الخليج والعالم
في ظل التصعيد بين السلطة واتحاد الشغل.. ما مصير الحوار الوطني التونسي؟
تونس – عبير رضوان
تعيش تونس حالة من الاستقطاب السياسي غير المسبوق في ظل تواصل الأزمة بين الرئيس قيس سعد من جهة والاتحاد العام التونسي للشغل وأحزاب المعارضة من جهة أخرى.
وانعكست الأزمة عبر احتجاجات شهدها الشارع ردًا على سياسات السلطة التنفيدية سواء الحكومة أو رئاسة الجمهورية، خاصة في ما يتعلّق بالتنديد بحملة الاعتقالات الأخيرة التي طالت شخصيات وازنة في المعارضة.
والمعلوم أنّ الاتحاد العام التونسي للشغل انضمّ مؤخرًا الى صفوف المعارضة، مع تنظيم تحركات احتجاجية في شارع بورقيبة في العاصمة التونسية وفي مختلف الولايات رغم رفض الحكومة الترخيص لها.
مزيد من التصعيد
ويرى عدد من المراقبين أنّ كل هذه التطورات تجعل فرص الحوار الوطني أبعد من أي وقت مضى. وفي هذا السياق يؤكد الكاتب والمحلل السياسي التونسي ماجد البرهومي لموقع "العهد" الإخباري أن "الأوضاع في تونس متجهة الى المزيد من التصعيد، خاصة أن هناك إصرارًا من قبل السلطة التنفيذية على أنّ هناك مؤامرة تستهدف أمن الدولة وحكم الرئيس التونسي شخصيًا تقوم بها أطراف من المعارضة، بالتعاون مع أطراف خارجية في مقدمتها فرنسا والولايات المتحدة الأميركية وقوى أخرى".
ويضيف البرهومي لـ"العهد" أنّ "هناك بالمقابل أطرافًا نقابية وتحديدًا الاتحاد العام التونسي للشغل تبدو أنها سائرة في التصعيد لعدد من الأسباب، أولها غلاء المعيشة غير المسبوق الذي تعيشه البلاد. والاتحاد يعتبر نفسه وصيًا على الطبقة العمالية الكادحة كما أنه لا يستسيغ إبعاده عن دائرة القرار وعن المشاركة في الحكم مثلما اعتاد على ذلك منذ بداية الاستقلال باعتباره كان شريكًا في مرحلة الكفاح ضد الاستعمار، وكان شريكًا في بناء الدولة الوطنية وكان على الدوام صاحب رأي في إدارة شؤون الدولة".
ويعتبر البرهومي "أن إبعاد الاتحاد عن دائرة القرار والسلطة يمسّ -برأي الاتحاد- من اجتماعية الدولة التونسية التي كانت على الدوام دولة اجتماعية تراعي الطبقات الكادحة والفقيرة والفئات الهشّة وتأخذ بيدهم جميعًا. ولم تذهب تونس باتجاه الليبرالية الا خلال السنوات الأخيرة، وهو ما تطلّب إبعاد الاتحاد العام التونسي للشغل".
ويرى الكاتب أن "الاتحاد منزعج من السلطة التنفيذية، باعتباره تقدّم بمبادرة للحل في ما يتعلق بالأزمة السياسية في تونس بالشراكة مع منظمات وطنية أخرى، على غرار الهيئة الوطنية للمحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وغيرها من المنظمات الوطنية الكبرى المعروفة بمساهماتها في النضال ضد الاستعمار، وفي بناء دولة الاستقلال وإيجاد الحلول عند الأزمات في كل المراحل التي مرّت بها تونس عبر تاريخها الحديث، وهو ما ميّز تونس عن عديد الدول التي كانت ربما تستنجد بقوى دولية وبالأمم المتحدة لتجد لها الحلول".
ويتابع الكاتب حديثه لموقع "العهد" قائلاً: "إن تونس كانت باستمرار لها منظمات وطنية عريقة كبرى قادرة على رعاية حوار وطني بين القوى السياسية، وعلى إيجاد الحلول التونسيةـ التونسية، وهذه المرة الرئيس قيس سعيد رفض مبادرة الاتحاد ضمنيًا عندما قال إنه لا فائدة من حوار وطني باعتبار أن هناك انتخابات أفرزت عن مجلس نواب هو من يسيّر الدولة. وبالتالي يبدو أن الاتحاد العام للشغل منزعج من رفض سعيد لهذه المبادرة، وهي المرة الثانية التي يتمّ رفض مبادرة للحل يتقدم بها. لذلك يبدو أن الأمور سائرة نحو التصعيد بين الطرف النقابي، كما أن المعارضة ستصعّد باعتبار أنها ترى نفسها مستهدفة والسلطة ستصّعد من حملة الاعتقالات والمحاكمات التي ستطال عديد الأطراف".
من جهتها، تؤكد الصحفية التونسية وفاء العرفاوي لـ "العهد" أن الأيام القادمة ستحمل المزيد من التوتر، خاصة في ظل التحركات الاحتجاجية التي شهدتها البلاد طيلة الأيام الماضية، رغم رفض الحكومة إعطاء رخصة لها مما يزيد الوضع تعقيدًا.
وخلصت العرفاوي الى أن "كل الاحتمالات اليوم واردة في البلاد مع مطالبة الشارع التونسي بمحاسبة مافيات الفساد والاحتكار، وخشية البعض الآخر من أن تكون المحاسبة ذريعة للسلطة للتخلص من المعارضة"، مؤكدة أنه "لا سبيل اليوم أمام التونسيين سوى الحوار الوطني للخروج من المحنة".