معركة أولي البأس

الخليج والعالم

ليبيا وخلط الأوراق من جديد
20/05/2020

ليبيا وخلط الأوراق من جديد

تونس – روعة قاسم

جاء إعلان حكومة الوفاق الوطني الليبية سيطرتها على قاعدة "الوطية" الجوية التي كانت خاضعة لسيطرة القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، لتثير العديد من التساؤلات والتأويلات حول موازين القوى الحالية على الأرض وتداعيات ذلك على المشهد السياسي الليبي وعلى أية تسوية قادمة.

ولئن اعتبر البعض  ما حصل نصرا لحكومة الوفاق وتراجعا لقوات حفتر ،  إلّا أن الأكيد أن دخول العديد من القوى على خط الأحداث الجارية في البلاد وفي مقدمتها تركيا من شأنه إعادة ترتيب الأوراق والمعادلات من جديد، لا سيما ان هذا التدخل ساهم في زيادة تأجيج لهيب المعارك بين أطراف الصراع في ليبيا، عوضا عن الجلوس الى طاولة مفاوضات واحدة والبحث بشكل سلمي عن حل ينهي معاناة الليبيين المستمرة طيلة السنوات الماضية. 

الأكيد ان وقوع قاعدة الوطية بيد اللاعب التركي يزيد من هيمنة انقرة على المنطقة خاصة انها تحاول ان تعوض الخسارة التي منيت بها في سوريا عبر إيجاد موطئ قدم لها في بلد عمر المختار، ليكون بوابة لتوسيع نفوذها في شمال افريقيا وبالتالي تحقيق مآربها ومصالحها السياسية والاقتصادية والأمنية في هذه المنطقة. 

 الإعلان عن سقوط  قاعدة الوطية الجوية المهمة كان متوقعا، بالنظر الى حجم الضربات الكثيفة التي شنتها طائرات من غير طيار التركية منذ الشهر الماضي وكانت تستهدف بشكل يومي امدادات السلاح ومخازنها داخل هذه القاعدة.  

والجدير بالذكر أن لهذه القاعدة أهمية جيوسياسية كبيرة وهو الأمر الذي يسيل لعاب الأتراك من أجل السيطرة عليها، أهمها انها احدى أكبر القواعد الجوية في ليبيا، بمساحة تصل إلى 50 كلم مربع ويمكنها استضافة 7 آلاف عسكري في مرافقها،  ومن يسيطر على هذه القاعدة فانه سيُخضع المنطقة الممتدة من طرابلس غربا الى معبر راس جدير الحدودي مع تونس تحت سيطرته.

ويرى مراقبون أن قرار حفتر سحب  قواته من قاعدة  الوطية الجوية كان  لأسباب عدة  اولها  اكتشاف "خيانات" وانسلاخات في صفوف قواته،  إضافة الى كثافة الغارات الجوية  من  الطيران المسير التركي لفترة شهر كامل إضافة الى  القصف الصاروخي من البوارج التركية المتواجدة  ما بين زوارة  والزاوية. 

ولفت المراقبون  الى ان حكومة السراج بهذا التصعيد العسكري توسع نفوذها بالغرب  الليبي وتعطي رسالة واضحة للخارج والداخل. ويذهب البعض الآخر الى التأكيد ان التصعيد العسكري الراهن سوف يؤجل الحل السياسي المرتقب. 

وقد جوبه دخول أطراف دولية ومنها تركيا الى الساحة الليبية، بانتقادات متزايدة بشأن خلفيات هذا الدور التركي المشبوه خاصة انه يساهم في تأجيج معركة طرابلس المؤجلة.

فرغم تحذيرات المجتمع الدولي ورغم تنديد ورفض شرائح ليبية واسعة لهذا التدخل، الا ان التواجد العسكري التركي مستمر. ويؤكد العديد من التقارير ارسال اردوغان لمقاتلين من سوريا الى جبهة القتال في ليبيا.

واليوم تجدد الأمم المتحدة دعوتها للأطراف الليبية الى العودة لطاولة المفاوضات ووقف كل العمليات القتالية، الا ان التسارع الدراماتيكي للأحداث ينبئ بتفجر الوضع أكثر وان معركة طرابلس تقترب، فيما تتضاءل الآمال بقرب التسوية السياسية .

 

إقرأ المزيد في: الخليج والعالم