الخليج والعالم
"فورين افيرز": واشنطن غير قادرة على تحقيق أهدافها في سوريا
رأى الموفد الأميركي الخاص السابق لـ"التحالف الدولي" بريت ماكجورك ان "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب خفض عديد قواته في سوريا خطير جداً"، موضحا ان "الخطة ستعمل على تكليف عدد صغير من الجنود الأميركيين (200 جندي) بمهمة تتطلب عدد أكبر بكثير".
وأضاف ماكجورك في مقالة نشرتها مجلة "فورين افير" أن أسوأ ما يمكن أن تقوم به واشنطن الآن هو الإدعاء بأن الإنسحاب (سواء الجزئي أو الكامل من سوريا) لن يترك اثرا هاما وبأنه مجرد خطوة تكتيكية".
وقال إنه "بعد قرار ترامب الإنسحاب من سوريا، بات على الولايات المتحدة أن تقلص حجم أهدافها في سوريا، مؤكدا أن على واشنطن التركيز على مسألتين إثنتين فقط في سوريا: منع عودة "داعش"، ومنع إيران من تطوير وجود عسكري محصن لها من شأنه تهديد كيان العدو.
وتابع ماكجورك أن "تحقيق هذه الغايات يتطلب تقديم تنازلات مؤلمة في ظل غياب النفوذ الاميركي على الأرض"، مؤكد أن البديل يتمثل بان تدعي واشنطن أن الامور لم تتغير نتيجة خفض عديد القوات الاميركية في سوريا"، وقال إن "لا بديل أمام واشنطن سوى القبول بواقعها المرير في سوريا".
ماكجورك اعتبر ان أن "الولايات المتحدة غير قادرة على تأمين خروج الإيرانيين بالكامل من سوريا"، مشيراً إلى أن الشراكة العسكرية بين إيران وسوريا تعود إلى أوائل حقبة الثمانينات"، وقال إن "التصعيد الكلامي الفارغ ضد إيران لن يؤدي سوى إلى إضعاف مصداقية أميركا وإنشغالها عن أهداف "اكثر واقعية": مثل "احتواء وجود إيران في سوريا"، و ردع "تهديدات" إيران ضد كيان العدو، وإستخدام الدبلوماسية من اجل خلق إنقسامات بين طهران و موسكو"، على حد قوله.
كما قال إن "الولايات المتحدة عارضت مساعي دول عربية حليفة لتطبيع العلاقات مع دمشق"، وقدمت ضمانات لحلفائها العرب ببقاء القوات الأميركية على الاراضي السورية"، مضيفا أن هذه الضمانات ساعدت على تأمين استثمارات كبيرة من السعودية والإمارات في مناطق سورية مثل الرقة".
ولفت إلى أن "كلام ترامب حول الإنسحاب غيّر هذا الواقع"، معتبرا ان "الولايات المتحدة ستواجه صعوبات في إقناع حلفائها العرب بانها "لاعب ملتزم" في سوريا". ورأى إن "إعادة فتح سفارة الإمارات في دمشق ليس بالأمر المفاجىء وان دول عربية اخرى قد تقوم بخطوات مماثلة قريبا".
وأضاف ماكجورك أن الولايات المتحدة ستواصل خفض عديد قواتها في سوريا خلال الأشهر المقبلة،مشددا على أن 200 جندي اميركي هو عدد غير كاف من أجل إنجاز المهام التي تتحدث عنها أميركا و التي تشمل التصدي لإيران وروسيا، محذرا من أن "الولايات المتحدة ستفشل إذا ما استمرت بالسعي لتحقيق أهداف كبرى في سوريا".
وتحدث ماكجورك حول "ضرورة أن تقبل واشنطن بحقائق "صعبة"، من بينها بقاء الرئيس السوري بشار الاسد"، مؤكدا أهمية أن لا تقوض الولايات المتحدة مصداقيتها عبر الإصرار على رحيل الرئيس الاسد من السلطة.
واعتبر انه "على الرغم من ان الولايات المتحدة ستضغط على سوريا عبر فرض المزير من العقوبات، إلا أن اي اضرار ناتجة ستكون اقل بكثير مما عانته سوريا حتى الآن"، مشددا على ضرورة عدم إستخدام العقوبات من اجل تحقيق أهداف "غير قابلة للتحقق" (مثل إخراج الرئيس الأسد من السلطة).
وأكد ماكجورك أن الدول العربية ستعيد فتح العلاقات مع دمشق، ما يفرض على واشنطن إعداد أجندة واقعية لتحديد علاقة شركائها العرب بالرئيس الأسد"، مشيرا إلى ضرورة أن تعترف الولايات المتحدة بأن روسيا اصبحت اللاعب الأساسي في سوريا، وضرورة أن تعمل واشنطن مع موسكو في الملف السوري".
ورأى أن "الكلام الأميركي حول طرد إيران بالكامل من سوريا هو كلام فارغ ولا يمكن ترجمته على الأرض"، مضيفا ان "على صناع السياسة الأميركيين أن يقبلوا بتراجع النفوذ الأميركي في سوريا يتراجع، ما يوجب إعادة النظر بالأهداف".
وذكر أن المقاربة الأفضل أمام الأميركيين هي التركيز على العامل الاهم الذي يتمثل بمنع تحول سوريا إلى ساحة لشن الهجمات ضد الولايات المتحدة و حلفائها".