معركة أولي البأس

الخليج والعالم

أنقرة تذهب بعيدًا في انتهاكاتها للسيادة العراقية
13/08/2020

أنقرة تذهب بعيدًا في انتهاكاتها للسيادة العراقية

بغداد: عادل الجبوري

   لم يمر شهران على العمليات العسكرية البرية والجوية التركية في مناطق بشمال العراق تحت مسمى (مخلب النسر)، ادعت أنقرة أنها موجهة ضد حزب العمال الكردستاني المعارض(PKK)، حتى نفذت اعتداء آخر بطائرة مسيرة في منطقة سيدكان الحدودية، أدى هذه المرة الى استشهاد ضباط وجنود من قوات حرس الحدود.

   الحكومة التركية، كما هو دأبها قالت إنها استهدفت عناصر تابعين لحزب العمال يتخذون من الأراضي العراقية منطلقًا لهم لتهديد الأمن القومي التركي.

   رد الفعل العراقي، بدا هذه المرة أقوى من المرات السابقة، رغم أنه من المستبعد جدًا أن يتعدى المواقف النظرية الى الخطوات العملية نظرًا لحجم التعقيدات السياسية والأمنية في عموم المشهد العراقي، خصوصًا في اطار نطاق الحدود الادارية لاقليم كردستان الذي يتمتع بوضع اداري شبه مستقل، ويعاني من تقاطعات وخلافات سياسية حادة وظروف اقتصادية حرجة وصعبة للغاية.

   وبعد أن كان مقررًا في وقت سابق أن يأتي وزير الدفاع التركي خلوصي اكار الى بغداد، يوم الخميس، الثالث عشر من شهر اب-اغسطس الجاري، لبحث ومناقشة تواجد حزب العمال في العراق وكيفية التعاون والتنسيق بين بغداد وانقرة لانهاء ذلك الملف، سارعت الحكومة العراقية بعد عملية سيدكان التركية الى الغاء زيارة الوزير اكار، الى جانب خطوات اخرى، من بينها اصدار بيان شديد اللهجة من قبل الرئاسة العراقية ادانت فيه الخروقات العسكرية التركية المتكررة للأراضي العراقية، وعدّتها انتهاكات خطيرة لسيادة العراق، ومخالفة صريحة للقوانين والمواثيق الدولية وعلاقات حسن الجوار، في ذات الوقت الذي اعتبرت فيه ان الجلوس إلى طاولة الحوار والتفاهم لحل المشاكل الحدودية هو الخيار الافضل، بعيدا عن لغة القوة والتصعيد.

   كذلك سارعت الخارجية العراقية بعد اعلانها الغاء زيارة وزير الدفاع التركي لبغداد الى اصدار بيان، اعتبرت فيه "ان القصف التركي الاخير الذي تسبب بأستشهاد ضباط وجنود عراقيين، يعدّ خرقا لسيادة وحُرمة البلاد، وعملاً عدائيّا يخالف المواثيق والقوانين الدوليّة التي تنظم العلاقات بين الدول، كما يخالف مبدأ حسن الجوار الذي ينبغي أن يكون سببا في الحرص على القيام بالعمل التشاركي الأمني خدمة للجانبين".

   اضافة الى ذلك، شددت الخارجية العراقية على "رفض العراق القاطع  لاستخدام أراضيه مقرا أو ممرا لاحاق الضرر والاذى بأي من دول الجوار، كما يرفض أن يكون ساحة للصراعات وتصفية الحسابات لاطراف خارجية"، في ذات الوقت استدعت الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد فاتح يلدز وسلمته مذكرة احتجاج شديدة اللهجة.

   الى ذلك دعت حكومة اقليم كردستان العراق، في بيان صدر عن وزارة داخلية الاقليم ، كل من حزب العمال الكردستاني وتركيا أن ينقلا معاركهما وصراعاتهما إلى خارج أراضي إقليم كردستان والعراق، لكي لا يذهب المزيد من أبناء العراق ضحايا لذلك الصراع.

   ومعروف أن الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني يرتبط بعلاقات سيئة مع حزب العمال، في حين تؤكد مصادر وأوساط مختلفة انه يتعاون مع انقرة لملاحقة وضرب عناصر الحزب الذين يتحركون وينشطون في بعض المناطق الخاضعة لسلطة حكومة الاقليم.

 ويشير الناطق باسم وزارة البيشمركة في الحكومة المحلية بالاقليم الى أن الجيش التركي توغل في الأراضي العراقية مسافة تتراوح بين عشرين الى اربعين كيلومتراً، وانه منذ اندلاع القتال بين حزب العمال والحكومة التركية داخل الاقليم، تم إخلاء 519 قرية، منها 363 في محافظة دهوك و118 قرية في محافظة أربيل و40 قرية في محافظة السليمانية.

   في غضون ذلك، استنكر النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي، الاعتداءات التركية الأخيرة، عادا اياها انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية، من شأنه أن يلحق الضرر بالعلاقات التاريخية بين العراق وتركيا بشكل كامل.

   ودعا الكعبي مجلس الأمن الدولي إلى التدخل العاجل لوقف هذه الاعتداءات، معتبرًا تكرار التجاوزات التركية انتهاكًا صارخًا لجميع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

    وبينما أشادت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي بتحركات الحكومة ووزارة الخارجية، وشددت على "ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تكرار ما يحصل وبما يحفظ سيادة العراق وكرامته وفي مقدمتها تقديم شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي". أعلنت جامعة الدول العربية دعمها لأي تحرك تقوم به الحكومة العراقية على الساحة الدولية لوقف الاعتداء التركي، وجاء في بيان صادر عن الجامعة، ان الاخيرة تدين وتستنكر بأشد العبارات القصف التركي الاخير على منطقة سيدكان على الحدود التركية العراقية، وتعد ذلك انتهاكا سافرا لسيادة العراق ومبادىء ومواثيق القانون الدولي ومبدأ حسن الجوار.

 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم