الخليج والعالم
بابا الفاتيكان في البحرين ومناشدات من شخصيات بارزة لإيلاء القضايا الحقوقية أولوية
يبدأ بابا الفاتيكان فرنسيس اليوم زيارة رسمية إلى البحرين تستمرّ أربعة أيام وتعدّ الأولى لحبر أعظم الى المملكة الخليجية الصغيرة، وسط نداءات من جهات وشخصيات وطنية ومنظمات حقوقية لإثارة قضايا متعلقة بحقوق الإنسان.
البابا يُشارك خلال زيارته في ملتقى البحرين للحوار "الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" الذي افتتح أعماله صباح اليوم الخميس.
وحتى لا تغفل الزيارة عن ملفّ إنساني لم تعمل السلطات البحرينية على حلّه منذ تفجّر الأزمة في البحرين عام 2011، صدرت بيانات سياسية وحقوقية تضع بابا الفاتيكان في صورة السياسات التمييزية التي تلحق بالنشطاء السياسيين وسجناء الرأي وأبناء الطائفة الشيعية .
آية الله عيسى قاسم
المرجع الوطني الكبير في البحرين آية الله الشيخ عيسى قاسم دعا في بيان له الوجوه الدينية التي ستحضر ملتقى البحرين "حوار الشرق والغرب من أجل التعايش الإنساني" إلى إعلان رأيها الصريح الناصر للدين والحقوق الإنسانية.
وأوضح الشيخ قاسم أنّ المؤتمر الذي يُقيمه نظام الحكمِ في البحرين تحت عنوان مؤتمر التعايش، يأتي في سياقِ مسارِ التّطبيعِ والتّمكينِ للكيان الاسرائيلي في المنطقة والبحرين بالخصوص، وفي سياق الاضطهاد البالغ لشعب البحرين من النّظام الذي يحكمها.
وأكّد الشيخ قاسم أنّ الشعب البحريني يتعرّض لاضطهاد شامل لكلِّ الأبعاد؛ من البعد السّياسيّ والاجتماعيّ والدينيّ والثقافيّ والإنسانيّ، ويَطَالُ الحريَّاتِ الكريمةَ والحقوقَ الثابتةَ كلّها، وأنّ سطح الحياةِ في البحرين شاهدٌ حيٌّ على ذلك، وتوثيقاتُ المنظماتِ الحقوقيّةِ -المحليّة والخارجيّة- مرجعٌ حافلٌ بهذه الشهادة.
آية الله قاسم لفت إلى أنّ دعوة وجوه علمائية بارزة على مستوى الأمَّة والعالم تهدف الى إعطاء حضورها وزنًا مؤثرًا في الرأيّ العامّ الجماهيريّ للأمَّة، لأنَّ جماهير الأمَّة هي المستهدفة لنيلِ رضاها والتفافها بهذه المخرجات التي يُقام المؤتمرُ من أجلها.
وأكّد الشيخ قاسم أنّه اذا جاءت مخرجات المؤتمر على خلاف مقتضى الدِّين وعدلِهِ والكرامةِ الإنسانيَّة، لكان في ذلك مصيبة اشتراك الوجوه الدينيّة في اعتماد هذه المخرجات، ولا يُعفي هذه الوجوه من مسؤوليَّتها إلا أن يكون لها رأيٌ معلنٌ صريحٌ يُعارضُ هذه المقرّرات، ويبرأ منها.
وتمنى الشيخ قاسم أن يكون هناك موقفٌ حازمٌ من الوجوهِ الدينيّةِ التي تقبل بحضور المؤتمر بأن تُعلن في مرحلة تعاطي الآراء وتعقيبًا على النتائج، الرأي الصريحَ الموجِّهَ والناقدَ الناصرَ للدِّين والحقوقِ الإنسانيةِ التي تتفقُ مع إنسانيَّة الإنسان وكرامتِهِ وغايةِ الحياة، وتؤسّسُ لسلامٍ حقيقيٍّ تنتهي به حالةُ الاستضعافِ والاستسلامِ لظلم الظالمين.
