الخليج والعالم
عامٌ على مقتل جورج فلويد وعنصرية أميركا لم تتغيّر
عامٌ مرّ على مقتل جورج فلويد، حيث شاهدَ العالم تلك الجريمة في مدينة مينيابوليس بولاية مينيسوتا، حين ضغط الشرطي الأميركي ديريك تشوفين بركبته على رقبة فلويد 9 دقائق متّصلة، ولم يتحرّك أحد لمنعه من رجال الشرطة الثلاثة الذين شاهدوا الموقف في صمت.
عنصريةٌ لم تنتهِ
لم ينهِ الحكم بإدانة رجل الشرطة لقتله فلويد الجدل حول سلوك رجال الشرطة البيض تجاه السود، في وقت ارتفعت فيه المطالبات بضرورة إصلاح نظام العدالة الجنائية في أميركا، وإصلاح قطاع الشرطة.
وفي الوقت الذي تنفّس فيه الشعب الأميركي الصعداء بإدانة تشوفين، استمر انقسام الأميركيين على تبعات قرار إدانته.ولم يعتبر كثير من رموز الحزب الديمقراطي قرار الإدانة كافياً، وطالبوا بتبنّي تشريعات من شأنها إنهاء عنصرية رجال الشرطة البيض تجاه السود.
وغرّدت النائبة الديمقراطية ألكساندريا أوكتافيو كورتيز قائلة "هذا الحكم ليس بديلاً عن تغيير السياسة".
ورغم الإتفاق العام على وجود خلل هيكلي في وضعية أصحاب البشرة السمراء بالمجتمع الأميركي، فإنّه لم يغيّر من هذا الخلل وصول باراك أوباما إلى البيت الأبيض، الذي بقي في الحكم فترتين (2008-2016).
وحتّى القوانين والتّشريعات المختلفة لم تنجح في ردم هوّة العنصرية المتفشّية في قطاعات واسعة من الشرطة الأميركية.
وأسهم الإنقسام على أساس حزبي في الكونغرس حول تشريعات إصلاح الشرطة في التّشكيك في إمكانية النجاح بتبنّي أي قانون ملزم لإصلاح الشرطة الأميركية.
الإصلاح مفقود ومُطالَب
مع وقوع جرائم دوافعها عنصرية، تخرج المظاهرات والإحتجاجات ويتمّ توجيه الإنتقادات والإتهامات للشّرطة، ويُطالب السّاسة ويَعِد الرئيس بإصلاح النظام الجنائي.
وفي إشارة واضحة إلى الخلل في تطبيق القانون، تبلغ نسبة الأميركيين ذو البشرة السمراء 13% من إجمالي عدد السكان الكلي، في حين يمثّلون ما يقرب من 40% من إجمالي السجناء في البلاد.
ومع تكرار انتهاكات رجال الشرطة البيض للرجال السود، ظهرت حركة "حياة السود مهمة" لتنسّق الجهود في محاربة هذه العنصرية، وللعمل على إصلاح النّظام الجنائي.
ويطالب قادة التّنظيمات المؤيدة للسود بتدريب رجال الشرطة على ضرورة احترام حقوق السود وبقية الأقليّات، وهذا الطلب ليس جديدًا، لكنّه لم يستثمر فيه بجدية من قبل.
كما يُطالب النّشطاء السود بإصلاح نظام العدالة الجنائية، فأي متّهم أسود يخالف القانون ينال عقوبة أغلظ من نظيره الأبيض الذي يرتكب الجريمة نفسها.
عنفُ الشرطة مستمرّ
بعد مرور ما نحو عام على وفاة فلويد، زاد إيمان الأميركيين بأنّ عنف الشرطة أصبح مشكلة خطيرة، في الوقت الذي تحفّظت فيه نسبة كبيرة على حدوث أي تغييرات إيجابية في سلوك قوات الشرطة خلال العام المنصرم منذ مقتل فلويد.
وتُشير بيانات استطلاع الرأي إلى شعور مزيد من الأميركيين بالتّفاوت في تعامل الشرطة مع السود والبيض، وإلى عدم ثقتهم في برامج إصلاح الشرطة التي ظهرت عقب مقتل فلويد.
وخلال الفترة بين الرابع والعاشر من أيار/مايو الجاري، أجرت الإذاعة الأميركية "إن بي آر" وهيئة البثّ القومي "بي بي إس" استطلاعاً كشف عن أن 32% من الأميركيين يرون أنّ الشرطة المحلية تعامل السود بقسوة أكبر.
ومع ذلك، لا يزال هناك تناقض عنصري كبير بين الأميركيين؛ ففي الوقت الذي يرى فيه 25% من البيض أنّ السود يعاملون بقسوة أكبر، ارتفعت تلك النسبة بين السود إلى 61%.
وفي الوقت الذي أيّد فيه 77% من كلّ الأميركيين الحكم بإدانة قاتل فلويد، لم تبلغ تلك النسبة إلّا 52% بين الجمهوريين. وبالنّظر إلى العرق ولون البشرة، فإنّ 89% من الأميركيين ذو البشرة السمراء يؤيّدون الحكم، في حين تبلغ النسبة 74% عند البيض.
ورداً على سؤال حول نظرة الأميركيين للعلاقات العرقية اليوم مقارنةً بالعام الماضي، ذكر 17% من الأميركيين أنّ الأمور تحسّنت، في حين اعتبر 42% منهم أنّ العلاقات العرقية زادت سوءًا عقب وفاة فلويد.
وكشف استطلاع آخر أجرته وكالة أسوشيتد برس بالتعاون مع جامعة شيكاغو عن وجود دعم قوي لإصلاح الشرطة، ولكن توجد ثقة أقل في حدوث التغيير الإيجابي لهذا الإصلاح.
وتظهر نتائج الإستطلاع، التي جرت بعد إدانة الشرطي تشوفين، أنّ معظم الناس يقولون إنّ حكم الإدانة لم يُحسن نظرتهم لنظام العدالة الجنائية.
وكشف الإستطلاع -الذي أُجري على 1842 شخصاً خلال الفترة من 20 نيسان/أبريل الماضي إلى الثالث من أيار/مايو الجاري- عن أنّ معظم الأميركيين يقولون إنّ العنصرية لا تزال مشكلة في بلدهم، وإنّ هناك فجوات كبيرة في الطريقة التي ينظر بها الأميركيون السود والبيض إلى العنصرية وعنف الشرطة على حد سواء.
واعتبر 60% من الأميركيين ذو البشرة السمراء أنّ العنصرية مشكلة خطيرة للغاية، إلّا أنّ أقل من ربع الأميركيين البيض فقط يوافقون على ذلك.
وبلغت نسبة البيض الذين يعتبرون أنّ عنف الشرطة ضدّ المدنيين أصبح مشكلة خطيرة 36% من البيض، وبلغت النسبة بين كل الأميركيين 42%.
ويعتقد 68% من الأميركيين ذو البشرة السمراء أنّ التمييز ضدّهم ازداد خلال العام الماضي، ويقول 84% منهن إنّهم يواجهون الكثير من التّمييز في هذه الفترة، خاصّة التّعامل مع الشرطة، أو أثناء التسوّق، أو البحث عن وظيفة، أو التّقدم بطلب للحصول على سكن أو قرض.