الخليج والعالم
توحيد المؤسسة العسكرية معضلة تؤرق الليبيين وتعمّق الإنقسام
تونس – عبير رضوان
خلال اليومين الماضين، احتضنت تونس إجتماع ما يسمى بـ "مجموعة العمل الدولية الأمنية" المعنية بليبيا، والذي ناقش توحيد المؤسسة العسكرية في البلاد والمضي في تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الموقع بين الفرقاء الليبيين.
وحضر الإجتماع رؤساء مجموعة العمل المشاركين، ممثلين عن المملكة المتحدة وتركيا وإيطاليا والاتحاد الإفريقي، وممثلي عدد من الدول الأعضاء في عملية "برلين من أجل ليبيا".
وتضمّ "مجموعة العمل الدولية الأمنية" ممثلين رفيعين لكل من تركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا ومصر والاتحاد الإفريقي، تجتمع دوريًا لتقييم الأوضاع الأمنية في ليبيا.
وناقش المجتمعون في تونس "التنفيذ التام لإتفاق وقف إطلاق النار بما في ذلك مراقبته، ونزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب وتشكيل قوة عسكرية مشتركة".
وفي هذا السياق، أكد المحلل السياسي المختص في الشأن الليبي مصطفى الجريء لموقع "العهد الاخباري" أن أنظار الليبيين والمجتمع الدولي من خلال الأمم المتحدة تتجه لما تنجزه اللجنة العسكرية المشتركة في سياق تنفيذ إتفاق وقف إطلاق النار الموقع بجنيف في 23 تشرين الأول/اكتوبر 2020.
وأضاف: "يوقن الجميع تقريبًا بما فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عبد الله باثيلي وبعد سلسلة من اللقاءات المباشرة مع المتصدرين للمشهد السياسي والعسكري أن تجاوز المأزق السياسي لن يكون سهلًا لعدة أسباب بينها انعدام الثقة بين الفرقاء المحليين وأيضا التدخلات الخارجية والإنقسام الدولي وصراع المصالح" .
وتابع: "في ظل تعثر العملية السياسية وتعقّد مسالكها بسبب رفض الفرقاء القيام بتنازلات تبدو ملحة لبلوغ توافقات حول السياق الدستوري للانتخابات والقوانين الانتخابية وتقاسم الثروة والمناصب السياسية، لهذا يراهن الجميع أو على الأقل الأطراف المحلية والدولية - لا سيما دول الجوار العربية منها الجزائر وتونس ومصر - على توافق اللجنة العسكرية على توحيد الجيش الليبي تحت قيادة موحدة ومدنية".
ومنذ إعلان "اتفاقية وقف إطلاق النار" التي وقعتها بجنيف أطراف النزاع العسكري الليبي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 وفق مبادرة تركية روسية، تعقد لجنة (5+5) اجتماعاتها داخل وخارج البلاد لتوحيد الجيش الليبي تحت رعاية الأمم المتحدة.
كما ترعى الأمم المتحدة مسارًا سياسيًا للوصول إلى انتخابات تحل صراعًا بين حكومة عينها مجلس النواب بطبرق شرق البلاد برئاسة فتحي باشاغا وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب. والى الآن فشلت الأمم المتحدة عبر مبعوثيها في إرساء الاستقرار السياسي وتوحيد المؤسسات في ليبيا بسبب تداخل المصالح الخارجية.
وفي خضم هذه التطورات، صادق مجلس النواب الليبي في 6 كانون الأول/ديسمبر الجاري بأغلبية الحاضرين على قانون إنشاء المحكمة الدستورية العليا التي سيكون مقرها الدائم في مدينة بنغازي في الشرق الليبي بدلًا من العاصمة طرابلس، التي تحتضن مقر المحكمة العليا، ودائرتها الدستورية.
وينصّ القانون على إلغاء المحكمة العليا، وتغيير اسمها إلى محكمة النقض، ونقل تبعية الجريدة الرسمية من وزارة العدل إلى البرلمان.
ومن شأن هذا القرار أن يعمّق الانقسام المؤسساتي الذي تعاني منه ليبيا بوجود سلطتين للقضاء في الشرق والغرب، فالقانون الجديد ينص على أن مجلس النواب يختار ثلاث أعضاء في المحكمة الدستورية، والمجلس الأعلى للقضاء يختار ثلاث أعضاء أيضًا، ونفس الحصة لرئيس الدولة، أما الأربعة المتبقيين فتنتخبهم الجمعية العمومية لمجلس القضاء، ويصدر قرار تعيين رئيس المحكمة ونائبه وأعضائها من مجلس النواب.