الخليج والعالم
"بوليتيكو": شهر العسل بين واشنطن وتل أبيب انتهى
قال الكاتبان في مجلة "بوليتيكو" "آرون ديفيد ميلر" و"ريتشارد سوكولسكي" إنَّ تداعيات انتخاب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة تثير قلقًا كبيرًا لدى كلّ من "إسرائيل" والسعودية.
وكشف الكاتبان أنَّ بايدن وجَّه رسالةً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال الأيام الأخيرة مفادها أنَّ شهر العسل مع واشنطن المتمثِّل بحقبة دونالد ترامب قد انتهى.
وبينما رأى الكاتبان أنَّ بايدن لا يريد إجراء تغييرات جوهرية على العلاقات الأميركية مع كلٍّ من "إسرائيل" والسعودية، أوضحا أنَّه يسعى لإعادة توازن هذه العلاقات واستعادة "الاحترام الإسرائيلي والسعودي للمصالح الأميركية الذي كان غائبًا خلال حقبة ترامب".
وبحسب الكاتبيْن، بايدن يوجِّه رسالةً إلى كلٍّ من نتنياهو وابن سلمان مفادها أنَّ السياسة الأميركية لم تعد تتمحور حولهما، وأنَّ عليهما أن يفكرا جيدًا قبل القيام بأي شيءٍ يقوِّض المصالح الأميركية.
هذا وأشار الكاتبان إلى أنَّ بايدن لا يبحث عن مواجهةٍ مع نتنياهو وابن سلمان وأنَّ المسألة مرهونة بما إذا كانت "إسرائيل" والسعودية ستتجاهلان أو تقوِّضان المصالح الأميركية على صعيد تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكَّد الكاتبان أنَّ بايدن يبدو مصممًا على تقليص أهمية العلاقات مع "إسرائيل" والسعودية.
وعن تأخّر اتصال الرئيس الأمريكي بنتنياهو، رأى الكاتبان أنَّه كان يوجِّه رسالةً مفادها أنَّه منشغلٌ بالتعافي الداخلي للولايات المتحدة وأنَّ الشرق الأوسط ليس من أهم الأولويات.
كما قالا إنَّه كان يوجِّه رسالةً مفادها أنَّه موالٍ لـ "إسرائيل" ولكن ليس بالضرورة لنتنياهو.
كذلك لفت الكاتبان إلى أنَّ بايدن وضع مسافةً بين الولايات المتحدة والسعودية، وشددا في هذا السياق على إعلان إدارة بايدن وقف الدعم الأميركي للعمليات العسكرية السعودية في اليمن وتعهدها بمراجعة مبيعات السلاح للرياض.
الكاتبان توقّفا عند ما قالته المتحدثة باسم البيت الأبيض "جين بساكي" عن إعادة رسم العلاقات مع السعودية، وأنَّ بايدن سيتصل بنظيره سلمان وليس بابن سلمان.
واعتبر الكاتبان أنَّ بايدن يوجِّه رسالةً واضحةً مفادها أنَّ أميركا يمكن أن تبقى صديقةً لـ "تل أبيب" والرياض ولكن شرط أن تحصل على مكاسب أكثر من هذه الصداقة، وأردفا "بايدن سيكون منشغلًا بملفات الداخل وبأولويات أخرى على صعيد السياسة الخارجية، وبالتالي قد لا يكون لديه الكثير من الوقت للتركيز على القضايا التي تهم "إسرائيل" والسعودية.
كذلك رأى الكاتبان أنَّ نتنياهو سيجد صعوبةً في مهاجمة بايدن مقارنة مع الرئيس الأسبق باراك أوباما، وأنَّه سيتوقع من نتنياهو الامتناع عن خوض حملة مماثلة لتلك التي خاضها خلال حقبة أوباما بهدف تقويض المساعي الدبلوماسية مع إيران، وتابعا أنَّ نتنياهو اليوم في موقعٍ أضعف سواء كان على الصعيد الداخلي "الإسرائيلي" أو داخل واشنطن مقارنة مع ما كان عليه الوضع عام 2015 (عندما حاول تقويض سياسة أوباما حيال إيران).
وذكر الكاتبان أنَّ بايدن يضع نتنياهو في موقفٍ صعبٍ حيث يتشاور وينسِّق مع "تل أبيب"، وبالتالي لا يعطي نتنياهو مبررًا سهلًا للرفض العلني للمقاربة الأميركية حيال إيران، مؤكدين أنَّ نتنياهو هو الذي سيكون في عزلة في حال حاولت "إسرائيل" تخريب المفاوضات مع إيران عبر الوسائل السياسية أو قامت بعملٍ عسكريٍ ضدَّ طهران يؤدي إلى التصعيد.
وافترض الكاتبان إمكانية حصول مواجهة كبرى بين "إسرائيل" وإدارة بايدن إذا فاز نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية القادمة بتاريخ الثالث والعشرين من شهر آذار مارس القادم وقام بتشكيل حكومة يمينية.
أمَّا السعودية، فتوقَّع الكاتبان أن تكون العلاقات الأميركية معها أكثر انضباطًا مقارنةً مع ما كانت عليه خلال حقبة ترامب، حيث سيواصل بايدن الضغوط على الرياض في ملف حقوق الانسان، خصوصًا في مضمون تقرير الاستخبارات الأميركية حول دور ابن سلمان في مقتل جمال خاشقجي الذي سيسمح لإدارة بايدن بتكثيف الضغوط المطالبة بالإفراج عن شخصيات سعودية معارضة للنظام. كذلك توقعا أن يضغط بايدن على السعودية في إطار وقف العنف في اليمن أو على الأقل خفضه.
وأشار الكاتبان إلى أنَّ إدارة بايدن راجعت عددًا من صفقات بيع السلاح للسعودية، ودعَوَا إلى تكثيف الخطوات في هذا المجال حيث إنَّ الإدارات الأميركية المتعاقبة زودت السعودية بأسلحة "تريدها" بدلاً من أسلحة "تحتاجها من أجل معالجة التهديدات العسكرية الحقيقية" التي تواجهها الرياض.
وبيَّن الكاتبان أنَّ بايدن يتبنى النهج الصحيح في مساعيه لتغيير العلاقات مع "إسرائيل" والسعودية بعدما تبنى ترامب سياسة الدعم المُطلق وغير المشروط لـ "تل أبيب" والرياض، وأردفا أنَّه قد ينجح في مساعيه نسبةً لحاجة "إسرائيل" والسعودية لأميركا أكثر مما تحتاج الأخيرة لـ"تل أبيب" والرياض.