الخليج والعالم
رغم خطر "كورونا" ...المعارك تحتدم مجددًا في ليبيا
روعة قاسم
استطاع فيروس "كورونا" أن يجمّد العالم برمته، وأن يشلّ كبرى اقتصاداته محولا مناطق بأكملها الى مدن أشباح تخلو شوارعها من الحركة. مع تفشي هذا العدو الخفي في كل دول العالم وقفت الإنسانية عاجزة حتى الآن عن كبح جماحه وإيقاف النزيف المتواصل وخسارة الأرواح، لكن يبدو ان هذا الفيروس لم يستطع ان يجمّد الحرب الليبية او يوقفها.
وعلى الرغم من أن الإعلان عن اول إصابة في ليبيا بموازاة تفشي الوباء في دول الجوار مثل تونس والجزائر والمغرب، الا ان ذلك لم يمنع المتصارعين في هذا البلد من الاستمرار في معاركهم التي تدور في أحيان كثيرة لصالح الأطراف الخارجية.
أمس، اندلعت المعارك مجددا حول طرابلس بعد قصف مكثف على العاصمة الليبية، فيما أعلن رئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فائز السراج اليوم الخميس انطلاق عملية "عاصفة السلام" العسكرية.
وقال السراج "إننا حكومة شرعية مدنية تحترم التزاماتها تجاه المجتمع الدولي، لكنها ملتزمة قبل ذلك تجاه شعبها وعليها واجب حمايته، في سياق حق الدفاع المشروع عن النفس وفي حدود القانون الدولي".
ويرى بعض المحلّلين أن تحرك حفتر ربما له علاقة بإمكانية عودة إرهابيين قاتلوا في سوريا عبر الأراضي التركية خلال عمليات الاجلاء الأخيرة التي تمت للعالقين التونسيين في تركيا مع صعوبة التفريق في ظل المخاوف من كورونا بين المواطن التونسي العادي وبين من كان يقاتل الى جانب الجماعات الإرهابية في سوريا، وكذلك المخاوف من فرضية عودة هؤلاء الإرهابيين المقاتلين في سوريا الى ليبيا عبر المنافذ البرية التونسية الحدودية مع ليبيا للانضمام للقتال الى جانب الجماعات الإرهابية في بلد عمر المختار.
وتدور الآن معارك كرّ وفرّ بين حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليا وبين قوات شرق ليبيا أو ما يسمى بالجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، والذي أعلن سيطرته على قاعدة جوبة غرب طرابلس، فيما شنت قوات موالية لحكومة الوفاق هجوما على قاعدة الوطية الجوية، التي تبعد 125 كيلومترا إلى الغرب من طرابلس وهي أقرب منشأة من هذا النوع إلى العاصمة ويسيطر عليها الجيش الوطني الليبي، مما أدى إلى اشتباكات عنيفة.
وأثار الهجوم الجديد ردود فعل عديدة داخلية وخارجية، فقد تسبب في هلع شرائح ليبية واسعة خشية من تدهور الوضع، اما خارجيا فقد أدانت الأمم المتحدة أعمال العنف داعية الى الالتزام بالهدنة من اجل مكافحة وباء كورونا.
ويبدو ان الخوف العالمي من تفشي جائحة كورونا لم يجد له مكاناً لدى فرقاء الصراع في ليبيا، فالمعلوم ان هناك حربا شرسة تجري منذ أشهر للسيطرة على العاصمة طرابلس بين الجيش الليبي بقيادة حفتر وبين حكومة الوفاق، وجاء التدخل التركي الأخير على خط الأزمة مع ارسال أنقرة مرتزقة الى الأراضي الليبية ليؤجج من حدة الوضع ويضع البلاد وجها لوجه أمام خطر التوغل التركي في بلاد عمر المختار.
هذه المعارك المحتدمة حول طرابلس ستزيد اليوم من صعوبة الأوضاع في هذا البلد وستحدّ من قدرات الليبيين على مواجهة الوباء خاصة في ظل هشاشة المنظومة الصحية الليبية المتضررة بسبب الحرب، والتي تبدو غير قادرة اليوم على مواجهة انتشار الوباء في صفوف الليبيين اذا حدثت العدوى الافقية. كل السيناريوهات اليوم واردة بالرغم من الإجراءات التي اتخذتها السلطات الليبية سواء في الغرب او الشرق لمنع تفشي الوباء وانتقاله للأراضي الليبية خاصة مع تسجيل اول إصابة بالفيروس لليبي قادم من السعودية.
وكانت حكومة الوفاق الوطني الليبية قد أعلنت حظر التجول في البلاد منذ الأسبوع الماضي ابتداء من الساعة السادسة مساء وحتى الساعة السادسة صباحا بالتوقيت المحلي، لمواجهة خطر انتشار كورونا المستجد. ونص القرار على "إقفال تام على مدار اليوم للمساجد والمؤسسات التعليمية والمقاهي والمطاعم وصالات المناسبات والمتنزهات والنوادي"، إلى جانب "منع إقامة المآتم والأفراح واستخدام وسائل النقل الجماعي"، ويبدو ان هذا القرار تستثنى منه العمليات العسكرية المتواصلة دون توقف .