الخليج والعالم
واشنطن بين نارَيْن: المفاوضات الإيرانية أو التصعيد الإقليمي
توقف الكاتبان آروين فان فين وحامد رضا عزيزي في مقالة نشرت على موقع "ناشونال أنترست" عند أنَّ واشنطن تفضِّل استمرار المحادثات حول ملف إيران النووي، وذلك كي تركز اهتمامها في الوقت الراهن على روسيا والصين.
وأضاف الكاتبان: "إن الأطراف الأساسية الموقعة على الاتفاق النووي الذي أُبرم مع إيران عام 2015 يتحدثون عن السلام لكنهم يستعدون للنزاع"، وأشارا في نفس الوقت إلى أنَّ العامل الأساس الذي يخفف من احتمال النزاع هو أنَّ الحرب الشاملة في الشرق الأوسط لا تصب لصالح أحد باستثناء ربما "إسرائيل".
واعتبرا أنَّ الكيان الصهيوني لا يمكن أن يتحرك بشكل حاسم في غياب الدعم الأميركي المعلن، منبِّهَيْن من أنَّ هكذا دعم سيشعل حرب شاملة لا يمكن التكهن بنتائجها، فضلًا عن أنَّها ستسرع وتيرة برنامج إيران النووي.
ولفت الكاتبان إلى أنَّ المحصلة هي سيناريو "عدم الاتفاق"، إلا في حال حصل تنازل كبير في مرحلة كبيرة، يكون أقرب للمعجزة.
وقالا في نفس الوقت: "إن استمرار المحادثات حتى ما بعد الانتخابات النصفية على الأقل يناسب الأطراف المعنية، وإن هدف المحادثات هو الإيحاء بأن التوصل إلى الاتفاق أمر ممكن".
كما أردفا، أنَّ ذلك يعفي واشنطن من النظر في دعم العمل العسكري الإسرائيلي، ويمنع كذلك الفشل السياسي للرئيس جو بايدن، ويسمح لإيران في نفس الوقت بأن تواصل العمل على برنامجها النووي.
وتوقع الكاتبان أن تستدير إيران شرقًا على الصعيد الاقتصادي، بينما تحصل على هامش مناورة أكبر، كونه ستكون هناك دول غير غربية أكثر ممانعة للالتزام بالعقوبات على إيران، في ظل الحرب في أوكرانيا.
كما أشارا في هذا السياق إلى فتح ممرات تجارية جديدة بين روسيا والقوقاز وإيران والهند. وأضافا أن الاستدارة نحو الشرق ستكون كافية، كي تحافظ طهران على اقتصاد "مستقر"، وذكرا أنَّ دعم روسيا والصين لعضوية إيران في منظمة "البريكس"، إلى جانب عضويتها في منظمة "تعاون شنغهاي" يصبان في هذا الاتجاه.
كما توقع الكاتبان أن يؤدي كل ذلك إلى التوتر الإقليمي الدائم، وتعزيز قدرات إيران النووية، وأيضاً إلى استمرار الانخراط الأميركي في المنطقة. وقالا: إن لا حلول سريعة لهكذا سيناريو.
وفي سياق غير بعيد، كتب سينزيا بيانكو، وإيلي جرانمايه، وهيو لوفات - وهم باحثون في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية - مقالة نشرت على موقع "ريسبونسيبال ستاست كرافت"، تطرقت إلى زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن إلى الشرق الأوسط، حيث حذروا من أن "عسكرة العلاقات الإسرائيلية العربية" الهادفة إلى مواجهة إيران، ستؤدي إلى تصعيد العنف في المنطقة.
وشدد الكتَّاب على ضرورة أن يدعم الأوروبيون المساعي الهادفة إلى خفض التصعيد في المنطقة، بدلاً من اتباع سياسة واشنطن. كما أضافوا أن ذلك هو السبيل الأفضل لحماية المصالح الأوروبية الحيوية المرتبطة بالاستقرار الإقليمي، والتعويل المتزايد على مصادر الطاقة في الشرق الأوسط، وذلك في ظل الحرب في أوكرانيا.
وبينما قال الكتَّاب إن العواصم الأوروبية تريد دعم اتفاقيات "إبراهام"، حذروا من أن المساعي الهادفة إلى إنشاء جبهة إسرائيلية خليجية ضد إيران ستؤدي ــ على الأرجح ــ إلى تقويض الأهداف الأوروبية. كما نبهوا من أنَّ التصعيد الإقليمي سيهدد تدفق النفط العالمي، بحيث يمكن أن ترتفع أسعار النفط، وتتعطل خطوط الإمداد.
وبناءً عليه، أكد الكتَّاب على ضرورة أن يبحث الأوروبيون بشكل عاجل الخطوات التي يجب اتخاذها في حال انهار الاتفاق النووي مع إيران. كما شددوا على ضرورة أن تركِّز إدارة بايدن على دعم المسارات الدبلوماسية الهادفة إلى تحسين الوضع الأمني في المنطقة، وإعادة إحياء المفاوضات النووية.
كذلك شدد الكتَّاب على ضرورة أن يرمي الاتحاد الأوروبي بثقله خلف الحوار الإقليمي، وأن يعين ممثل خاص لمنطقة الخليج. وأضافوا بأن الممثل الخاص هذا، يجب أن يضغط على الولايات المتحدة والعراق وإيران ودول مجلس التعاون الخليجي من أجل إبقاء قنوات الحوار مفتوحة.
كما تحدث الكتَّاب عن ضرورة أن يسعى الأوروبيون إلى دعم خفض التصعيد من خلال التركيز على الملفات غير العسكرية التي تهم إيران ودول الخليج، مثل الأمن الغذائي والمائي. وقالوا إن بإمكان الأوروبيين تقديم دعم قيِّم في هذه المجالات.
كذلك اعتبر الكتَّاب أنَّ الحوار السياسي الشامل سيحمي المصالح الأوروبية بشكل أفضل بكثير من التكتل العسكري الإقليمي.