطًا وخرج علنًا لإظهار أنّ حامل راية الفوضى والإرهاب ضد إيران هو هذا النظام القاتل للأطفال. وفي هذا الصدد يمكن أن نذكر لقاء وزير الإعلام الإسرائيلي مع إعلاميين مناهضين لإيران، والذي عقد قبل أيام قليلة من ذكرى أعمال الشغب، إذ أظهر بوضوح أنّ النظام الصهيوني هو المشغل الرئيسي للاضطرابات الإرهابية في إيران، وسبق أن أعلنت سلطات الاحتلال صراحة دعمها للجماعات المناهضة لإيران، وتعدّ المحادثة التي جرت بين رئيس وزراء النظام الصهيوني والشبكة الإعلامية "إيران الدولية"، والتي جرت في شهر آذار من العام الماضي، إحدى هذه الحالات".
وأضافت الصحيقة أنّ: "العلاقة بين النظام الصهيوني والجماعات ووسائل الإعلام المناهضة لإيران هي علاقة ذات اتجاهين، إذ يبدو أنّ هذه الجماعات وشخصيات المعارضة الإيرانية تؤدي دور الموظف عند الصهيوني. فمنذ يوم السبت من هذا الأسبوع، يواجه النظام الصهيوني الذي يقتل الأطفال عمليات واسعة النطاق وغير مسبوقة تقوم بها فصائل المقاومة الفلسطينية في الأراضي المحتلّة. وبعيدًا عن أي نوع من التفكير السياسي والاختلاف في الأذواق والفكر؛ كان الشعب الإيراني دائمًا في الصف الأول الداعم لشعب فلسطين المضطهد وضد النظام الصهيوني المجرم، ولذلك فإنّ أي إجراء يُتخذ بما يتماشى وانتصار محور المقاومة الفلسطينية ويؤدي إلى هزيمة "إسرائيل" سيكون محلّ تقدير ودعم من الشعب الإيراني. ولهذا السبب، أثارت عملية "طوفان الأقصى" إعجاب الإيرانيين وسعادتهم، وذلك على الرغم من أنّ التيار الإعلامي المضاد للثورة وجماعات المعارضة الإيرانية التي تخدم "إسرائيل" اصطفت في الأيام الماضية لشراء الشفقة للصهاينة".
وختمت بالقول: "التعاطف مع النظام الصهيوني واتهام الشعب الفلسطيني بالإرهاب كان مشروعًا أطلقته المعارضة الإيرانية، وركزت وسائل الإعلام المناهضة لإيران أيضًا على تبرئة الصهاينة وإدانة الشعب الفلسطيني. كما يُظهر الحجم الكبير للمحتوى الذي أنتجته هذه الوسائط في اليومين الماضيين أنّ أمر قمع المقاومة وإدانتها قد وصل إليهم من "تل أبيب"، وإن النظام الصهيوني هو الداعم الرئيسي وحامل راية الفوضى وانعدام الأمن في إيران. وخلال السنوات الماضية، يمكن رؤية الآثار الواضحة لهذا النظام في الاضطرابات وأعمال الشغب التي استهدفت أمن إيران، ولهذا السبب، فإن الجماعات المناهضة لإيران، بما في ذلك المنافقين والجماعات الانفصالية والملكيين، وما إلى ذلك، لها مكانة خاصة عند "إسرائيل"".
زوايا مفاجئة لـ"طوفان الأقصى"
في سياق متصل، قال "جعفر قنادباشي" أحد المحلّلين الاستراتيجيين الإيرانيين لأوضاع المنطقة في صحيفة "جام جم" إنّ: "العملية الكبيرة، وغير المسبوقة التي أطلقتها فصائل المقاومة أمس، كانت مفاجئة ومخططة بدقة وعلى أساس حسابات عسكرية دقيقة، ولم يسبق لها مثيل في تاريخ فلسطين"، مؤكدًا أنّ: "هذه العملية هي نتيجة لسلسلة من الجهود التي بذلت على مدى عدة عقود للرد على مجمل جرائم المحتلين خلال السبعين سنة الماضية".
وتابع بأنّ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو المتطرفة، في العام الماضي، وتزايد الجرائم التي يرتكبها الصهاينة جعل صبر الفلسطينيين ينفد. ومن هذا المنطلق؛ فإنّ عملية اقتحام الأقصى يجب أن تعدّ الردّ التاريخي للمقاومة على جرائم الصهاينة. ومن المثير للاهتمام أنّ استطلاع الرأي العام بين الجانبين، أي الشعب الفلسطيني والصهاينة، يظهر أنهما كانا يتوقعان مثل هذا اليوم، وكان الصهاينة يعلمون أنّ كل هذه الجرائم لن تمر دون رد، وكانوا دائمًا في خوف من عمليات المقاومة الانتقامية. وكان الفلسطينيون يحسبون الأيام دائمًا لمثل هذه العملية، والآن بعد أن ارتفع صوت صواريخ المقاومة، أصبح المحتلّون قلقين أكثر من أي وقت مضى من أن تكون هذه العملية بمثابة نهاية لاحتلالهم، فقد بذل الفلسطينيون كلّ جهودهم لإنهاء عقود من الاحتلال، وهذه الظروف جعلت مطار بن غوريون في الأراضي المحتلّة يشهد تجمعًا للصهاينة للهروب أكثر من أي وقت مضى. وأضاف: "لقد قيل منذ زمن طويل إن من يزرع الريح يحصد العاصفة، وعلى الغزاة الذين زرعوا العاصفة وارتكبوا أكبر الجرائم على مرّ السنين أن يتوقعوا أيامًا أسوأ".
ولفت قنادباشي إلى أنّ الصهاينة ليس لديهم قوة كبيرة للردّ، لأنّ التصرفات المتطرفة التي اتخذتها حكومة نتنياهو تسببت في انقسامات عميقة وصراعات داخلية حادة في الأراضي المحتلّة. ومن ناحية أخرى، أسر الفلسطينيون عددًا كبيرًا من الصهاينة في العمليات الأخيرة بمعلومات استخباراتية، وقد ينشرونهم في مناطق حساسة لمنع الصهاينة من مهاجمتهم، وأدى ذكاء المقاومة في العمليات الأخيرة إلى نجاحات غير مسبوقة، بما في ذلك تحرير سبع مستوطنات فلسطينية حول غزة إلى جانب ارتفاع عدد الصواريخ التي أطلقتها، وكذلك ارتفاع عدد القتلى الصهاينة، وارتفاع مستوى الأضرار التي لحقت بالمعدات العسكرية الصهيونية، ودخول قوات المقاومة إلى معسكر الجيش الإسرائيلي، هذه إنجازات غير مسبوقة، مفاجئة ومذهلة. وبشكل عام؛ فإنّ العملية المفاجئة التي قامت بها فصائل المقاومة والتي تسمى عاصفة الأقصى يجب أن تعدّ خطوة نحو النصر الكامل".
وختم بأنّ: "تاريخ المقاومة يظهر أنّ الفلسطينيين لم يجلسوا أبدًا، وأن توقعات الفلسطينيين الآن مرتفعة جدًا. وعلى الجانب الآخر، بالرغم من أنّ الصهاينة يحاولون توجيه ضربات لفصائل المقاومة، إلا أنّ هذا النظام ومستوطني الأراضي المحتلّة لا يستطيعون تحمّل المزيد من الهجمات. وبناء على التجارب السابقة؛ إنّ الصهاينة يخرج الوضع من أيديهم، وبالتالي سوف يفشلون".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
23/11/2024