الخليج والعالم
واشنطن لعبت دورًا مركزيًا بوضع أوكرانيا على مسار التدمير
اعتبر الباحث الأميركي المعروف، جون ميرشايمر، أن الولايات المتحدة تتحمل المسؤولية الأساس في إشعال الأزمة في أوكرانيا، حيث تبنت واشنطن سياسات حيال أوكرانيا يرى فيها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وغيره من القادة الروس تهديداً وجودياً، لافتًا إلى أن واشنطن لا تريد حقيقة الحل الدبلوماسي، ما يعني أن الحرب ستستمر أشهراً إن لم تكن سنوات.
كلام الباحث الأمريكي جاء خلال محاضرة ألقاها في جامعة المعهد الأوروبي بمدينة فلورنسا الإيطالية، ونشرها موقع "ناشونال انترست"، حيث أشار إلى أن جذور الأزمة تعود إلى المساعي الأميركية لجعل أوكرانيا حصناً غربياً على الحدود الروسية، وتتضمن هذه الاستراتيجية انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي وتحوليها إلى نظام ليبرالي ديمقراطي موالٍ للغرب، وضمها إلى حلف "الناتو".
وبحسب ميرشايمر، كثّف الغرب مساعيه هذه رداً على الأحداث التي حصلت عام 2014، وبدأ "الناتو" بتدريب الجيش الأوكراني، حيث بلغ عدد الجنود المدربين 10 آلاف جندي خلال 8 سنوات.
وحصل تحول في موضوع انضمام أوكرانيا إلى "الناتو" ودمجها في الغرب عام 2021، حيث تبنى الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، في أوائل هذا العام سياسة دعم توسع الحلف وكذلك سياسة متشددة حيال موسكو، وأقدم على سلسلة خطوات في هذا الإطار مثل إغلاق وسائل إعلام مؤيدة لروسيا.
ولفت الباحث إلى أن الرئيس الأميركي، جو بايدن، الذي وصل إلى البيت الأبيض في أوائل 2021، لطالما أيّد ضم أوكرانيا إلى "الناتو"، كما سبق وتبنى مواقف متشددة حيال روسيا، مضيفصأ أن زيلينسكي زار البيت الأبيض في أوائل أيلول/سبتمبر 2021، وأكد بايدن خلال هذه الزيارة على أن بلاده ملتزمة بـ "طموحات أوكرانيا اليوروأطلسية".
وفي 10 تشرين الثاني/نوفمبر من نفس العام، وقّع وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، اتفاقية مع نظيره الأوكراني، دميترو كوليبا، سميت بالاتفاقية الأميركية الأوكرانية للشراكة الاستراتيجية.
وباختصار، من الواضح أن مساعي ضم أوكرانيا إلى "الناتو" تكثفت في أوائل عام 2021.
وبحسب الباحث، فإن هذه الحرب كارثة لأوكرانيا، وهو يرى نهاية لها قريبًا، لسبب أساسي هو أن روسيا والولايات المتحدة ملتزمان بقوة بالانتصار بالحرب.
ويشكل القوميون المتشددون في أوكرانيا قوة سياسية وازنة، وليس لديهم مصلحة إطلاقاً بالرضوخ لأي مطالب روسية، ومن المرجح أن تدعم إدارة بايدن والدول الموجودة في الخاصرة الشرقية للناتو مثل بولندا ودول البلطيق، ومن المرجح أن تدعم المعسكر القومي المتشدد المذكور.
كما أن هناك خطر بانجرار الولايات المتحدة وحلفائها الأطلسيين للحرب، إضافة لاحتمال استخدام الأسلحة النووية في أوكرانيا، وقد يؤدي ذلك لمواجهة نووية بين روسيا والولايات المتحدة.
ورجّح الباحث الأمريكي أن تتدهور العلاقات بين الدول الشرقية والغربية في أوروبا بينما تستمر الحرب، نظرًا لعدم تطابق مصالح ومواقف هذه الدول من الحرب في أوكرانيا.
ويُعد النزاع المستمر في أوكرانيا كارثة كبرى، والحقيقة المأساوية هي أن الحرب ما كانت لتقع على الأرجح لولا مساعي الغرب لضم أوكرانيا إلى "الناتو"، وقد لعبت واشنطن الدور المركزي في وضع أوكرانيا على مسار التدمير.