الخليج والعالم
جولة مفاوضات صعبة تدشّن لمرحلة جديدة.. باكو تسلم أرمن قره باخ خطة "إعادة اندماجهم"
انتهت أولى جولات التفاوض بين سلطات إقليم كره باخ اليوم الخميس وممثلي الحكومة الأذرية من دون تحقيق تقدم ملموس. لكن «المفاوضات الصعبة»، كما وصفتها مصادر أرمنية، دشنت للانتقال إلى مرحلة جديدة في العلاقات بين السكان الأرمن في الإقليم والسلطات الأذرية.
وناقش الطرفان، برعاية روسية، ترتيبات المرحلة المقبلة وآليات ضمان حقوق السكان الأرمن في إقليم كره باخ. وجرت المناقشات وسط أجواء مشحونة، خصوصًا مع ورود معطيات عن وقوع انتهاكات لاتفاق وقف النار في عاصمة الإقليم، وهو أمر نفت أذربيجان صحته، وأكدت أن قواتها ملتزمة باتفاق وقف النار.
وأشارت الرئاسة الأذربيجانية إلى أن اللقاء، الذي جمع ممثلي أرمن قره باخ والسلطات الأذربيجانية في مدينة يفلاخ اليوم، والذي شارك فيه أيضا رئيس الجانب الروسي لمركز المراقبة الروسي التركي المشترك الأميرال أوليغ سيمينوف، جرى في جو "إيجابي وبناء"، وتناول قضايا "إعادة إدماج السكان الأرمن في قره باخ، وترميم البنية التحتية وتنظيم العمل على أساس دستور جمهورية أذربيجان وقوانينها".
واضاف البيان أن باكو وافقت خلال اجتماع يفلاخ على طلب أرمن قره باخ لتقديم المساعدات الإنسانية، ولا سيما توفير الوقود والغذاء، كمل تم الاتفاق على عقد لقاء جديد قريبًا.
من جانبها، صرحت الحكومة الأرمنية بأنها لا تنظر حاليًا في خيار إجلاء الأرمن من قراه باخ، لكنها تستعد لسيناريوهات مختلفة.
وقال ممثل مكتب رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان: "لم تثر حكومة أرمينيا مسألة إجلاء أرمن قره باخ اعتقادًا أنه يجب ضمان حق أرمن قره باغ في العيش بأمان وكرامة في ديارهم. لكن إذا تم التأكد من استحالة بقاء الأرمن أو بعضهم في قره باغ، فسيتم اتخاذ القرارات اللازمة"، مضيفا أن هناك استعدادات جارية لمواجهة مثل هذه الاحتمالية وأنه "يجري وضع سيناريوهات مختلفة".
وكان وفد يمثل السلطات الأرمينية الانفصالية في إقليم كره باخ وصل إلى مدينة يفلاخ الأذرية صباحًا، للقاء ممثلي حكومة أذربيجان، بعد مرور يوم واحد على توصل الطرفين إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الإقليم.
ونشرت وسائل إعلام أذرية صور وصول الممثلين الأرمن إلى يفلاخ برفقة ضباط من قوات حفظ السلام الروسية في المنطقة. وعلى الرغم من امتناع الطرفين عن إعلان نتائج الحوار، فإن الجانب الأذري كان قد استبق الجولة بإعلان أجندته للحوار. وقال الرئيس الأذري إلهام علييف إن باكو مستعدة لمنح ضمانات كافية تكفل احترام حقوق جميع الأرمن القاطنين في كره باخ، بالاستناد إلى مواد الدستور الأذري.
بدوره، استبق حكمت حاجييف، مساعد الرئيس الأذري لشؤون السياسة الخارجية، جولة المفاوضات بالتأكيد على أن باكو أعدت خطة لإعادة الاندماج الاجتماعي والاقتصادي لسكان المنطقة، وقال إنها ستكون مطروحة للنقاش في لقاء يفلاخ. وبدا أن التركيز انصب خلال اللقاء على هذه المحاور.
وأعلنت باكو في وقت لاحق، الخميس، أن وفدها المفاوض سلم الجانب الآخر مسودة اتفاق لمناقشتها على مستوى الأرمن في كره باخ، وكذلك لنقلها إلى يريفان من أجل دراستها على مستوى الحكومة الأرمنية.
وقال ديفيد بابايان، رئيس وفد أرمن كره باخ، عقب الاجتماع في يفلاخ: «لا يوجد اتفاق نهائي مع باكو، وعلينا الاتفاق على كثير من التفاصيل»، مشيرًا الى أن السكان الأرمن في الإقليم وافقوا على وقف إطلاق النار مع باكو، لكن الشروط لا تزال بحاجة إلى العمل، لافتًا إلى أنه «لدينا اتفاق لوقف الأعمال العدائية، ولكننا في انتظار اتفاق نهائي. والمفاوضات مستمرة».
وقال إلتشين أميربيكوف، ممثل الرئيس الأذري للمهام الخاصة: «من الصعب توقع حل جميع المشكلات بين أرمن كره باخ وأذربيجان في اجتماع واحد». وأعرب عن قناعة بأن الجولة الأولى من المفاوضات «وضعت أساسًا يمهد للعديد من الاجتماعات. ولا ينبغي للمرء أن يتوقع أن يتم حل جميع المشكلات بين أرمن كره باخ وأذربيجان في أول لقاء». وترى الحكومة الأذرية أن مسار تسوية ملفات العلاقة مع أرمن الإقليم «لا عودة عنه» بعد التطورات الميدانية التي أسفرت عن فرض سيطرة أذرية شبه كاملة على الإقليم.
وأعلنت سلطات جمهورية كره باخ المعلنة من طرف واحد عن توصل الطرفين إلى وقف كامل للأعمال العدائية بوساطة من قوات حفظ السلام الروسية. وتضمن الاتفاق حل جيش كره باخ ونزع سلاحه، وانسحاب الوحدات المتبقية من القوات المسلحة الأرمينية من منطقة انتشار قوات حفظ السلام الروسية. لكن يريفان اعترضت على البند الأخير وأكدت عدم وجود قوات نظامية أرمينية في الإقليم.
كما اتفق الطرفان على مناقشة قضايا إعادة الاندماج وضمان حقوق وأمن السكان الأرمن في كره باخ. ومع أن هذه العناصر تشكل أولويات لمناقشة ترتيبات المرحلة اللاحقة في الإقليم بعد توسيع سيطرة أذربيجان عليه، لكنها لا تعد كافية لإنهاء الصراع التاريخي بين أرمينيا وأذربيجان، إذ تجري المفاوضات مع ممثلي سكان الإقليم من دون حضور الطرف الأرميني، كما أن الملفات العالقة بين يريفان وباكو وعلى رأسها مسألة ترسيم الحدود وفتح الممرات التجارية وآليات التوصل إلى معاهدة سلام نهائية لن تكون مطروحة خلال الجولة الحالية. وشكلت هذه النقطة أبرز محاور البحث خلال اتصال هاتفي الخميس أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع نظيره الأذري إلهام علييف. وأعلن الكرملين بعده أن الطرفين اتفقا على «تكثيف العمل على مسار المفاوضات بما يتماشى مع الاتفاقيات الثلاثية (مع أرمينيا) المبرمة في الفترة بين 2020-2022».
ووفقًا للديوان الرئاسي الروسي، فقد حضَّ بوتين نظيره الأذري على احترام حقوق وأمن أرمن كره باخ في ترتيبات المرحلة المقبلة.
إقرأ المزيد في: الخليج والعالم
25/11/2024