وشدّد آية الله قاسم على أنّه لا بدّ لعلماءِ الدِّين ممَّن يختار حضورَ المؤتمرِ من أيِّ مستوىً من المستويات، وخاصةً مَنْ تمَّ التركيز الرسميُّ عليهم، من الموقفِ الحازمِ المشرّفِ الصريحِ الذي يخدم الحقَّ والعدلَ ويُنكر ما يخالفهما، وذلك وفاءً لأمانةِ الدِّين ورعايةً لطهرِ عدلِهِ، وتحمُّلاً لمسؤوليَّته الكبرى، وتقديراً لإنسانيّةِ الإنسان، ومن أجل السلام الحقّ.
وختم بيانه بالقول إنَّ "ما يتطلَّعُ إليه النَّاسُ من حضراتِ العلماءِ المحترمين هو الموقفُ الشجاعُ الأمينُ الذي يوافقُ شجاعةَ الدِّين وأمانتَهُ وصدقَهُ وإخلاصَهُ".
رموز المعارضة المعتقلون في السجون
كذلك عبّر رموز المعارضة المعتقلون من داخل سجونهم عن أملهم في أن "تكون لقداسة البابا كلمة حق تستجيب لداعي الإيمان والفطرة"، مُبينين أن الشعب البحريني تعرض لانتهاكات موثقة في تقارير دولية.
البيان الموقّع باسم كل من آية الله الشيخ عبد الجليل المعتاد، الشيخ سعيد النوري، الشيخ محمد حبيب المقداد والأمين العام لجمعية الوفاق الشيخ علي سلمان، رحّب بزيارة بابا الفاتيكان للبلاد "راعيًا للسلام والإصلاح والعدالة". وأضاف البيان " اعلم أن قدمك ستطأ أرضًا يُرفع فيها شعار التسامح والتعايش إلا عن أبنائها وشعبها، ويُوصف فيها العدل والإحسان ويُعمل فيها بالظلم والعدوان".
وأردف "أبناء هذه الأرض بين قتيل ضمه القبر، وأمّ ثكلى، وجريح يعاني، ومقيّد غيّبته السجون، وملاحق مطارد، ومنفيّ أخرج من دياره وأهله، وباقٍ في أرضه صابرًا محتسبًا، وقد وثق تقرير بسيوني وغيره من المنظمات الحقوقية العالمية الكثير من الانتهاكات التي تعرض لها أبناء هذه الارض".
وأضاف البيان "حضرة البابا إن تحقيق الإصلاح والعدالة والكرامة الإنسانية هي الأهداف المشتركة لكل الرسالات السماوية وهي لا تقبل بظلم العباد ولا إفساد في البلاد، وتلك أهداف سعى أبناء هذه البلاد لتحقيقها وقدموا لأجلها تضحيات جسامًا".
وخلص البيان الى "أننا نأمل أن تكون لكم أثناء زيارتكم لهذا البلد كلمة حق تستجيب لداعي الإيمان والفطرة، فإن أبناء هذا البلد تعايشوا مع أهل الأديان السماوية وغيرهم كما يشهد بذلك ماضيهم وحاضرهم".
بيان قوى المعارضة
وأكدت القوى المعارضة أن واقع البحرين يغلي بالأزمات والمشكلات التي لا حصر لها على كل المستويات، لافتة إلى الاضطهاد والظلم وانعدام العدل وغياب التسامح والإنصاف وتسيد القمع والبطش الموجه على أساس الاختلاف الفكري والديني والمذهبي والسياسي.
ودعت قوى المعارضة "الزعماء الروحيين إلى الضغط على النظام لوقف استهداف المواطنين سياسيًا ومذهبيًا"، لافتة إلى ضرورة "التنبه لعدم استغلال النظام مثل هذه الزيارات لمزيد من التضييق والقمع والازدراء والتهميش، وحاجة البحرين الملحة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وضرورة الحل السياسي الشامل لينعم الجميع بالحرية والاستقلال".
أُسر المعتقلين
كذلك ناشدت أسر معتقلين محكوم عليهم بالإعدام في البحرين البابا فرنسيس أن يعلن انتقاده لعقوبة الإعدام ويدافع عن السجناء السياسيين خلال زيارته للمملكة هذا الأسبوع.
