معركة أولي البأس

الخليج والعالم

مؤتمر عودة اللاجئين السوريين: القضية مفتعلة تتطلب تضافرًا دوليًا لحلها
11/11/2020

مؤتمر عودة اللاجئين السوريين: القضية مفتعلة تتطلب تضافرًا دوليًا لحلها

انطلقت أعمال المؤتمر الدولي حول عودة اللاجئين السوريين اليوم الأربعاء في قصر الأمويين للمؤتمرات بدمشق، وذلك بمشاركة عربية ودولية.

وأكد الرئيس السوري بشار الأسد في الكلمة الافتتاحية للمؤتمر أن قضية اللاجئين بالنسبة لسوريا هي قضية وطنية ونعمل بدأب من أجل تأمين عودة كل لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه لكن العقبات كبيرة، مشيرا إلى أنها "قضية مفتعلة، إذ خلقت أنظمة غربية بقيادة النظام الأمريكي والدول التابعة له في جوارنا وتحديدا تركيا ظروفا مفتعلة لدفع السوريين للخروج الجماعي من سوريا لتكون مبررا للتدخل في الشؤون السورية".

وتقدم الأسد بـ"الشكر للأصدقاء الروس على ما بذلوه من جهد كبير وعمل دؤوب لدعم انعقاد هذا المؤتمر، على الرغم من المحاولات الدولية لإفشاله "، كما شكر "الأصدقاء الإيرانيين على ما بذلوه من جهود في هذا الشأن وما قدموه من دعم حقيقي ساهم في التخفيف من وطأة الحرب وتبعات الحصار".

وتوجه الأسد بالشكر للدول التي استقبلت أبناء سوريا المهجرين واحتضنتهم وتقاسم أبناؤهم مع أبنائنا لقمة عيشهم وفرص العمل رغم المعاناة الاقتصادية في تلك البلدان، معتبرا أن "قيام عدد من الدول باحتضان اللاجئين انطلاقا من مبادئ إنسانية أخلاقية قابله قيام البعض الآخر من الدول في الغرب وفي منطقتنا أيضاً باستغلالهم أبشع استغلال من خلال تحويل قضيتهم الإنسانية إلى ورقة سياسية للمساومة".

وأكد أنه "إذا كانت قضية اللاجئين بالنسبة للعالم هي قضية إنسانية فبالنسبة لنا إضافة لكونها إنسانية فهي قضية وطنية، وقد نجحنا في إعادة مئات الآلاف من اللاجئين خلال الأعوام القليلة الماضية".

وقال الرئيس السوري إننا "نعمل بدأب من أجل عودة كل لاجئ يرغب بالعودة والمساهمة في بناء وطنه لكن العقبات كبيرة"، موضحا انه "بالإضافة للضغوط التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في الخارج لمنعهم من العودة، فإن العقوبات الاقتصادية اللاشرعية والحصار المفروض من قبل النظام الأمريكي وحلفائه تعيق جهود مؤسسات الدولة السورية التي تهدف لإعادة تأهيل البنية التحتية للمناطق التي دمرها الإرهاب".

وذكر أن "الأغلبية الساحقة من السوريين في الخارج باتوا اليوم وأكثر من أي وقت مضى، راغبين في العودة إلى وطنهم لأنهم يرفضون أن يكونوا "رقماً" على لوائح الاستثمار السياسي و"ورقة" بيد الأنظمة الداعمة للإرهاب ضد وطنهم".

ورأى الأسد أن "موضوع اللاجئين في سورية هو قضية مفتعلة، فتاريخ سورية ولقرون مضت يخلو من أي حالة لجوء جماعية، وعلى الرغم من أن سوريا عانت عبر تاريخها الحديث والقديم من احتلالات متتالية واضطرابات مستمرة حتى نهاية ستينيات القرن الماضي، إلا أنها بقيت هي المكان الذي يلجأ إليه الآخرون هرباً من الاضطرابات والأزمات المختلفة لا العكس".

الأسد قال: "لأن الظروف الموضوعية لا تدفع باتجاه خلق حالة لجوء كان لا بد من قيام الأنظمة الغربية بقيادة النظام الأمريكي والدول التابعة له في جوارنا وتحديدا تركيا بخلق ظروف مفتعلة لدفع السوريين للخروج الجماعي من سوريا، لتكون مبررا للتدخل في الشؤون السورية ولاحقا لتفتيت الدولة وتحويلها لدولة تابعة تعمل لمصالحهم بدلا من مصالح شعبها"، مشيرا إلى أن "نشر الإرهاب كان الطريق الأسهل والذي ابتدئ العمل به من خلال تأسيس تنظيم "داعش" في العراق عام 2006 برعاية أمريكية والتي انضمت خلال الحرب في سوريا إلى شقيقاتها كالإخوان المسلمين و"النصرة" وغيرها وقامت بتدمير البنى التحتية وقتل الأبرياء وشل الخدمات العامة ونشر الرعب ودفع السوريين للنزوح عن وطنهم".

وذكّر الرئيس السوري أنه "في العام 2014 عندما بدا أن الدولة السورية في طريقها لاستعادة الأمن والاستقرار، قامت تلك الدول بتحريك "داعش" الإرهابي بهدف تشتيت القوات المسلحة وتمكين الإرهابيين من جُزء كبير من الأراضي السورية والتي تم استعادةُ القسمِ الأكبر منها بفضل تضحيات جيشنا الوطني ودعم أصدقائنا"، مضيفا أن "هذا الدعم  كان له الاثرُ الكبيرُ بدحر الإرهابيين، وتحريرِ كثيرٍ من المناطق".

