معركة أولي البأس

الخليج والعالم

سياسة واشنطن "الأطلسية" تتراجع حد الفشل
17/07/2023

سياسة واشنطن "الأطلسية" تتراجع حد الفشل

أكّد مدير قسم تحليل الشؤون الروسية السابق لدى الـ "CIA" جورج بيب أن "الهجوم المضاد الذي تنفذه أوكرانيا من أجل إخراج القوات الروسية من إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم ينهار".

وفي مقالة نُشرت على موقع "Responsible Statecraft" تحدّث فيها عن فشل الاستراتيجية الأميركية لحلف "الناتو" وعن الوهم في استراتيجية "الناتو" لإنهاء الحروب، قال الكاتب - الذي عمل أيضًا مستشارًا لنائب الرئيس الأميركي الأسبق ديك تشيني للشؤون الروسية - "إن الاستراتيجية الأميركية في أوروبا عمومًا تفشل أيضًا"، مضيفًا أن "الهدف الأساس من تأسيس "الناتو" كان منع صعود لاعب أوروبي مهيمن يستطيع أن يهدد أمن أميركا وازدهارها الاقتصادي".

وتابع أن "الاستراتيجية الأميركية في أوروبا كانت تهدف إلى طمأنة شركاء الولايات المتحدة وأنها لن تتخلى عنهم بوجه "العدوان الروسي"، وأنها لن تسمح لألمانيا بإعادة بناء قوة عسكرية مستقلة وإعادة إحياء الطموحات القديمة بالهيمنة على القارة".

وتطرق في هذا السياق إلى التحول في رؤية النخب السياسة الخارجية الأميركية مع سقوط جدار برلين حيث جعلت الولايات المتحدة نفسها القوة العظمى في القارة بدلًا من منع صعود مهيمن خصم، كما تحدث عن مساع أميركية لتحويل أوروبا الشرقية إلى محمية أميركية.

ولفت إلى أن توسيع "الناتو" والاتحاد الأوروبي حمل الازدهار للقارة الأوروبية ــ وفق تعبير الكاتب ــ إلا أنه قوّض قدرة هذه القارة على بناء قوة عسكرية ذاتية أو تبنّي سياسة خارجية مستقلة عن واشنطن، وأكد أنه جرى إقصاء روسيا من المؤسسات الأوروبية الأساسية بحيث بات لدى موسكو حوافز من أجل تقويض هذه المؤسسات بدلًا من دعمها.

وشدّد الكاتب على أنّ مثل هذا النهج لا يمكن أن ينجح إلا إذا رضخت روسيا، مضيفًا أنّ "جميع القادة الروس رفضوا أن تكون أوروبا تستند على "الناتو" مع إقصاء موسكو من القرارات الأساسية التي تمس بأمنها".

كما تحدث الكاتب عن تنامي الانقسامات داخل أوروبا حول استراتيجية واشنطن. 

وقال: "إن الازدهار في ألمانيا استند منذ أعوام على تقليل الإنفاق العسكري والحصول على مصادر الطاقة من روسيا بأسعار زهيدة"، مردفًا أن "اجتياح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا"، (وفق تعبير الكاتب) غيّر هذا الواقع بحيث أصبحت ألمانيا تعتمد أكثر فأكثر على الطاقة الأميركية المكلفة.

كذلك تابع الكاتب أنّ "واشنطن تكثف الضغوط على ألمانيا ودول أخرى من "أوروبا القديمة" من أجل زيادة إنفاقها العسكري وتقليص استثماراتها وتجارتها مع الصين، وذلك من أجل مواجهة كل من روسيا والصين"، قائلًا: "إن التباطؤ في وتيرة إرسال السلاح الألماني إلى أوكرانيا وإلى جانب زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس إلى الصين الخريف الماضي مؤشر على أن برلين قد لا تكون موافقة على المضي في مثل هكذا استراتيجية".

عقب ذلك، شدد الكاتب على "ضرورة اعتماد استراتيجية أميركية جديدة وعلى أن الهدف الأكثر الحاحًا يجب أن يكون منع روسيا من استعادة السيطرة على أوكرانيا" وفق قوله، مؤكدًا أن طرد القوات الروسية من دونباس والقرم مستحيل.

كما تحدث عن ضرورة المضي بحملة دبلوماسية مكثّفة تعطي موسكو الحوافز من أجل وقف القتال بدلًا من إطالة أمد المعارك.

إفلاس في الفكر الاستراتيجي الأميركي

من جهته، قال المؤرخ الأميركي المعروف أندرو باسيفيتش: "إن "الناتو" كثّف نشاطه ما أدى إلى تدخلات "متهورة" - وفق تعبير الكاتب - في ليبيا وأفغانستان"، مضيفًا أن "النتائج لم تكن إيجابية، والرضوخ للضغوط الأميركية بالإنخراط بالنشاط العسكري خارج منطقة الحلف تبين أنه كان مكلفًا، وأدى بشكل أساس إلى تقويض مصداقية الحلف ككيان عسكري مقتدر".

وفي مقالة نشرت بمجلة "The American Conservative"، تحدث الكاتب عن الدعوات التي أطلقها البعض بعد نهاية الحرب الباردة لخروج حلف "الناتو" من منطقة عملياته للحفاظ على دور له.

وتابع الكاتب أن "مصير أوكرانيا ثانوي، والقضية الأساس تتمحور حول إعادة إحياء الطموحات المتعلقة بالتفوق العسكري العالمي لواشنطن". 

كما تحدث عن التزام مؤسسة الأمن القومي الأميركي بأن تبقى الولايات المتحدة القوة العظمى الوحيدة في العالم، حتى وإن تطلب ذلك تجاهل الأدلة المتزايدة التي تفيد بأن هناك نظامًا متعدد الأقطاب ناشئ. 

وأكد الكاتب أن هزيمة روسيا من دون الانخراط بأية أعمال قتالية تصبح الغاية لاستعادة أميركا مكانتها كقوة "لا غنى عنها" والتي أضاعتها واشنطن خلال العقود التي تلت سقوط جدار برلين. 

وتوقع الكاتب أن تتوجه الولايات المتحدة باتجاه دفع "الناتو" نحو "تطبيق النظام الدولي المبني على القواعد" في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بحيث تكون الصين هي الخصم "الذي تم اختياره".

وأضاف أن "موطئ القدم العسكري الأميركي سينتشر على نطاق أوسع بينما ستنهار المساعي الأميركية لترتيب البيت الداخلي"، مردفًا أن الأهمية التي تعطي لـ "الناتو" تعكس الإفلاس في الفكر الاستراتيجي الأميركي والعجز عن ترتيب الأولويات في المصالح الأميركية سواء الخارجية أم الداخلية.

وقال: "إن المراجعة السليمة للاستراتيجية الأميركية في مجال الأمن القومي يفترض أن تبدأ بإعلان جدول زمني للانسحاب من "الناتو" وتحويل الأخير إلى مشروع أوروبي حصري".

الناتو

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم