الخليج والعالم
علاقة سوريا بالجزائر وتونس.. زخم جديد سياسيًا واقتصاديًا
تونس – عبير قاسم
مثّلت زيارة وزير الخارجية السوري فيصل المقداد إلى الجزائر وتونس مطلع الأسبوع الماضي علامة فارقة في مسيرة العلاقات بين دمشق وهاتين الدولتين اللتين تمثلان قلب المغرب العربي. وقد حظيت هذه الزيارة بردود فعل واسعة مرحبة ومؤيدة لعودة العلاقات مع سورية إلى سالف عهدها في اطار مرحلة جديدة من العلاقات الدولية تقوم على تعددية الأقطاب في الشرق الأوسط والمنطقة ككل.
مرحلة جديدة من العلاقات
وأعرب أحمد الكحلاوي رئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع في حديثٍ لموقع "العهد" الإخباري عن سعادته باستقبال الوزير المقداد الذي سار على البساط الأحمر تعبيرًا عن الحفاوة التي استقبل بها، وتقديرًا للعلاقة التي تربط تونس بسورية "قلب العروبة النابض".
وأضاف: "لقد انقطع الوصل وتعطلت العلاقات والمصالح بين البلدين والدولتين بسبب القطيعة التي نفذتها عصابات "الترويكا" بأمر من الدوائر الاستعمارية والصهيونية وصاحب ذلك إصرار على تشديد العداوة والانخراط في جريمة العدوان على سورية والمشاركة في إسقاط نظامها الوطني خدمة المصالح الصهيو-استعمارية".
وأشار الكحلاوي إلى أنَّ "صاحب قطع العلاقات عقد مؤامرة أعداء سورية وتنظيم حملة تسفير الاف الإرهابيين إناثًا وذكورًا للمساهمة الفعلية في الجريمة ".
وتابع أنَّه "قبل العدوان على سورية، كانت بين تونس وسورين علاقات وطيدة في الكثير من الشؤون تعطلت جميعًا وتسبَّبت في حدوث خسائر لمواطني البلدين وتتحمل عصابات "الترويكا" المسؤولية المعنوية ومسؤولية الأضرار المادية التي دفع ثمنها مواطنو البلدين"، مؤكدًا أنَّه "بعد زيارة المقداد فان الآمال تعلو بعودة العلاقات الاقتصادية إلى سابق عهدها في مختلف المجالات".
وشدَّد رئيس الهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع على أنَّه "انتصرت سورية وحلف المقاومة وانهزمت أميركا وحلف العدوان وحل يوم الحساب بعدما رأينا المقاطعين لسورية يتسابقون لإعادة العلاقات معها ويخطبون ود الرئيس السوري بشار الأسد".
واستطرد الكحلاوي بالقول: "إن ذلك المسار يتطلب التزامًا بالشروط أهمها فتح ملف تسفير آلاف الإرهابيين الذين اعتدوا على سورية وقتلوا الناس ودمرّوا المباني وسرقوا الممتلكات ونهبوا الثروات... وهذه جرائم تتطلب المحاسبة وتحمل مسؤوليات ما ارتكبوه من جرائم، وتتطلب التفاوض والتوصل إلى حلول أهمها موضوع الارهاب".
رؤية استراتيجية
من جهته، اعتبر الكاتب والمحلل السوري خيام الزعبي في حديثٍ لـ" العهد" أنَّه سطّر عام 2023 أحداثًا فارقة في تاريخ العلاقات السورية-الجزائرية، وشهد هذا العام زخمًا جديدًا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية يضاف لحجم العلاقات الثنائية التي تضرب جذورها أعماق التاريخ.
وأضاف الزعبي: "وبذلك تكتسي هذه العلاقات طابعًا خاصًا واستثنائيًا من حيث عمق روابط الأخوة الصادقة التي تجمع البلدين، لذلك ينظر الشعبان السوري الجزائري إلى هذه العلاقة على إنها لها أهميتها وعمقها وحيويتها الآن وفي المستقبل لأنه ليس في مقدورنا أن ننفصل عن تاريخنا وتراثنا وحاضرنا".
وأشار إلى أنَّه منذ بداية الحرب على سورية أدركت القيادة الجزائرية جيدًا ما يحاك لدمشق، وكان لها طوال الأزمة مواقف متميزة على جميع الدول العربية، وحتى متعاطفة على نحو كبير مع الدولة السورية، وما تتعرض له من حرب مخطَّط لها مسبقًا، وكانت واعية ومدركة حجم التآمر على سورية، حتى إنها لم تسلم خلال السنوات الماضية من الانتقادات والهجمات والاتهامات، وحتى التهديدات بأن دور الجزائر سيأتي بعد الانتهاء من سورية تبعًا للتصريحات والمؤشّرات والتحليلات، التي كانت تكتبها الصحف العربية والأجنبية".
وتابع: "كما تنظر الجزائر إلى سورية على أنها ضمن محور المقاومة، وجزء من دول مجموعة "الصمود والتصدي"، والتي تشكّلت بعد حرب تشرين التحريرية التي شاركت فيها قوات جزائرية بحماس وقوة على جبهة القتال، وبالمقابل تعتبر الجزائر "إسرائيل" الإرهابية عدوًا استراتيجيًا، إذ إنها لم توقع حتى اليوم اتفاقية تطبيع معها، وبالتالي، فهي تنظر إلى سورية كحليف طبيعي في مواجهة العدو الصهيوني الإرهابي، كما أن الجزائر لا تنسى أن دمشق كانت بين أربع دول فقط لم تفرض التأشيرة على الجزائريين، عندما كانت بلادهم تعاني أزمة أمنية خلال سنوات تسعينيات القرن الماضي".
ورأى محدثنا أنَّ هناك رؤية إستراتيجية موجودة في كل الأوساط الجزائرية وعلى أعلى المستويات، مفادها أن الجزائر المؤثرة في الإقليم، هي الجزائر التي يمكن أن تسهم في عودة الاستقرار مرة أخرى إلى منطقة الشرق الأوسط المضطربة كما إن هناك رؤية إستراتيجية ثابتة وهي دعم سورية في كل الأوقات وهو الذي يستطيع الآن أن يقيم توازنًا جديدًا في المنطقة وأن يحدث تغييرًا مهمًا في معادلة إدارة الصراعات، وعاملًا أساسيًا في قيادة الدفة العربية مع نهوض سورية من جديد.