وجاء التماس الأسر في رسالة مفتوحة أصدرها معهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومقره لندن.
وناشدت الرسالة البابا أن يتحدث عما تصفه الجماعة بانتهاكات لحقوق الإنسان مثل سجن المعارضين من مؤيدي الديمقراطية، خلال زيارته من الثالث إلى السادس من نوفمبر تشرين الثاني.
وجاء في الرسالة التي كتبها ذوو 12 شخصا محكومًا عليهم بالإعدام "ما زال أفراد من ذوينا خلف القضبان وقد ينفذ فيهم حكم الإعدام على الرغم من الظلم الواضح في إدانتهم. كثيرون منهم استهدفوا لأنهم شاركوا في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية خلال الربيع العربي. يحدونا أمل أن تكرروا أثناء زيارتكم للبحرين دعوتكم لإلغاء عقوبة الإعدام وتخفيف الأحكام الصادرة عن أفراد عائلتنا".
منظمات حقوقية
بالموازاة، قالت تسع منظمات حقوقية بينها هيومن رايتس ووتش في بيان مشترك إنه يتعيّن على البابا فرنسيس "مطالبة البحرين علنًا بوقف تنفيذ جميع الإعدامات، وإلغاء عقوبة الإعدام، والتحقيق بجدية في مزاعم التعذيب وانتهاكات الحق في محاكمة عادلة".
وكانت هيومن رايتس ووتش قد ندّدت في تقرير الاثنين بـ"تهميش الحكومة المستهدف" لشخصيات معارضة.
اللجنة العربية لحقوق الإنسان
بدورها، أملت رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان فيوليت داغر من الحبر الأعظم أن "يوجه أقله رسالة قوية للسلطات السياسية في بلد يعاني من الاستبداد السياسي".
ولفتت داغر الى أن قبضة البطش الغليظة "طالت حتى علماء دين، كالشيخ عيسى قاسم الذي حوكم، وأسقطت جنسيته، وأبعد قسرًا عن بلدته، أو الشيخ علي سلمان حبيس السجن منذ سنوات، وهو رئيس أكبر جمعية وطنية دخلت البرلمان، أو الشيخ عبد الجليل المقداد وغيره المئات من علماء الدين، غالبهم ينتمي للطائفة الشيعية المضطهدة في البحرين".
وتابعت "البابا فرنسيس" الذي يعرف هذا وأكثر عن الأوضاع في البحرين، يؤمل منه، وهو كما يفترض أول المدافعين عن المظلومين في العالم، أن يتماشى مع رسالته في التسامح والسعي للسلام، انسجامًا مع نفسه وعظاته، وأن يتطرق للحريات التي يجب أن تصان، ولانتهاكات حقوق الإنسان التي يجب أن ترفع، وهذا أضعف الإيمان".
وأسفت رئيسة اللجنة العربية لحقوق الإنسان لأنها لا ترى بارقة أمل كبيرة "كون الحبر الأعظم، الذي ينتقي زياراته بعناية، من ناحية أوضاع البلد السياسية، نراه كمن رضخ للضغوط، حيث لم يدرج على أجندة زيارته لقاءً مع ممثلي الشيعة، ولو فعل لكان في ذلك إشارة قوية بأنه فوق كل السياسات السياسوية، ولا يخضع للعبتها القذرة".
وفي الختام، دعت داغر إلى أن يصدر النظام البحريني تزامنًا مع الزيارة "عفوًا عن رجال الدين البحرينيين، المضطهدين في السجون والمنافي، وأن تتخذ إجراءات بخصوص سائر المساجين، تتماشى مع الصورة التي تدفع البحرين من أموال أبنائها لتصديرها للعالم" مؤكدةً أن ذلك "ضمانة للحكم من الاهتزازات، التي من غير المستبعد أن تعصف به مع الظروف الخانقة، التي يعيشها شعب البحرين، وفي ظل تحولات دوليّة مفصليّة، قد تنزل كزلزال مدمر على رؤوس الكثير من حكام العالم".
جمعية الوفاق البحرينيةالمنظمات غير الحكوميةالسجونالفاتيكانالبابا فرنسيس الاولحقوق الإنسان