الخليج والعالم
الصفحة الاجنبية: جبهة صينية روسية لمواجهة الولايات المتحدة
أشار الكاتب غراهام اليسون في مقالة نشرها موقع "ناشيونال انترست"، إلى ان الصين وروسيا تسعيان لإقامة علاقات وثيقة من أجل مواجهة "التهديد الاميركي"، معتبرا ان "حرمان روسيا من الفرص في الغرب، يدفعها للإتجاه شرقا".
وأضاف ان "التقاء بصيرة الصين الاستراتيجية ودبلوماسيتها المتقنة من جهة، مع الحماقات الاميركية والغربية من جهة، أدى إلى حالة اصطفاف قوية بين بكين وموسكو"، وقال : "في ظل تزايد الضغوط الأميركية على روسيا اثر فرض العقوبات بعد "ضم روسيا جزيرة القرم"، اضافة إلى المساعي الهادفة إلى عزل روسيا دبلوماسياً، عمدت الصين إلى احتضانها".
ولفت إلى ان المسؤولين الأمنيين الروس والصينيين يركزون على التهديد الذي تشكله الولايات المتحدة خلال اللقاءات التي تجمعهم"، مضيفا انهم لا يعتبرون ان الولايات المتحدة تتحدى مصالحهم في أوروبا الشرقية أو بحر الصين الجنوبي فحسب، بل يرون ان واشنطن تسعى جاهدة إلى تقويض النظام في روسيا والصين.
الكاتب ذكر ان الزيارة الخارجية الأولى للرئيس الصيني شي جين بينغ بعد توليه الرئاسة كانت إلى موسكو، مشيرا إلى ان الرئيس الروسي فلادمير بوتين دائماً ما يكون المتحدث التالي بعد نظيره الصيني في كل المؤتمرات الدولية التي تستضيفها الصين.
وأردف الكاتب ان "وثائق الامن القومي الصينية والروسية تصف العلاقات بين بكين وموسكو بـ"الشراكة الشاملة والاستراتيجية"، موضحا ان الرئيس الصيني قال في وقت سابق ان العلاقات بين الجانبين تعد من اهم العلاقات الثنائية في العالم وأفضل علاقة بين بلدين كبيرين.
وتحدث الكاتب حول إنشاء "تحالف عسكري وظيفي" بين الصين وروسيا، لافتا إلى ان المسؤولين العسكريين الروس والصينيين يجرون محادثات صريحة ومفصلة عن التهديد المتمثل بالتحديث النووي الاميركي والدفاع الصاروخي. وذكر ان روسيا قامت خلال الأعوام الاخيرة ببيع أحدث انظمة الدفاع الجوي إلى الصين وهو نظام "اس-400"، اضافة إلى تعاونهما في مجال ابحاث وتطوير محركات الصواريخ والطائرات من دون طيار.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أشار الكاتب إلى تنسيق المواقف بين الصين وروسيا في الملفات الدولية، وقال إن بكين وموسكو لديهما مواقف متشابهة خلال تصويتهما في الأمم المتحدة بنسبة 98 بالمئة. كما أشار إلى ان روسيا دعمت كل فيتو صيني منذ العام 2007، وحققا تعاونا وطيدا من اجل انشاء منظمات جديدة تنافس المنظمات التقليدية التي تقودها اميركا، مثل منظمة تعاون شنغهاي ومنظمة بريكس.
أما على الصعيد الاقتصادي، قال اليسون ان روسيا "استدارت نحو الشرق لتصبح الصين شريكتها التجارية الاولى وتحل مكان الولايات المتحدة وألمانيا، مضيفا ان بكين تعد "المشتري الاول" للنفط الخام الروسي.
الكاتب تابع ان رجال الاعمال الروس الكبار الذين يجدون انفسهم في مرمى العقوبات التي تمنعهم من العمل التجاري مع الولايات المتحدة، بداوا يبحثون عن البدائل"، مشيرا إلى ان الدراسات اظهرت ان نسبة 69 % من الروس لديهم موقف سلبي من الولايات المتحدة، بينما نسبة 69 % لديهم موقف ايجابي تجاه الصين.
