الخليج والعالم
تونس: انطلاقة متعثرة للحوار الوطني تلقي بثقلها على مخرجاته
تونس – روعة قاسم
تواصلت جلسات الحوار الوطني في تونس في ظل غيابات وانسحابات عديدة من شأنها ان تؤثر على مدى فعالية ونجاعة هذا الحوار الذي يتعلق بقضايا مصيرية في البلاد لها علاقة بالشأن العام السياسي والدستوري والاقتصادي.
ويشار إلى أنَّ الحوار الوطني كان مطلبًا شعبيًا تقدمت به عديد الأحزاب البرلمانية والأحزاب الحاكمة السابقة ومنظمات المجتمع المدني والمنظمات الوطنية الكبرى على غرار الاتحاد العام التونسي للشغل خلال الأعوام الماضية، لإخراج البلاد من أزمتها السياسية في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار الحكومي منذ 11 عامًا بسبب غياب أغلبية واضحة تسيّر البلاد. لكن هذا الحوار فشل آنذاك ولم يقع التفاعل بين الرؤساء الثلاثة أي بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة والأطراف التي تدعم كل جانب.
ورأى المحلل السياسي والكاتب كمال بن يونس في حديثٍ لموقع "العهد الإخباري" أنَّه "تمت العودة الآن إلى الحوار الوطني نتيجة ضغوطات من صندوق النقد الدولي والبنك العالمي وأطراف عديدة تريد أن تعود تونس للمسار البرلماني ضمن مسار تشاركي، وتشترط انجاز الحوار من أجل تقديم المساعدات والقروض والتمويلات اللازمة التي تحتاجها البلاد لتدعيم ميزانيتها".
وأشار بن يونس إلى أنَّ العجز يتراوح بين أربعين وستين بالمئة من ميزانية الدولة مع تراكم العجز بالنسبة لعام 2021 بالنظر الى الصعوبات الجديدة التي تواجه الاقتصاد بسبب مضاعفات كورونا وحرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الواردات من الحبوب والوقود وما نتج عنه من ارتفاع أعباء الدولة وتزايد الضغوطات المالية.
وأضاف: "هناك حاجة للتمويل لكن الاتحاد الأوروبي وكل المؤسسات المانحة تشترط عودة مسار ديمقراطي توافقي وانتخاب برلمان يراقب عمل الحكومة ويضمن استرجاع هذه القروض في وقت لاحق".
واعتبر بن يونس خلال حديثه لـ"العهد" أنَّ "هذه النسخة الجديدة من الحوار انطلقت في ظروف غير سليمة ومع غياب مسار تشاركي وطعنت في مصداقيتها الأحزاب"، لافتًا إلى أنَّ "رئاسة الجمهورية، وبحسب النص الصادر في القانون في الرائد الرسمي، أكَّدت أنَّ الحوار الوطني سيكون وفق نتائج تلك الاستشارة الالكترونية ومن بين توصياتها استبدال النظام البرلماني المعدّل المعتمد منذ 11 سنة بنظام رئاسي".
وتابع: "إن هذا الأمر مثار خلاف كبير والبعض يحاول أن يستغل الأزمة لإسقاط كامل المنظومة السياسية التي تحكم البلاد منذ عشرة سنوات، موضحًا أنَّ "البعض يريد أن يحدث تغييرًا على رأس الدولة بالعودة إلى انتخابات برلمانية أو رئاسية مبكرة".
وتنعقد جلسات الحوار الوطني في ظل ضغوطات خارجية تتعرض لها تونس خاصة من قبل صندوق النقد الدولي الذي يطالب الحكومة التونسية بحزمة إصلاحات تشمل مراجعة الدعم وكتلة الأجور، وهو ما يرفضه رفضًا تامًا الاتحاد العام التونسي للشغل وسط مخاوف من انهيار الطبقة الوسطى وارتفاع كلفة المعيشة.