الخليج والعالم
رسائل متناقضة للجولاني
علي حسن
لم تمض عدة أيام على الظهور التلفزيوني الأخير لأبي محمّد الجولاني وإطلاقه أمام عدد من وجهاء إدلب الذين اجتمع بهم جملة من التصريحات النارية حول إقامة ما وصفه بالكيان السني وامتلاكه خططًا جاهزة لإسقاط الدولة السورية بانتظار الفرصة السانحة لتنفيذها، حتى فاجأ الجولاني الجميع اليوم بزيارة الى البلدات المسيحية القليلة التي لا يزال بعض سكانها موجودين في منطقة جسر الشغور، في ريف إدلب الغربي، خصوصًا في ضوء الاتهامات التي تطال التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها تنظيم تحرير الشام الذي يتولى قيادته بانتهاك حقوق الأقليات الدينية وارتكاب المجازر بحقهم بالاضافة إلى تهجير القسم الأكبر منهم والسيطرة على ممتلكاتهم.
ونقلت وكالة "أمجاد" التابعة للجولاني صورًا له وهو يتوسط عددًا من الشخصيات قالت الوكالة إنها له أثناء زيارته لقرى قنية والجديدة واليعقوبية، التي كان يشكّل المسيحيون غالبية سكانها، وتحدث معهم حول أوضاع قراهم، والمنطقة بشكل عام ولم تقدم الوكالة أية تفاصيل أخرى عن تلك الزيارة.
أهداف
وتأتي الزيارة بعد مضيّ شهر على زيارة الجولاني منطقة جبل السماق التي تقطنها غالبية درزية في ريف إدلب.
وفي الوقت الذي رجّح فيه مراقبون أن الهدف من الجولات التي يجريها الزعيم الارهابي على قرى تقطنها أقليات في إدلب، هو نفي صورة جماعته المتهمة بـ"التشدد"، والظهور بمظهر الاعتدال، اعتبر الباحث والناشط السياسي خالد عامر أن غاية الجولاني من التصريحات المتناقضة التي أطلقها خلال الساعات القليلة الماضية هي إيصال عدة رسائل لأطراف متعددة؛ فتصريحاته المتشددة في إدلب جاءت لشد العصب عند جمهوره المتعصب من ناحية، ومن ناحية أخرى أراد استثمار تهديدات أنقرة ليثبت للأتراك أنه الطرف القوي الذي تستطيع حكومة أردوغان الاعتماد عليه، ولكي تشكل تهديداته أيضًا عامل ضغط على الحكومة السورية ومحاولة لتشتيت جهودها، وهي تستعد مع حلفائها لمواجهة أيّ عدوان تركي محتمل.
وبحسب عامر، عاد الجولاني واستدرك اليوم المضاعفات والتداعيات المترتبة على تصريحاته التصعيدية وأراد من خلال هذه الزيارة محاولة استكمال ما انقطع من جهود يبذلها للظهور أمام الغرب بمظهر القائد الذي لفظ الفكر القاعدي من ادبياته وبات بامكان الغرب الاعتماد عليه لتحقيق مصالحه في سورية.
ورأى المحلّل السياسي أن أمثال الجولاني ليس لديهم أيّة مشكلة في اطلاق التصريحات ومناقضتها بالأفعال أو بتصريحات أخرى خلال وقت قصير لانهم ببساطة شخصيات متسلقة ولا تملك مبادئ حتى وان تسترت بعباءة التطرف الديني.
أصوات رافضة من داخل معسكر الجولاني
هذا وأثارت زيارة الجولاني الى القرى المسيحية كما الدرزية ردود أفعال غاضبة من داخل معسكر الجولاني داخل إدلب.
ووصف القيادي السابق في هيئة تحرير الشمال عصام الخطيب الجولاني بالديك الذي يحاول تسويق نفسه للمجتمع الدولي عبر اظهار نفسه بمظهر الحامي للأقليات.
من جهته، رأى السلفي المنشق عن الهيئة أبو يحيى الشامي ان زيارات الجولاني للقرى المسيحية ومن قبلها الدرزية هي بمثابة إقرار بمشروعية" فكرهم الضال"، متسائلًا عن إمكانية لقائه مع شخصيات هندوسية والاعتراف بصوابية دينها، وأكد أن الغرب لن يقره في مكانه مهما أبدى الجولاني له من مظاهر التزلف والانبطاح وقدم من فروض الطاعة.