ولفت إلى ان هذه الدراسات بينت ان نسبة ثلثي الروس يرون ان الولايات المتحدة هي العدو، ما يعني انها الخصم الاكبر لروسيا. وبحسب هذه الدراسات، فان نسبة 2% فقط من الروس يرون ان الصين هي العدو.
وفي سياق متصل، أشار الكاتب ديمتري سيميز في مقالة نشرها الموقع نفسه، إلى ان الصين وروسيا قد تقومان بانشاء "جبهة موحدة" لـ"مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها".
وقال الكاتب : رغم "العداوات الماضية" و"الاختلافات الثقافية"، فان الصين وروسيا "تتشاركان الحكم الاستبدادي" والامتعاض مما يعتبرون انها مساع اميركية تهدف إلى الاحتواء وان لم يكن "التطويق" العسكري، علاوة على "الهجمات السياسية العلنية و السرية" على نظامي الحكم في الصين وروسيا.
وتناول الكاتب التنامي التجاري بين روسيا والصين بشكل ملحوظ، مشيرا إلى ان الصين اصبحت الشريك التجاري الاول لروسيا و المسؤولة عن نسبة 15 % من تجارة روسيا مع الخارج خلال عام 2017. واردف ان موسكو تتوقع بان تصل قيمة التبادل التجاري بين الجانبين إلى 100 مليار دولار خلال عام 2018.
ولفت الكاتب إلى كلام متزايد حول شراكة سياسية واقتصادية وعسكرية بين البلدين، ومذكرا بتصريح لوزير الخارجية الصيني وانغ يي قال فيه ان "علاقات الصين مع روسيا هي في أفضل مستواياتها تاريخيا"، فيما قال الرئيس الروسي فلادمير بوتين إن الصين هي شريك استراتيجي لبلاده وان العلاقات بين البلدين هي في اعلى مستواياتها". واردف انه "في حال تم بالفعل إنشاء مثل هكذا حلف صيني روسي، فان "الديناميكيات" في المجال الجيوسياسي والاقتصادي ستتغير بشكل كبير وليس لصالح اميركا والغرب.
الكاتب اشار إلى تقرير صدر عن لجنة استراتيجية الدفاع القومي (المفوضة من قبل الكونغرس)، التي حذرت من ان روسيا والصين قادرتان على تحدي الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها على نطاق اوسع من اي وقت مضى منذ الحرب الباردة. ولفت إلى ما ورد بهذا التقرير لجهة استفادة كل من موسكو وبكين من التكنولوجيات الناشئة لايجاد "مشاكل عسكرية جديدة" للقوات الاميركية.
كما أشار الكاتب إلى تناغم التصويت بين روسيا و الصين في مجلس الامن، وقال انهما الصين عارضتا طرح ترامب بفرض المزيد من العقوبات على إيران، وصوتتا لادانة القرار الاميركي عام 2017 بنقل السفارة الاميركية إلى القدس، مضيفا ان هناك تنسيقا بين الجانبين في الامم المتحدة في القرارات المتعلقة بالملف السوري.
اما بالنسبة الى الجانب العسكري، ذكّر الكاتب ان اكثر من ثلاثة الف جندي صيني شاركوا بالمناورات العسكرية الروسية بشهر ايلول/سبتمبر عام 2017، التي وصفت بانها أكبر مناورات بين الجانبين منذ أيام الاتحاد السوفييتي. وحذر من ان الولايات المتحدة قد تواجه "تهديدات نوعية جديدة" في حال قامت موسكو بمشاركة بعض التكنولوجيات كتلك التي تستخدم بمحركات الطائرات وأنظمة توجيه الصواريخ.
و قال الكاتب ان إمكانية التحالف الصيني الروسي تعطي موسكو "جرأة" اكبر في مواجهة الضغوط الاميركية وتجعل روسيا اكثر استعداداً "لاستهداف المصالح الاميركية" في حال تدهورت العلاقات الروسية الاميركية اكثر.
وحذر الكاتب من ان تجاهل امكانية التعاون الصيني الروسي ضد الولايات المتحدة وتجاهل العوامل التي قد تعزز هذا التعاون قد يكون مكلفاً.