وشدد الأسد على اننا "نواجه اليوم قضية مركبة من ثلاثة عناصر مترابطة، أولا ملايين اللاجئين الراغبين في العودة وثانيا مئات المليارات من بنية تحتية مدمرة بنيت خلال عقود وثالثا إرهاب ما زال يعبث في بعض المناطق السورية"، مؤكدا أن "مؤسسات الدولة السورية تمكنت من التقدم خطوات مقبولة نسبة إلى إمكانياتها في التعامل مع هذا التحدي الكبير".

وأوضح انه "مع استمرار الحرب على الإرهاب قامت المؤسسات بتقديم التسهيلات والضمانات لعودة مئات الآلاف من اللاجئين إلى الوطن من خلال العديد من التشريعات، كتأجيل الخدمة الإلزامية لمدة عام للعائدين والعديد من مراسيم العفو التي استفاد منها من هم داخل الوطن وخارجه"، لافتا إلى أن "هذه الخطوات ستكون أسرع كلما ازدادت الإمكانيات وازديادها مرتبط بتراجع العقبات المتمثلة بالحصار الاقتصادي والعقوبات التي تحرم الدولة من أبسط الوسائل الضرورية لإعادة الإعمار وتؤدي لتراجع الوضع الاقتصادي والمعيشي".

كما أكد الأسد أن "هذا المؤتمر سيخلق الأرضية المناسبة للتعاون فيما بيننا في المرحلة المقبلة من أجل إنهاء هذه الأزمة الإنسانية التي سببها أكبر عدوان همجي غربي عرفه العالم في التاريخ الحديث"، ورأى أن "هذه الأزمة التي تلامس في كل لحظة كل منزل في سوريا ووجدان كل إنسان عادل في العالم ستبقى بالنسبة لنا كسوريين جرحا غائرا لا يندمل حتى يعود كل من هجرته الحرب والإرهاب والحصار".

لافرنتييف: حل أزمة اللاجئين يتطلب مشاركة المجتمع الدولي وتوقف بعض الدول عن تسييس هذا الملف

بدوره، أكد المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرنتييف، أن "هناك مساعيَ لخنق سوريا عبر طرق غير شرعيّة وغير إنسانيّة"، مشيرا إلى أن "عودة اللاجئين السوريين بحاجة إلى دعم كامل من المجتمع الدولي وتوقف بعض الدول عن تسييس هذا الملف".

وأشار لافرنتييف في كلمة له خلال المؤتمر الى أن "هناك من يمنع وصول المساعدات إلى اللاجئين السوريين وهذا نهج غير إنساني"، مضيفا أن "روسيا تقدم دعما متعدد الاتجاهات لسوريا باستمرار ونبذل جهودنا لضم عدد كبير من المنظمات المتخصصة للمشاركة باستعادة البنى الحيوية".

وهبة: غياب الارادة الدولية الجامعة والنوايا الصادقة يمنع عودة اللاجئين

من جهته، أمل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبة أن "يساهم المؤتمر في ايجاد الحل لازمة اللاجئين السوريين وأن يعود السلام الى كافة الربوع السورية وان يعود كل لاجئ الى ارضه وبلده"، معتبرا أن "غياب الارادة الدولية الجامعة والنوايا الصادقة يمنع عودة اللاجئين".

وأشار وهبة في كلمة له خلال المؤتمر الى أن "النزوح بات يشكل عبئا اقتصاديا واجتماعيا على لبنان"، مضيفا أننا "مطالبون بتكثيف الجهود الدولية لتأمين العودة الآمنة للاجئين الى سوريا وعدم ربطهم بالحل السياسي النهائي".

وناشد وهبة باسم لبنان، المجتمع الدولي لتبني الخطة التي وضعها لإعادة النازحين إلى أرضهم.

خاجي: لإنشاء صندوق دولي لاعادة اعمار سوريا

من جانبه، رأى كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني علي أصغر خاجي أن "قضية عودة اللاجئين لا تقتصر على أبعاد اقتصادية أو سياسية بل إن لها بعدا إنسانيا"، مضيفا أن "مشكلة اللاجئين هي نتيجة حرب فرضت على السوريين".

وأكد خاجي خلال كلمة له أن الجماعات الإرهابيّة المدعومة من أميركا تمنع النازحين من مغادرة مخيم الركبان، مشددا على أنه "لا ينبغي استغلال قضية اللاجئين كورقة لاستدرار الأموال".

وأضاف أن بعض الدول التي فشلت في سياساتها في سوريا تعاقب الشعب السوري عبر قانون قيصر، في وقت تشدد الإدارة الأميركيّة عقوباتها اللاإنسانيّة على سوريا على الرغم من مخاوف تفشي فيروس كورونا، وتابع أن "تدفق الإرهابيين المدعومين من عدد من الدول أدى إلى سفك الدماء والخراب وهجر ملايين السوريين إلى دول أخرى ويعيشون ظروفا صعبة للغاية".

خاجي ذكر أن إيران كانت ولا تزال تصر على أن حل الازمة السورية هو حل سياسي سلمي، مؤكدا اننا "على ثقة ان اعداء الشعب السوري لم ولن يحققوا أهدافهم".

وطالب المجتمع الدولي بمضاعفة المساعدات لسوريا والمشاركة في إعادة الإعمار لتسريع عودة النازحين، مقترحا "إنشاء صندوق دولي لاعادة اعمار سوريا".

قانون قيصر

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم