الخليج والعالم
الصحف الإيرانية: أميركا تطلق النار على حلم ابن سلمان
تناولت الصحف الإيرانية العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وسط الحديث عن تطبيع العلاقات بين الأخيرة والعدو الصهيوني، في ظل الأنباء عن ضمانات أمنية أميركية.
وبهذا الصدد، قالت صحيفة "جام جم" في عددها الصادر اليوم إن "واشنطن لن تمنح الرياض ضمانات أمنية فيما يتعلق بعلاقتها مع "إسرائيل"، وبينما ينشغل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بتصميم لعبة معقدة تهدف لتداخل مصالح الرياض وفلسطين في المفاوضات مع النظام الصهيوني، صدر مؤخرًا منشور لعدد من أعضاء مجلس الشيوخ البارزين في الحزب الديمقراطي ضد تقديم الضمانات الأمنية للسعودية في عملية مفاوضات التطبيع مع الاحتلال، وهو ما قد أصاب ابن سلمان بصدمة شديدة".
وأكدت الصحيفة أن "التصريح الأخير للعشرات من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي يؤكد التصريحات الأخيرة لآية الله العظمى الإمام السيد علي الخامنئي أن القمار الخاسر أمر لا مفر منه للدول الداعمة لتطبيع العلاقات مع النظام الصهيوني".
وفي التفاصيل، أعرب 20 من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين عن قلقهم بشأن تقديم ضمانات أمنية من واشنطن إلى الرياض في مفاوضات تطبيع العلاقات بين النظام الصهيوني والسعودية، وفي رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، ذكر أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي أنهم قلقون بشأن تقديم أي ضمانات أمنية للرياض مقابل توقيع اتفاق تسوية مع "تل أبيب".
وأشاروا في هذه الرسالة إلى العقبات الرئيسية التي ستواجهها حكومة بايدن في الكونغرس إذا لبّت مطالب السعودية مقابل تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، وأعلنوا معارضتهم لحصول السعوديين على التكنولوجيا النووية.
وبحسب "جام جم"، فإنه بشكل عام، يرى الصهاينة أن أي ضمانات أمنية وعسكرية للجهات التي تنوي تطبيع العلاقات مع "تل أبيب" يمكن أن تصبح خطرًا محتملًا على هذا النظام المحتل، ومن المؤكد أن التأكيدات الأميركية المزعومة بشأن إقامة ما تسمى "خطة الدولتين" أو وقف الاستيطان في الضفة الغربية لن تتحقق، وحتى الضمانات التي تم تقديمها للرياض من وراء الكواليس بشأن قبول البرنامج النووي السعودي والمساعدة في هذه العملية ليس لها أي جانب عملي وتعتبر مجرد ادعاء لفظي من أجل تعزيز المصالح الإقليمية والتدخلية للولايات المتحدة.
بمعنى آخر، تجاهل السعوديون الاهتمامات الأساسية للفلسطينيين، مثل حقهم في العودة إلى أرضهم، وعدم تهويد القدس، وعدم بناء المستوطنات في الضفة الغربية، وما إلى ذلك، وفي المقابل، قالت الصحيفة إن الأميركيين غير مستعدين لتقديم ضمانات لولي العهد السعودي إقليمية وسيادية وفي عملية تطبيع العلاقات مع الرياض، بل إن المسؤولين الأميركيين والصهاينة مستعدون فقط لـ"الالتزام" مع ابن سلمان، وهو التزام ليس له القدرة على أن يصبح "ضمانًا" ويمكن انتهاكه بسهولة.
سبب فشل المؤامرات
في سياق آخر، قالت صحيفة "قدس": "على الرغم من الجهود التي بذلتها وسائل الإعلام المعارضة لتحويل قصة السيدة أرميتا غراوند، الطالبة البالغة من العمر 16 عامًا - والتي فقدت الوعي في محطة مترو بطهران قبل أيام وتم نقلها إلى المستشفى - إلى باعث لأعمال شغب في البلاد، ولكن مع اتخاذ السلطات ووسائل الإعلام الوطنية إجراءات في الوقت المناسب، تمت السيطرة على هذه القضية بشكل جيد وتحييدها في الفضاء الإعلامي".
ورد أحد المسؤولون في حوار مع صحيفة "قدس" على سؤال لماذا فشلت الموجة المناهضة للثورة في تحويل هذه الحادثة إلى أعمال شغب بالقول إن الناس اليوم يدركون جيدًا الوضع السياسي وأعداء الثورة ويعرفون الطريق الذي يجب اتباعه للحصول على المعلومات والأخبار الصحيحة حتى لا يتم التضليل، مذكّرًا بما قامت به وسائل الإعلام المعارضة خلال العام الماضي من خلق فوضى في المجتمع.
