الخليج والعالم
الأزمة الليبية تتعقد.. معركة طرابلس حاسمة وجلسة لمجلس الأمن اليوم
تستمر الأزمة السياسية والأمنية في ليبيا تعقيدًا في ظل وجود سلطتين متنافستين متمثلتين بـ"حكومة الوفاق الوطني" بقيادة فايز السّراج التي مقرها العاصمة طرابلس والمدعومة من الأمم المتحدة، و"الحكومة المؤقتة ـ الجيش الوطني الليبي" بقيادة المشير خليفة حفتر والمدعومة من مصر والسعودية والإمارات ومقرها شرق البلاد.
بعد الإطاحة بنظام الرئيس معمّر القذافي في آذار/مارس 2011، شهدت الساحة الليبية إقتتالاً شرسًا بين عدد من الفصائل المسلحة المدعومة بغالبيتها من الخارج ضمن أجندات سياسية مختلفة من جهة، وبين قوات النظام السابق الذي انهار سريعًا من جهة أخرى. وما لبثت هذه الفصائل أن انضوت في معظمها تحت عباءتي السراج وحفتر.
حلفاء الأمس اللّذين قاتلا معًا تحت لواء "الثورة" إبتعدت أهدافهما عن بعض، الى أن وصل الأمر بينهما الى نشوب حرب طاحنة طالت كل المرافق الليبية. وبعد أن لحق غالبية الجيش الليبي السابق بحفتر، وغالبية الفصائل المسلحة بحكومة الوفاق الوطني التي أُعلنت عن تشكيلها في آذار 2016، قاد حفتر في أيلول 2016 عملية "البرق الخاطف" للسيطرة على منشآت النفط الرئيسية في منطقة "الهلال النفطي"، مسلمًا مفتاح أهم صادرات البلاد إلى حليفه برلمان طبرق، ويعتقد أن المشير الآن يسيطر على معظم الاحتياطيات النفطية في البلاد.
ومع ذلك، اتفق السراج مع حفتر في أيار 2017 على العمل سويًا لإنهاء الأزمة التي تشهدها البلاد، بحسب بيان رسمي مشترك. لكن لم يتم بالفعل تحقيق ذاك الاتفاق.
وبعد أن أحكم حفتر سيطرته على بنغازي وجه بصره إلى المنصب الأعلى في البلاد وشنّ هجومًا كبيرًا على العاصمة طرابلس الثلاثاء الماضي تحت اسم عملية "بركان الغضب" مدعوماً بهالة إعلامية سعودية إماراتية، حيث تعهدت الفصائل المسلحة التابعة لـ"حكومة الوفاق" المعترف بها دوليًا بالتصدي لقوات "الجيش الوطني". ويأتي ذلك بعد إعلان حفتر في 4 نيسان الجاري إصداره أوامر لقواته بالتحرك نحو الغرب والسيطرة على طرابلس.
وقد تزايدت الخسائر البشرية في معركة السيطرة على العاصمة الليبية، بعد تقدم قوات شرق ليبيا من محورين في الشرق والجنوب للسيطرة على المدينة. ونقلت وكالة رويترز عن منظمة الصحة العالمية قولها إن جهات صحية ليبية محلية أعلنت عن مقتل 47 شخصًا وجرح 181 في المعارك الدائرة للسيطرة على العاصمة.
ونقلت الوكالة عن شهود عيان قولهم إن قوات شرق ليبيا تقاتل إلى الجنوب من المدينة بعد أن فقدت السيطرة على مطار طرابلس القديم وانسحبت إلى الطريق المؤدية إليه.
وأكدت مصادر أنه لا يزال حي عين زاره يشهد مواجهات مع خلية تابعة لقوات حفتر محاصرة داخل العاصمة، وكانت المواجهات قد تجددت فجر اليوم الأربعاء في محور وادي الربيع شرق العاصمة والذي يشكل الرابط بينها ومدينة ترهونة.
وقصفت مقاتلات حفتر اليوم محيط مطار طرابلس بعدما خسرته أمس، كما قصفت أحياء بن غشير ووادي الربيع بصواريخ "الغراد" ومدفعية "الهاوزر"، محدثة أضراراً مادية بليغة في منازل سكان المنطقة. وأعلنت شعبة الإعلام الحربي التابعة للقيادة العامة للقوات المسلحة لحفتر صبيحة اليوم سيطرت قواتها على معسكر اللواء الرابع بمنطقة العزيزية جنوب غرب العاصمة.
بالمقابل، استهدف طيران السراج اليوم الخطوط الخلفية لقوات حفتر عدة مرات بهدف تقدم جديد باتجاه مدن الجبل الغربي، ولا تزال مفرزة من قوات المشير مستمرة في القتال داخل حي عين زاره دون أن تعلن استسلامها، وأغلب أجزاء الحي أصبحت فارغة من السكان بسبب شدة القتال، حسب المصدر السابق.
ويربط محللون بين خطوة حفتر بتحريك قواته وإعلان الأمم المتحدة عن "مؤتمر وطني" في مدينة غدامس الليبية في الفترة بين 14 إلى 16 من الشهر الجاري. ويرى المحللون أن قرار حفتر جاء بعد أن رأى أن تسوية الأزمة الليبية وفقًا لمخططات الأمم المتحدة قد وصلت إلى طريق مسدود.
وفي ظل الوضع الراهن، أعلنت البعثة الألمانية لدى الأمم المتحدة أن ألمانيا دعت لعقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا اليوم الأربعاء.