الخليج والعالم
جدل واسع في تونس حول الدستور الجديد ومخاوف من مقاطعة الاستفتاء
روعة قاسم-تونس
منذ صدور مشروع الدستور التونسي الجديد في الرائد الرسمي لعرضه على الاستفتاء يوم 25 تموز/يوليو القادم، وهو يثير جدلاً واسعًا حتى في أوساط المدافعين عن مشروع الرئيس قيس سعيد و"مسار 25 جويلية" الذي أدخل البلاد في مرحلة استثنائية، اذ يمنح الدستور صلاحيات واسعة لرئيس الجمهورية على غرار تنصيب رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة وإقالتهم تلقائيًا وحق حل البرلمان ومجلس الجهات والأقاليم، علاوة على تسمية كبار موظفي الدولة والقضاة وأعضاء المحكمة الدستورية في حين أنه لا ينصّ على آليات رقابة واضحة لأعمال الرئيس أو مساءلته أو شروط سحب الثقة منه.
وقد تصاعد الجدل بعد انضمام خبراء الدستور الذين عيّنهم الرئيس سعيد لصياغة الدستور إلى قائمة المنتقدين خاصة بعد تأكيدهم أنّ النسخة التي صاغوها لا تشبه بتاتًا النسخة التي اقترحها سعيد.
وفيما أعلن عدد من الأحزاب عن توجه للتصويت بـ "نعم" على الدستور مثل التيار الشعبي وحركة الشعب، الا أن أوساط تونسية عديدة أعلنت تخوفها من مشروع الدستور، خاصة أنه يؤسس - بحسب عديد المختصين - لعودة الديكتاتورية من باب النظام "الرئاسي" الذي يمهد له هذا الدستور، وبالأخص أنه لا ينصّ على آليات رقابة واضحة على عمل رئيس الجمهورية.
وقد سعى الرئيس سعيد للدفاع عن مشروع الدستور نافيًا أية نية لترسيخ نظام استبدادي داعيًا التونسيين للتصويت بـ "نعم" على الدستور الجديد في الاستفتاء الشعبي.
وفي محاولة لطمأنة التونسيين نشر الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية رسالة بشأن محتوى الدستور والضمانات التي يقدّمها في مجال حماية الحقوق والحريات، وتوسيع تمثيلية الجهات والأقاليم عبر تكوين مجلس إضافي كغرفة ثانية للبرلمان، وإمكانية سحب الوكالة من النواب في حالة التقاعس.
كما تحدّث الرئيس في رسالته عن رقابة البرلمان للحكومة ومنع الدستور لهيمنة حزب واحد على مؤسسات الدولة، وأكد سعيد أن الدستور المقترح لا يعيد البلاد الى الحكم الاستبدادي ويضمن الحقوق والحريات، موضحًا أنه "من روح الثورة"، ودعا التونسيين إلى التصويت بنعم "لتحقيق أهداف الثورة" و"لكي لا يصيب الدولة هرم".
يأتي ذلك فيما بدأت بعثة صندوق النقد الدولي زيارة إلى تونس للتفاوض حول قرض وللشروع في مفاوضات بشأن برنامج مساعدة للبلاد التي تمر بأزمة اقتصادية، وأوضح مكتب الإعلام بالبنك المركزي التونسي أنّ الزيارة الرسمية تتواصل لأسبوعين، وتخصص للتفاوض من أجل برنامج تمويل جديد، فيما يشارك في المفاوضات بشكل خاص البنك المركزي ووزارة المالية والاقتصاد.
ويقدر خبراء أنّ حجم القرض قد يبلغ نحو ملياري يورو في حين تتعلّق المباحثات الجديدة بشكل خاص بالشروط التي تترافق مع منح هذا القرض، وتتعلّق بإصلاحات جذرية، تلقى تحفظًا من قبل الاتحاد العام التونسي للشغل -وهو أهم منظمة وطنية عمالية في تونس - بالنظر الى أنها تمسّ القدرة الشرائية لعموم المواطنين .