معركة أولي البأس

الخليج والعالم

هل تواجه تونس خطر الإفلاس؟
03/02/2022

هل تواجه تونس خطر الإفلاس؟

تونس – روعة قاسم

يدقّ خبراء الاقتصاد في تونس ناقوس الخطر، في ظلّ تراجع المؤشرات المالية والاقتصادية وتصاعد الأزمة المالية. الأمر انعكس في التأخّر في صرف رواتب موظفي القطاع العام هذا الشهر، بكل ما حمله ذلك من هواجس لدى شرائح تونسية واسعة بخصوص مآل الوضع  الاقتصادي والمجتمعي بشكل عام.

وعلى الرغم من محاولة وزيرة المالية سهام البوغديري طمأنة المواطنين من أن الدولة "غير مهددة بالإفلاس وتسدد قروضها للمقرضين وملتزمة بدفع ديونها في الآجال"، إلّا أن سيناريو المرور الى "نادي باريس" لا يزال ماثلًا لدى التونسيين خاصة بعد أن كشفت وسائل إعلام محلية عن زيارة رئيس "نادي باريس" إيمانويل مولان إلى تونس، بطلب من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

مؤشرات ضعيفة

ويعتبر البعض أن البلاد بحاجة الى إصلاحات جوهرية لتجنّب الأسوأ، وذلك من أجل خفض الانفاق والديون. وتأمل حكومة بودن بالتوصل الى حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي، بحلول شهر نيسان/أبريل القادم، وهي ضرورية لتجنّب أزمات كبيرة منها الضغط على العملة ودفع رواتب الدولة واستيراد بعض السلع الأساسية المدعومة وكذلك لتجنب الدخول في سيناريو اعلان الافلاس وانهيار العملة.  

ووفقًا لآخر مؤشرات البنك المركزي التونسي، فإن نسبة النموّ المتوقعة في البلاد هي قرابة الـ 2.9  % بعد نسبة انكماش قياسية في العام السابق تجاوزت 8 %. 

وتوقع البنك في بيان له آفاقًا "محتشمة" لعام 2022 في ظلّ تباطؤ جهود تعبئة الموارد الخارجية الضرورية لموازنة 2022 والتوافق حول الإصلاحات الاقتصادية بهدف التمهيد لمفاوضات مع صندوق النقد حول برنامج إقراض جديد.

ووفقًا لبيانات البنك المركزي، فقد واصل التضخم مساره التصاعدي، ليقفل 2021 عند نسبة 6.6 % مقابل 6.4 %  في شهر تشرين الثاني/نوفمبر الماضي و4.9  % قبل عام.

وبلغ عجز العمليات الجارية نسبة 6.3 % من إجمالي الناتج المحلي في كامل 2021 مقارنة بـ6.1 % في العام السابق. ويغطي احتياطي النقد الأجنبي مع نهاية 2021 وفق بيانات البنك 133 يوما من عمليات التوريد.

صراع الأجنحة في قرطاج

بموازاة ذلك، يواجه رئيس الجمهورية تحديات عديدة منذ إعلانه التدابير الاستثنائية في تموز/يوليو الماضي وبينها تعليق عمل البرلمان وإقالة رئيس الوزراء.

وجاءت استقالة مديرة ديون الرئيس ناديا عكاشة مؤخرا لتثير تكهنات عديدة حول تأثير ذلك على التوجهات المستقبلية للرئيسية، خاصة أنها أعلنت أن استقالتها تعود لخلافات جوهرية وفق قولها. 

ويرى كثير من التونسيين أن عكاشة كانت هي الموجهة للسياسات العامة، وبالتالي فالأمر لا يتعلّق بمجرد موظف سام مكلّف بمهام وينفذ القرارات.

هذه الإستقالة أثارت ردود فعل متباينة واختلف التونسيون بشأنها، على الرغم من أنها ليست المرة الأولى التي يستقيل او يقال فيها أحد مستشاري الرئيس أو أحد موظفيه السامين برئاسة الجمهورية بقصر قرطاج الذي بات مركز القرار بعد تجميد البرلمان. 

البعض رحّب بالإستقالة مُدّعيًا أن عكاشة هي التي كانت تدفع الرئيس إلى الصدام مع معارضيه وتشجعه على رفض الحوار مع مختلف الأطياف التونسية، والبعض الآخر تحفظ بانتظار معرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء هذه الإستقالة.

بحسب عكاشة نفسها، السبب يعود إلى "وجود اختلافات جوهرية في وجهات النظر المتعلقة بالمصلحة الفضلى"، في تدوينة لها على موقع "فايسبوك". 

وقد أوردت هذه العبارات العامة المقتضبة دون أن تفسّر المقصود بـ"الإختلافات الجوهرية في وجهات النظر" ولا المقصود بـ"المصلحة الفضلى"، فيما يفسّر البعض الآخر سبب هذه الإستقالة بصراع الأجنحة داخل القصر، بين فريق نادية عكاشة من جهة وفريق آخر يختلف معها ومع الموالين لها في رؤيته للإصلاح وللمرحلة القادمة.

ومهما كانت أسباب الإستقالة، فإن ماهو أكيد أن غياب نادية عكاشة عن قصر قرطاج سيجعله مختلفا عمّا كان عليه قبل استقالتها، وبالتالي يتوقع أن يشهد التونسيون تحوّلات هامة في توجهات الرئيس قيس سعيد الذي اعتاد على التغيّر بتغيير مستشاريه.
 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم