معركة أولي البأس

الخليج والعالم

تونس مجددًا أمام عاصفة الإضرابات والاحتجاجات  
25/02/2021

تونس مجددًا أمام عاصفة الإضرابات والاحتجاجات  

تونس – روعة قاسم

لم يكد ملفّ معتصمي "الكامور" يهدأ، حتى عاد من جديد مع دخول أبناء محافظة تطاوين الواقعة جنوبي شرقي البلاد في إضراب عام احتجاجًا على عدم تطبيق "اتفاق الكامور" الأخير الذي جرى التوصل إليه بين المحتجين والحكومة التونسية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. 

وينصّ هذا الاتفاق على تشغيل 250 شخصا من أبناء المحافظة في الشركات النفطية العاملة بها، بالنظر الى أن الحقول الموجودة في المنطقة تغطي حوالي  40 في المئة من إنتاج تونس من النفط، و20 في المئة من إنتاج الغاز. 

كما ينصّ على تمويل صندوق استثمار بميزانية تعادل الـ 30 مليون دولار  وتمويل عدد من المشاريع لفائدة شباب "الكامور". 

ومنذ اللحظة الأولى لإبرام الاتفاق، تعالت التحذيرات من مغبّة عدم تمكن الحكومة من الإيفاء بتعهداتها. علاوة على ذلك، فإن الاتفاق –بنظر البعض- سيفتح باب الاعتصامات والاحتجاجات في مناطق أخرى من البلاد يمكن أن تحذو حذو أبناء الكامور، أي اللجوء للإضرابات والاحتجاجات والشارع لتحقيق المطالب، وهو سيناريو يحمل مخاطر عديدة على بلد مثقل بأزماته الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. 

من جهة أخرى، فإن هكذا نوع من الاتفاقات قد  تهدّئ عاصفة الاحتجاجات لفترة مؤقتة ولكنها لا تعالج الأزمة من جذورها، وهذا ما يفسّر عودة الإضرابات كلما سنح الظرف بذلك. 

تونس تعيش خلال العشرية الأخيرة على وقع أزمة اقتصادية مستفحلة ووصل عدد العاطلين عن العمل  فيها الى حوالي 746 ألفا و400 بحسب الأرقام  الأخيرة للمعهد الوطني للإحصاء في تونس  وهي أرقام تؤشر الى مزيد من الاحتقان المجتمعي، علاوة على ذلك فإن الأداء السياسي المتخبط للطبقة الحاكمة وانشغالها في تجاذبات سياسية عقيمة تتعلق أساسا بتوزيع النفوذ والسلطة ولا علاقة لها بالحلول والرؤى المطلوبة لإنقاذ البلاد، كل ذلك جعل فتيل الغضب الشعبي يعود للاشتعال مع أول فرصة. 

وفي خضم كل ذلك، تواصل وكالات التصنيف الائتماني العالمية تخفيض الترقيم السيادي لتونس، فقد خفضت وكالة "موديز" و"فيتش رايتنغ" التصنيف الى ب 3 مع آفاق سلبية . 

ويرى خبراء الاقتصاد أن هذا التخفيض سيزيد من الصعوبات الاقتصادية لتونس خاصة فيما يتعلق بالاقتراض، ويعطل من امكانية لجوء الحكومة الى الأسواق المالية العالمية لتغطية نفقات سنة 2021 والتي تناهز الـ 19 مليار دينار أي حوالي 7 مليارات دولار. 

أمام تصاعد حركة الاحتجاجات التي تطالب بتوزيع عادل للثروات، وما أعقبها من تعطل للعمل في كبرى مؤسسات الدولة وقطاعاتها الحيوية مثل النفط وغيره، فإن نسبة النمو ستتراجع وتضعف أكثر وستجد الحكومة نفسها عاجزة عن تأمين مصادر التمويل لسدّ عجز الميزانية. 

ويحذّر العديد من المتخصّصين من تكرار سيناريو اليونان في تونس وإعلان حالة الإفلاس، وذلك أمام تردي الوضعية الاقتصادية التي تعيشها أغلب مؤسسات الدولة وأكبرها. 

وتبدو الحكومة اليوم أمام حلين أحلاهما مرّ،  فإما التوجه للاقتراض مجددا من المؤسسات المالية العالمية، وإما اللجوء الى إقرار ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين والشركات وتنذر بمزيد من الاحتقان الاجتماعي والغضب الشعبي الذي قد يضع البلاد أمام كل السيناريوهات الخطيرة.

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم