معركة أولي البأس

الخليج والعالم

تونس: تغييرات قادمة على مستوى الحكم
13/07/2020

تونس: تغييرات قادمة على مستوى الحكم

تونس – روعة قاسم

بات من شبه المؤكد ان تونس قادمة على تغييرات جديدة في الحكم والمشهد السياسي، فكل السيناريوهات بشأن مصير حكومة الياس الفخفاخ واردة اليوم.

وبعد أن كانت مطالب حركة النهضة -الحزب الأول في تونس- تتركز أساسا على توسعة الحزام الحكومي مع الإبقاء على رئيس الحكومة واشراك حزبي قلب تونس وائتلاف الكرامة أصبحت الآن تطالب بتشكيل حكومة جديدة. 

مجلس شورى النهضة (وهو بمثابة برلمان الحركة) قرّر تكليف رئيس الحزب راشد الغنوشي بإجراء محادثات مع رئيس الجمهورية والأحزاب السياسية لتشكيل حكومة جديدة مضيفا في بيان أن الحزب يعتقد أن هذه الحكومة فقدت المصداقية بسبب شبهة تضارب المصالح لرئيس الحكومة.

يأتي ذلك فيما يشهد البرلمان التونسي أيضا معركة سياسية بين كتله وأحزابه، ومحور هذا الصراع هو رئيس البرلمان نفسه راشد الغنوشي وذلك بعد اتفاق بعض الكتل والأحزاب السياسية على سحب الثقة منه.  

وهذه الأحزاب هي تحيا تونس والتيار الديمقراطي وحركة الشعب والاصلاح الوطني وبعضها أحزاب مشارك في الحكومة . 

وهذا إن دلّ على شيء فإنه يدلّ على ان الائتلاف الحكومي الذي بُنيت عليه المرحلة الماضية وكان يهدف الى إحداث نوع من الاستقرار الحكومي والسياسي، بدأ يتلاشى اليوم وانهار أمام حدة الصراعات والانقسامات وهشاشة البيئة الحزبية في هذا البلد منذ الثورة.

اذاً الأمر لا يتعلق فقط بعدم تماسك الأحزاب وكثرتها، بل أيضا بانقسامها وتفتتها الى أحزاب صغيرة سرعان ما تتفتت هي أيضا، وتنقسم الى كتل وأحزاب جديدة، وهذا ما حصل مع حزب "نداء تونس" الذي كان فيما مضى من أكبر الأحزاب وأهمها وكان يقف ندا للند في وجه حزب حركة النهضة، ولكل منهما رؤيته للحياة السياسية داخليا وخارجيا، لكنه اختفى اليوم من الساحة السياسية ويكاد يكون غير موجود في البرلمان سوى بثلاثة مقاعد. 

اليوم يتكرّر السيناريو ولكن مع الائتلاف الحكومي الذي على أساسه تشكلت حكومة الفخفاخ، فقد دخلت الأحزاب المشاركة في الحكومة في صراعات شديدة سيكون من أهم نتائجها تغيير الحكومة بحسب عدد من المحللين والمتابعين . 

ويتخوف كثيرون في تونس من أن أية تغييرات قادمة في المشهد السياسي قد تؤثر على الوضع الاجتماعي والاقتصادي الصعب، فتواصل حالة عدم الاستقرار السياسي والحزبي يرمي بظلاله على المشهد العام والحياة اليومية للمواطنين، خاصة في ظل هذا الظرف الصعب الذي تشهد فيه البلاد أزمة اجتماعية واقتصادية مع تصاعد الاحتجاجات الغاضبة في الجنوب التونسي بسبب التهميش وارتفاع نسب البطالة فيها.

وفي الحقيقة، فإن العديد من المراقبين توقعوا أن يكون عمر حكومة الفخفاخ  قصيرا وانها لن تستمر لأكثر من بضعة أشهر، وهذا ما حصل فعليًا لأن حركة النهضة كانت قد وافقت على مضض على رئيس حكومة ليس من حزبها على الرغم من أنها حصلت على المرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية الأخيرة مما يخولها تشكيل حكومة، ولكن عدم فوزها بالأغلبية البرلمانية المطلقة يجعلها في كل مرة تبحث عن شركاء في تشكيل الحكومة لتأمين الحد المطلوب من النصاب القانوني لتمريرها أي 109 أصوات. 

وكثيرا ما تكون هذه التحالفات هشّة بسبب عمق الخلافات وتباين التوجهات بين مختلف الأحزاب التونسية، وهذا ما يجعل تلك التحالفات تتهاوى مع تجدد وعودة أول خلاف.    

ويحمّل البعض شكل النظام السياسي في تونس الذي وضع بعد الثورة، مسؤولية حالة عدم الاستقرار الحكومي " لأنه يفرض نصابا قانونيا مرتفعا لتشكيل الحكومة (أي 109 نواب  والنهضة تملك 53 مقعدا فقط). وكان الهدف آنذاك هو عدم استئثار حزب ما على المشهد السياسي خشية من عودة نظام الحكم الواحد بمظاهر وتشكلات جديدة، ولكن تبين بعد ذلك  وجود سلبيات عديدة لهذا النظام منها عدم الاستقرار السياسي . 

وهذا ما دفع أصواتاً عديدة للمطالبة بتغييره وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية نفسه قيس سعيد حيث أعلن عن ذلك صراحة في زيارته الأخيرة الى فرنسا، معتبرا ان هذا النظام هو سبب كل الأزمات الكبرى التي تعاني منها البلاد.
 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم