الخليج والعالم
ندوة فكرية في تونس: زيارة بايدن بين الدلالات والتحديات ومخاطر التطبيع
تونس – روعة قاسم
نظّم مركز دراسات أرض فلسطين للتنمية والانتماء بالاشتراك مع مركز مسارات للدراسات الفلسفية والإنسانيات، ندوة فكرية تحت عنوان "زيارة بايدن للمنطقة: الدلالات والتحديات والمهام" بمقر مركز مسارات بتونس العاصمة.
وترأس الندوة وأدارها الدكتور موديبو دانيو رئيس وحدة الدراسات الإفريقية بالمركز، وتولى تقديم الندوة ووضعها في إطارها الموضوعي والاستراتيجي، مشيرًا إلى أنّ "زيارة بايدن للمنطقة العربية وبوتين إلى إيران والاستعدادات الجارية لزيارة ماكرون لإفريقيا، أمر يشير إلى حراك عميق على المستوى الدولي كتعبير عن حالة الصراع القائمة والتموضعات الجديدة، وفي هذا السياق تأخذ المنطقة العربية أهميتها كنقطة ربط وموقع استراتيجي، لذلك نتوقف أمام زيارة بايدن تحديدًا".
وقُدمت خلال الندوة مداخلتان، الأولى كانت بعنوان: "إعلان القدس وبيان جدة: استمرارية الهيمنة أم بداية الانعتاق؟"، قدمها الدكتور كمال ساكري. وتوزعت هذه المداخلة على ثلاثة محاور:
المحور الأول وصفي لخّص أهم النقاط الواردة بإعلان القدس وبيان جدة من تأكيد على حماية أمن الكيان الصهيوني والسعودية والدول المطبّعة وضمان تفوق آسيا العسكري واستعداد أميركا لاستخدام كافة الأسلحة بما فيها ضمنيًا النووي لردع الأعداء، والتأكيد على حماية منابع النفط والغاز ومسالكهما وتأكيد الشراكة الاستراتيجية بينها وبين السعودية.
أما المحور الثاني فقد ركّز على سلوك الهيمنة الأميركية واتباعه سياسة الترهيب للأعداء والترغيب للأصدقاء وهي سياسة تتعلّق بالقطبية الأحادية.
وجاء المحور الثالث المعنون بـ"أنوار الانعتاق" ليشير إلى تبرم الدول العربية من سياسة العصا الغليظة الأميركية الصهيونية وظهور قوى جديدة مقاومة في مقدمتها حزب الله والقوى الفلسطينية مدعومين من قوى عربية مثل سوريا والجزائر ومسنودين دوليًا من إيران وروسيا والصين... وهي مستجدات تبشّر بميلاد نظام عالمي جديد متعدد الأقطاب من المجيد لحركة التحرير العربي والإسلامي أن تستفيد منه في استراتيجية مقاومتها لأعدائها.
أما المداخلة الثانية فقد كانت بعنوان: "المخاطر الاستراتيجية لإعلان القدس ومهام حركة التحرر العربية" قدّمها الدكتور عابد الزريعي، وجاءت في ثلاثة أقسام اشتمل كل منها على عدد من المحاور.
*المخاطر الاستراتيجية لإعلان القدس
واعتبر الزريعي في مداخلته أن إعلان القدس للشراكة الاستراتيجية المشتركة بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" الموقع بتاريخ 14 تموز/ يوليو 2022 يعد الوثيقة الأهم من بين الوثائق الثلاث التي واكبت زيارة بايدن للمنطقة، وهي البيان الأميركي حول اللقاء مع رئيس السلطة الفلسطينية، والبيان الختامي للمؤتمر، وذلك لسببين الأول أنه يعكس ويرسم بدقة مستوى الشكل والمضمون ومستوى العلاقة بين أميركا والأطراف الثلاثة، وثانيًا لأنه باختيار القدس كمكان واسم له، يشكل إضافة جديدة لقرار ترامب بالاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان من ناحية، كما أنه يأتي وكأنه يشكل ردًا على معركة "سيف القدس" التي ذُكرت أحداثها مرتين في ثناياه، كما أنه يحرّض الذاكرة على استعادة إعلان بلفور الذي كان بمثابة الوثيقة التي أنتجت "إسرائيل" بينما جاء إعلان القدس كوثيقة لضمان امتدادها في الإقليم.
*الالتزامات الأميركية تجاه كيان الاحتلال
وقال الزريعي: "إن المضامين تتبدى في ثلاثة عناوين: أولها الالتزامات الأمنية، وتتحدد في الالتزام الأميركي الدائم بأمن "إسرائيل". التزام دائم بأمن "إسرائيل" وتعزيز قدرتها على الدفاع والردع والتفوق العسكري. وتتلخص في دعم "اتفاقيات "أبراهام" وتوسيعها لتشمل المزيد من الدول العربية والإسلامية، وبناء هيكل إقليمي، وتعميق العلاقات بين "إسرائيل" وشركائها الإقليميين، ودفع التكامل الإقليمي لـ"إسرائيل"، وثالثها الالتزامات العملية (التنفيذية) وتتمثل في دفع حوالى 40 مليار دولار وتنفيذ مذكرة بقيمة 38 مليار دولار.
وتابع الزريعي في مداخلته أن "الحلقة المركزية المحرّكة والضابطة لنسق الإعلان تتحدّد في تعميم وتوسيع التطبيع، الأمر الذي يفرض أن تتمثل حلقة الصدّ المركزية لحركة التحرر العربية، في دحر قوى التطبيع بوصفها مدخل التمدد "الإسرائيلي" وإعادة التموضع الأميركي.
وأكد أن هناك إشكاليات تمنع من تشغيل حلقة الصدّ بفعالية وهي: الارتباك في قراءة المشهد الإقليمي والدولي، الضبابية في تحديد التناقض الرئيس، تفشي النزعة القطرية، والتبسيطية المضللة.
وأشار الزريعي إلى أنه لتجاوز الإشكاليات القائمة، يجب المباشرة بلقاء موسع لفصائل حركة التحرر العربية، بمثابة مؤتمر قومي بهدف صياغة تصور نظري واضح، يشكل مرشدًا لحركة التحرر العربية في المرحلة القادمة، وبلورة آليات وأدوات عمل قادرة على الفعل والتأثير في الواقع، بحسب قوله.