وأضاف إن الثورة المضادة تسعى دائمًا إلى خلق التوتر والفوضى في المجتمع، وخاصة لدى الشباب، بناء على الأكاذيب والشائعات والمحتوى غير الصحيح وخلق موجة رأي عام مغلوط في المجتمع.
من جهته، أكد أحد البرلمانيين الإيرانيين لصحيفة "قدس" أننا شهدنا في الأشهر الأخيرة أن وسائل الإعلام هذه لم تنجح في جمع الناس معها في ذكرى فتنة العام الماضي، حتى أنهم قد اعترفوا مرارًا وتكرارًا بفشلهم في هذا الأمر، مشيرًا إلى أن رفع مستوى الوعي لدى الشباب يدل على معرفة الناس بمؤامرات الأعداء.
تراجع الليبرالية
من جانب آخر، قال أستاذ العلاقات الدولية دهقاني فيروز آبادي اليوم في صحيفة "إيران": "في هذه الأيام، يتم مناقشة تراجع أميركا في كل أنحاء العالم وفي مختلف المحافل، فمن وجهة نظر علم العلاقات الدولية يتم تعريف انحدار أميركا من حيث طبيعة القوة، ونسبية القوة، وكيفية توزيعها دوليًا، وعلى وجه الخصوص، فإن تراجع القوة الأميركية له علاقة مباشرة بنسبية القوة، خاصة في العلاقات الدولية، إذ يمكن أن تزيد القوة أو تنقص مع قوة الدول بالنسبة لبعضها البعض.
وتابع: "عندما نقيس قوة أميركا، نخلص إلى أن قوتها في مختلف المجالات قد تضاءلت مقارنة بالماضي وهي في تراجع متسمر، سواء على المستوى الداخلي أو على شكل ظهور قوى أخرى متنافسة ومتحدية في هذه المجالات".
وأوضح أن تراجع قوة أميركا يعتمد على كيفية توزيع القوة دوليًا وما هي حصة أميركا والدول الأخرى في القدرة، وعندما نأخذ النسبة، نرى أن قوة الولايات المتحدة آخذة في الانخفاض مقارنة بالصين على سبيل المثال.
وسأل فيرزآبادي: "إلى أي مدى يعتمد تراجع أميركا وانحطاطها على تراجع خطاب الديمقراطية الليبرالية؟ وإلى أي حد يمكن تحليل تراجع قوة أميركا الأمنية والسياسية مع تراجع هذا الخطاب وهذه المدرسة؟".
ولفت إلى أنه "كما هو شائع في المناقشات حول النظام الدولي، فإن الرأي السائد أو الشعبي هو أن النظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية (1945) هو نظام دولي ليبرالي بقيادة أميركا، إذا كان الأمر كذلك، يمكننا القول إن هناك علاقة مباشرة بين الاثنين، وتراجع وإضعاف واضمحلال خطاب الليبرالية يعني بشكل مباشر انحطاط أميركا، والليبرالية كأيديولوجية تضفي الشرعية على النظام الأميركي، بمعنى آخر، كان الادعاء الأميركي ولا يزال أنه بما أن الليبرالية وقيم الليبرالية هي نظام دائم وخطاب وقيم عالمية، فإن النظام القائم عليها بقيادة أميركا هو أيضًا عالمي، وإذا تم إضعاف قاعدة التبرير والشرعنة هذه، فسوف يضعف النظام الأميركي، وسوف تضعف قوة أميركا ومكانتها الدولية".
وقال "إننا نرى علامات وأسباب وعوامل تشير إلى تراجع الليبرالية والديمقراطية الليبرالية، مثل التناقضات الداخلية للديمقراطية الليبرالية، وكيفية التوفيق بين المصالح الفردية والمصالح الجماعية، وعدم كفاءة الديمقراطية الليبرالية في توفير احتياجات ومصالح المواطنين".
وأشار إلى أن "كورونا وعودة الحكومة إلى التدخل في الاقتصاد في الدول الرأسمالية وأميركا نفسها وظهور نوع من المذهب التجاري والحمائية الجماعية وسلسلة من العوامل الخارجية، كل هذه الأمور تشير أيضًا إلى أن أيديولوجية الليبرالية الاقتصادية القائم عليها النظام السياسي يتراجع ويضعف، ومن بين العوامل الخارجية ظهور أيديولوجية معارضة لها، وعلى رأسها الإسلام السياسي وهو خطاب الثورة الإسلامية، وظهور أنواع أخرى من الأنظمة السياسية كمنافسين ومعارضين، على سبيل المثال، النظام السياسي الذي يتشكل الآن في الصين أو في روسيا".
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
23/11/2024