الخليج والعالم
هجوم "داعش" في سبها يعيد ليبيا الى مربع الإرهاب
تونس - روعة قاسم
لم يكد الليبيون يتلقطون أنفاسهم خلال الهدنة الأخيرة الموقعة ووقف إطلاق النار بين فرقاء الصراع، حتى عاد خطر الإرهاب مجددا الى مسرح الأحداث بكل ما يحمله من تحديات تؤكد أن ليبيا لا تزال في وضع هشّ أمنيا وسياسيا.
فالتفجير الانتحاري بشاحنة مفخخة في سبها والذي أدى الى استشهاد رئيس الإدارة العامة للبحث الجنائي في سبها، النقيب إبراهيم عبد النبي، وإصابة عدد من عناصر الإدارة، يعطي رسالة للداخل والخارج بأن من يحرك الإرهاب يستطيع أن يعود بقوة الى الساحة الليبية ومتى أراد ذلك.
وجاءت هذه العملية لتعكر صفو الانفراج السياسي الذي تشهده البلاد منذ 16 مارس / آذار الماضي بعد أن تسلمت السلطة الانتقالية المنتخبة زمام الأمور استعدادا للمواعيد الانتخابية القادمة في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.
تحديات كبرى
ويرى المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الليبية مصطفى الجريء في حديث مع "العهد" أن تفجير "داعش" الأخير يؤكد أن وضع ليبيا ما زال محفوفًا بالتحديات في ظل مراوحة جهود حل الأزمة مكانها، ويتابع: "نلاحظ أن أغلب المدن والمناطق خاضعة لمجموعات محلية مسلحة، كما أن أكثر من دولة مؤثرة في الملف الليبي لم تسحب مقاتليها من الخطوط الأمامية مثلما ينصّ اتفاق وقف اطلاق النار الموقع في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي من طرف اللجنة العسكرية المشتركة 5+5، زد على ذلك اختلاف الدول والقوى الاقليمية الرئيسية في ادارة موارد ليبيا الاقتصادية النفط والغاز اضافة الى التنافس على عقود اعادة الاعمار". ويشير محدثنا الى أنه "رغم توافق ملتقى الحوار السياسي على اتفاق سياسي وظهور خارطة طريق جديدة تستند الى مخرجات مؤتمر برلين 1 وايضًا مخرجات ملتقى الحوار السياسي، وتضمن هذه الخارطة مسارين احدهما عسكري والآخر سياسي، ينتهي العسكري بتوحيد الجيش وسحب المرتزقة والسياسي بإنجاز انتخابات عامة بحلول الرابع والعشرين من ديسمبر المقبل، إلا ان العملية الارهابية الأخيرة والتي تبناها تنظيم الدولة الاسلامية داعش الارهابي جاءت لتعطى صورة مقلقة عن حقيقة التحديات الأمنية أمام السلطة التنفيذية الوليدة في ليبيا قبل ستة أشهر من موعد انجاز الانتخابات".
أية تأثيرات وانعكاسات؟
وفي الحقيقة فإن حزمة من الاستفهامات والأسئلة تفرض نفسها بعد عودة "داعش" الإرهابي لمسرح الأحداث من خلال تفجير بوابة سبها، اين تتواجد خلايا "داعش"، فالسؤال الاول لماذا جاءت العملية الارهابية في هكذا توقيت؟ وما مدى تأثير عودة "داعش" لمسرح الأحداث على المسار السياسي بالذات؟ وهل بامكان مؤسسة عسكرية منقسمة محاربة التنظيم؟ ثم واخيرًا من المستفيد محليا وخارجيا من عودة داعش لتنفيذ عملياته الارهابية؟ يجيب الجريء: "إن قوات المشير حفتر أعطت بشكل غير مباشر مساحة تحرك في المنطقة الوسطى للدواعش ونفس الشيء بالنسبة للقوات المسيطرة على طرابلس تقريبا بنفس القدر، وذلك بعد تراجع العمليات وبعد تحرير اقليم برقة بنغازي ودرنة من الارهاب تراجعت تلك القوات فيما يتعلق بالحرب على الارهاب. وفي السياق نفسه فإن تقرير فريق الخبراء في مناسبتين أكد أن تنظيم داعش الإرهابي يمتلك خلايا في بني وليد ومصراتة وطرابلس وسبها ومرزق وجبل الهروج والقطرون، في ذات السياق سبق لآمر التنظيم ابو معاذ العراقي قبل مقتله وأيضا للقيادي البارز في داعش ليبيا محمود مسعود البرعصي المكنى بأبو مصعب الليبي أكد ان تنظيم الدولة الاسلامية يريد تعويض خسارة الأرض والنفوذ في سوريا والعراق من خلال العودة بقوة الى ليبيا".
ويعتبر محدثنا انها عودة متوقعة في توقيتها لكن التنظيم الإرهابي لم يعد بتلك القوة وبتعداد مقاتلين يسمح له بتكثيف عملياته الارهابية ولكن يخطط لاقتناص الوقت الملائم للعودة لواجهة الأحداث.
أية تداعيات؟
وفيما يخص تداعيات عودة داعش الإرهابي لساحة الأحداث، فإن قوة التنظيم تراجعت عدة وعتادا. ولئن كانت التقديرات والاحصائيات شحيحة فإن الأرجح واعتمادا على تقارير عسكرية وأمنية من القيادة العامة وعملية بركان الغضب، فاجمالي تعداد الدواعش لن يتجاوز الألف مقاتل دون اعتبار الخلايا النائمة التي تحدث عنها فريق الخبراء بالأمم المتحدة حول ليبيا. وبالنظر لعدم وجود حاضنة اجتماعية لداعش، ليس لهذا التنظيم الارهابي من سيناريو غير تنفيذ عمليات انتحارية هنا وهناك قد تتضاعف وتيرتها مع اقتراب الانتخابات، مركّزا على أماكن ذات أولويات وعلاقة مباشرة بالانتخابات، لبثّ الرعب وزعزعة الثقة، مثلما حدث في السنوات الماضية عندما استهدف داعش مفوضية الانتخابات. في هذا السياق يؤكد الجريء: "من جملة ثلاث عشرة دائرة انتخابية في ليبيا نجد ان ثلاث دوائر على الأقل تقع ضمن مدن تتواجد فيها خلايا لداعش الارهابي وفق تقرير فريق خبراء الامم المتحدة وهي الدائرة السادسة سبها الشاطىء وبراك الشاطىء وادري الشاطىء والقرضة الدائرة السابعة اوباري غات مرزق الدائرة التاسعة مصراتة وبني وليد وزليتن".
وتجدر الإشارة إلى أن وجود داعش في ليبيا ومن خلال خلاياه النائمة، توسّع مقارنة عما كان عليه سابقا حيث كان يقتصر فقط على درنة وسرت وأحياء من بنغازي.. وهو ما يمثل تحديا لإنجاز الانتخابات في جميع الدوائر.